هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جاء الإعلان الأمريكي المفاجئ بانسحاب قواتها
من شمال سوريا في ظل الحشد التركي قبالة تلك المناطق لتنفيذ عملية عسكرية ضد
الوحدات الكردية المتحالفة مع واشنطن.
وينظر إلى تركيا على أنها إحدى الأطراف
المستفيدة من الانسحاب الأمريكي وترك الوحدات الكردية التي تصنفها أنقرة منظمات
إرهابية دون دعم في ظل تلويحها بالهجوم عليها.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار توعد أمس الأربعاء
مسلحي وحدات "حماية الشعب" الكردية الموجودة شرقي الفرات.
اقرأ أيضا: بعد القرار الأمريكي المفاجئ بالانسحاب.. ما مصير "قسد"؟
وفي كلمة له أمام القوات التركية بقيادة القوات
المشتركة القطرية التركية في العاصمة القطرية الدوحة، قال أكار إن المسلحين في
منطقة شرقي الفرات بسوريا "سيدفنون في خنادقهم التي حفروها في الوقت المناسب".
وأشار إلى أن "ثمة حفرا وأنفاقا تم حفرها
في منبج وشرق الفرات لكنها لن تقف حائلا أمام عزم تركيا القضاء على بؤر الإرهاب
هناك فليدخلوا إلى باطن الأرض إذا شاؤوا، عندما يحين الوقت المناسب، حتما سيتم دفن
هؤلاء الإرهابيين في حفرهم".
وتابع الوزير التركي: "أمامنا الآن منبج
وشرقي الفرات ونعمل بشكل مكثف في هذا الخصوص".
وتثار تساؤلات حول إلى أي مدى ستستفيد أنقرة من
الخروج الأمريكي وترك تلك الساحة التي ترغب العديد من الأطراف شغلها خاصة النظام
السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون.
انتظار وحذر
أستاذ العلوم السياسية التركي الدكتور برهان
كورأوغلو، قال: إن الانسحاب الأمريكي "بالتأكيد أمر إيجابي لتركيا، لكن أنقرة
تنتظر النتيجة النهائية قبل إعلان موقفها".
وأوضح كورأوغلو لـ"عربي21" أن
واشنطن "أعلنت رغبتها بالانسحاب مرارا من المنطقة، وفي كل مرة تتراجع، وتركيا
تنظر بحذر إلى الإعلان الأمريكي، ولا تريد التسرع بإطلاق موقف مؤيد أو منتقد له،
لأنها بانتظار ما سيجري للوحدات الانفصالية هناك".
وشدد على أن سحب أسلحة الوحدات الكردية
وإخراجها من المنطقة بالتأكيد "سيعود بشكل إيجابي على تركيا وأمن حدودها، خاصة
وأنها حصلت على تسليح جيد من واشنطن طيلة الفترة الماضية".
ولفت كورأوغلو، إلى أن هذا السلاح اليوم "بات
قادرا على ضرب قوات الجيش الحر، المتعاونة مع تركيا، وحتى ضرب الأراضي التركية،
والمطلوب من أمريكا اليوم، إنهاء هذه الحالة ووجود هذه القوات، لأن مبرر داعش
انتهى".
لكنه في المقابل قال: "إن تم الانسحاب
بالكامل وأبعدت تلك الوحدات المسلحة، فإن لذلك انعكاسات إيجابية على العلاقات بين
واشنطن وأنقرة، ليس على صعيد الملف السوري فحسب، بل في العديد من الملفات، لكننا
نريد شيئا ملموسا على الأرض".
ربح وخسارة
من جانبه قال المحلل العسكري العقيد أحمد
الحمادي، إن "حظوظ تركيا اليوم بالربح والخسارة باتت متساوية بعد إعلان ترامب
المفاجئ".
وأوضح الحمادي لـ"عربي21" أن
الانسحاب إذا لم يكن مقننا ومتفقا عليه ودون ترك الساحة لقوة مسيطرة عليها
فالتوقعات أن تدخل تركيا سريعا لمنبج ومناطق شرقي الفرات الحدودية بعرض وعمق معقول
لكونها مناطق مهمة للأمن التركي.
ولفت إلى أن "حشود تركيا جاهزة على
الحدود، وتنتظر إشارة البدء للعملية، التي تعد ركيزة للأمن القومي التركي، وتريد
أنقرة القيام بها لإبعاد تنظيمات إرهابية عن حدودها".
بالمقابل رأى العقيد الحمادي أن "القوات
الروسية والنظام والمليشيات الإيرانية، التي تراها موسكو شرعية، تراقب الوضع وترغب
بدخول المنطقة، وتسعى روسيا لتطبيق مع حصل في الجنوب على المناطق الشمالية، عبر
تأمين الحدود بضمانتها وإنهاء ذريعة دخول تركيا، وهناك العديد من السيناريوهات
التي يمكن أن تجري لترتيب المنطقة أمنيا، بما يخدم المطلب التركي لتأمين
الحدود".
اقرأ أيضا: هل انتهى وجود تنظيم الدولة عمليا في سوريا؟
وشدد على أن انسحاب أمريكا، وحلول قوات
النظام وغيرها في الشمال، "لا ينهي المشكلة بالنسبة لتركيا، فالمطلوب التخلص
من تلك التنظيمات التي حصلت على تسليح جيد، وتعتبرها تنظيمات إرهابية".
وقال الحمادي: إن وجود أمريكا هناك "لم
يكن عبر قوة قتالية، لأن العديد الموجود لم يكن ليصد أي هجوم، لكن الوجود كان
سياسيا، لمنع أي قوة بتلك المنطقة، وارتبط باستراتيجية القضاء على داعش وانحسار
النفوذ الإيراني بسوريا".
لكنه أكد أن العملية التركية "لا مفر
منها لطرد تلك المليشيات، وتدمير سلاحها كما حصل مع داعش، لكن يطرح سؤال بشأن
موسكو التي كانت مؤيدة للعملية قبل الانسحاب، هل ستبقى تؤيده بعد خروج
أمريكا؟".