ملفات وتقارير

ما حقيقة وقف التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل؟

الاحتلال قرر وقف التنسيق الأمني مع أمن السلطة في ضواحي القدس المحتلة- جيتي
الاحتلال قرر وقف التنسيق الأمني مع أمن السلطة في ضواحي القدس المحتلة- جيتي

لا تزال تداعيات تصاعد العمليات الفدائية في الضفة الغربية، تلقي بآثارها السياسية والأمنية على الواقع الإسرائيلي، الذي تلقى ضربة مزدوجة بتنفيذ عمليتين في آن واحد أوقعتا قتيلين إسرائيليين وجرح فيهما آخرون في يوم واحد.

وبالرغم من استمرار حالة التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية المحتلة وجيش الاحتلال إلا أن العام الجاري شهد تنفيذ 4367 عملية للمقاومة، أودت لمقتل 14 إسرائيليا وإصابة 170 آخرين، وفقا لمركز القدس للدراسات الإسرائيلية.

وأثارت صور تسيير الجيش الإسرائيلي لدورياته في قلب مدينة رام الله وبالقرب من المؤسسات السيادية للسلطة الفلسطينية دون مرافقة أجهزة أمن السلطة لها لحماية هذه المقرات، كما جرت العادة في حالات سابقة، تساؤلات عن حقيقة وقف التنسيق الأمني بين الجانبين.

في حين قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) تمير هايمن، إن "إسرائيل لن تشهد استقرارا أمنيا في الضفة الغربية دون التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وتعزيز ذلك بتسهيلات اقتصادية للحفاظ على المؤسسات الفلسطينية".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يقرر وقف التنسيق الأمني مع السلطة في شرق القدس

ويأخذ التنسيق الأمني عدة أشكال من بينها تسيير دوريات عسكرية فلسطينية وإسرائيلية معا لضبط الأمن داخل المناطق الفلسطينية، عبر ملاحقة سلاح المقاومة واعتقال من يشتبه بوجود نوايا لديهم لتنفيذ عمليات ضد الطرف الإسرائيلي.

خطوات أحادية الجانب

وفي ضوء ذلك أشار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، إلى أن "التنسيق الأمني مع إسرائيل لم يتوقف بشكل رسمي رغم وجود توصيات من المجلس المركزي بذلك، ولكن إسرائيل بعد العمليات الأخيرة قررت اتخاذ خطوة من طرف واحد بالدخول للمناطق الفلسطينية للبحث عن المطلوبين أو المشتبه بهم، دون أن يتم التنسيق مع الطرف الفلسطيني لتنفيذ هذا الإجراء".

ونوه زكي في حديث لـ"عربي21" إلى أن "هنالك نوعين من التنسيق مع الاحتلال، الأول وهو التنسيق المدني وتديره الإدارة المدنية الفلسطينية ويهدف إلى تذليل العقبات وإزالة المعيقات التي تخص المواطنين الفلسطينيين والذين لديهم مصالح في الطرف الإسرائيلي، كإجراءات السفر للعلاج أو العمل داخل مناطق 48، وهذا المستوى من التنسيق معمول به منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولم يتأثر بالظروف السياسية".

وتابع: "أما النوع الثاني من التنسيق الأمني فهو إجراء يهدف لحفظ الأمن في المناطق المشتركة، وهو محكوم باتفاقات ومعاهدات أبرمت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل كجزء من اتفاق أوسلو؛ ولكن منذ توقف مفاوضات التسوية في العام 2014، قررت إسرائيل اتخاذ خطوات أحادية الجانب فيما يتعلق بهذا الملف دون احترام الطرف الفلسطيني، وهذا ما دفع بالرئيس محمود عباس إلى التهديد بوقف التنسيق الأمني كرد على هذه الاستفزازات الإسرائيلية".

 

اقرأ أيضا: تعليقات فلسطينية غاضبة وساخرة من "عقيد البناشر" (شاهد)

تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال قرر في 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وقف التنسيق الأمني مع أمن السلطة في منطقة ضواحي القدس المحتلة الواقعة خلف جدار الفصل العنصري ردا على اعتقال السلطة لمواطن مقدسي متهم بتسريب العقارات لصالح جمعيات استيطانية.

وهددت السلطة العام الجاري بوقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، وصدرت توصيات من المجلس المركزي للجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني وتعليق الاعتراف بإسرائيل، في ضوء توتر العلاقات بين الطرفين.

التحكم الإسرائيلي

إلى ذلك أشار أستاذ العلوم الأمنية والعسكرية، خضر عباس، إلى أن "قيمة السلطة مستمدة من ارتباطاها بالتنسيق الأمني مع الطرف الإسرائيلي، وهذا يعني أن اتخاذ أي خطوة في هذا الملف من الطرف الفلسطيني سيكون بمثابة حل السلطة وانهيارها والعودة إلى الوضع ما قبل العام 1993".

وأضاف الخبير العسكري لـ"عربي21": "استطاعت إسرائيل تحديدا منذ العام 2007 أن تؤسس لمرحلة جديدة في إدارتها لملف التنسيق الأمني حتى لا يخضع لأي ابتزازات من قبل السلطة، وذلك من خلال التنسيق والتواصل بين ضباط وعدد من مدراء الأجهزة الأمنية بشكل شخصي بهدف التعاون المشترك في ملف ملاحقة المتورطين والمشتبه بهم في تنفيذ عمليات فدائية ومنحهم مقابل ذلك امتيازات مالية ونثريات وجولات سفر خارجية".

 

اقرأ أيضا: "المركزي الفلسطيني" يعلق الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني


وتابع: "ما يؤكد هذه الفرضية أن السلطة رغم اتخاذها لقرار بوقف التنسيق الأمني في هذا العام إلا أنها لم تستطع التحكم في منع وصول قوات جيش الاحتلال إلى قلب مدينة رام الله، وهذا بسبب انسحاب قوات الأمن الفلسطينية".

في حين يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، أن "التنسيق الأمني هو مصلحة أمنية إسرائيلية بالدرجة الأولى، وهذا ما يدفعها إلى اتخاذ ما يحلو لها من إجراءات لتحقيق هذا الهدف، حتى لو كان ثمنه التنصل من الاتفاقيات المبرمة مع السلطة بشأن التنسيق والتواصل قبل الدخول إلى المناطق الفلسطينية".

وأضاف قاسم لـ"عربي21" أن "قرار إسرائيل بتجميد التنسيق الأمني في ضواحي القدس، هو شكل من أشكال التحكم الإسرائيلي في ملف التنسيق الأمني".

التعليقات (0)