هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث مركز بحثي إسرائيلي عن واقع ومستقبل المشروع النووي السعودي المدني، والمخاوف والمحاذير الإسرائيلية من تطوير هذا المشروع لأغراض عسكرية.
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده أفرايم أسكولاي ويوئيل جوجنسكي، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وضع في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي حجر الأساس لإقامة أول مشروع مفاعل نووي بحثي.
ولفت إلى أن "اهتمام المملكة التي تفتقد لقدرات حقيقية في المجال النووي ليس جديدا، مثلما هي المخاوف من توجه السعودية نحو الجانب النووي العسكري"، مستشهدا بتصريح ولي العهد، الذي أكد فيه أنه "إذا ما اكتسبت إيران قدرة نووية عسكرية، فالمملكة ستكتسب قدرة مشابهة".
وذكر المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان: "نظرة عليا"، أن "إقامة مفاعل نووي بحثي لا يشكل شرطا مسبقا لإقامة مفاعلات توليد قوة واسعة النطاق، وهي خطوة مفهومة من جانب دولة فقيرة في البنى التحتية؛ البشرية والتكنولوجية".
وبين أن هذه الخطوة "تسبب القلق، حال تبين أن هدفها إعداد بنية تحتية لإنتاج البلوتونيوم من الوقود النووي الذي سيستخدم في المفاعل البحثي"، منوها بأنه "من المعقول أن تطلب واشنطن أن يشغل المفاعل بوقود مخصب لدرجة 20 بالمئة؛ وهذا يمنع استخدام الوقود لفصل البلوتونيوم، ويمنع بث اليورانيوم الطبيعي لإنتاج البلوتونيوم منه".
وكشف أن "قدرة المفاعل ستكون متدنية جدا؛ نحو مئة كيلو واط، بمستوى يسمح بالبحث وليس لإنتاج البلوتونيوم بكميات ذات مغزى"، موضحا أن "مفاوضات التعاون في المجال النووي بين واشنطن والسعودية وصلت لطريق مسدود في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما؛ بسبب رفض المملكة التنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، القادر على أن يشكل وقودا نوويا لمشروع مفاعلات توليد الطاقة".
ولكن إدارة الرئيس دونالد ترامب "تفكر بالسماح بالتخصيب في السعودية ضمن قيود"، لافتا إلى أن بعض المعارضين في واشنطن المتخوفين من "نوايا المملكة في المجال النووي، يسعون لتجميد المفاوضات السرية مع الرياض عقب قتل جمال خاشقجي والتدخل السعودي في اليمن".
ورجح المركز البحثي أن "تشهد المفاوضات النووية صعوبة كبيرة بين الجانبين (خلال الفترة القادمة)؛ نظرا لأن الكثير من المشرعين في أمريكا يسعون لإعادة تقويم منظومة العلاقات مع الرياض".
ونوه بأن لدى السعودية مشروعا نوويا طموحا جدا، لبناء ما لا يقل عن 16 مفاعلا نوويا، وتلقت الرياض اقتراحات من شركات في أمريكا والصين وروسيا وفرنسا وكوريا الجنوبية، لبناء أول مفاعلين قرب الحدود مع الإمارات، مشيرا إلى أن شركة الكهرباء الكورية الجنوبية لديها "فرصة كبيرة لبناء المفاعلات السعودية".
ورغم حاجة السعودية للطاقة النووية استجابة لمطالبها المتعاظمة من الطاقة، إلا أن "الدافع الرئيس في هذا الوقت للتطوير النووي هو دافع أمني، إضافة للمكانة"، وفق المركز الإسرائيلي الذي رأى أن "التهديد المبطن في تحريك المشروع ربما يستهدف ممارسة الضغط على واشنطن والأسرة الدولية؛ لتشديد الضغط على إيران؛ لمنعها من الحصول على سلاح نووي".
وأضاف: "كما أن الإعلان عن بناء المفاعل في هذا التوقيت يوجد له بعد داخلي يرتبط بمكانة ابن سلمان ورغبته في تثبيتها، لا سيما على خلفية قضية خاشقجي".
وأشار إلى أن الإمارات التي أكملت في نيسان 2018 بناء أول مفاعل نووي مدني، وتعهدت بعدم تخصيب اليورانيوم، مقابل تلقي مساعدة نووية دولية ضرورية، حظي هذا المستوى بلقب "منسوب الذهب" لنظام منع الانتشار النووي، ولكن السعودية غير مستعدة لقبوله".
وبالنسبة للرقابة على البرنامج النووي السعودي، "وقعت الرياض على اتفاق منع انتشار النووي، وعلى اتفاق الرقابة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا إن هذا الاتفاق ليس شاملا، وهي لم توقع على البروتوكول الإضافي الذي يوسع صلاحيات الرقابة. أما الاتفاق الحالي، فيلزمها بالقليل جدا، وهو واجب التغيير في كل الأحوال، مع بدء إقامة أول مفاعل".
واعتبر أن "الاتفاق مع إيران، في حال بقي على حاله، سيمنح السعودية عقدا من السنين تتمكن فيه من تطوير مشروعها النووي المدني"، مضيفا: "وفي المدى القصير، إذا انطلقت إيران نحو سلاح نووي، يحتمل أن يكون لدى السعودية رد ما على شكل الباكستان، التي من شأنها أن تساعد الرياض في مجال السلاح النووي".
وفي ظل هذا الوضع، زعم المركز أن "إسرائيل تقف أمام معضلة؛ فمنح شرعية -وإن كانت بالصمت- لقدرة تخصيب في السعودية، من شأنه أن يجر انهيارا متتابعا للانتشار الإقليمي، في حال طلبت الأردن ومصر وتركيا هذا الحق".
وتابع: "في كل الأحوال، إذا قررت الرياض في المستقبل الحصول على قدرة نووية عسكرية، فالمشروع النووي المدني المخطط له اليوم، من شأنه أن يسمح بمسار قصير نحوها"، لافتا إلى أنه "من مصلحة تل أبيب أن تكون واشنطن هي الملتزمة بمنع الانتشار النووي، وليس الصين أو روسيا، التي من الممكن أن تحظى بحق الوصول للسوق النووي السعودي".
وهنا "من المعقول أن تضغط الولايات المتحدة لمنح الرخصة لكوريا التي ستبني مفاعلات توليد الطاقة، وهكذا ستتمكن واشنطن من أن تبقى على علم بما يجري في السعودية، وتحظى برافعة تأثير أخرى هناك، تقلص من القدرة والدافعية لدى الرياض لتطوير قدرات نووية سرية".
وحول الشركة التي ستنتج مفاعل البحث السعودي، بين المركز أن "هناك مصادر عديدة محتملة، بدءا بأمريكا ومرورا بالعديد من الدول مثل فرنسا، وروسيا، والصين، والأرجنتين، وباكستان"، مؤكدا أن "مورد المفاعل سيقرر بقدر غير قليل ما هي غايته".
ونبه بأن "السعودية لن تنجح في استكمال المشروع النووي القادر على الديمومة دون مساعدة مكثفة من الخارج"، مؤكدا أن "ترامب يسعى للحفاظ على علاقاته مع الرياض، ويرى أمام ناظريه مصالح الصناعة النووية الأمريكية التي توجد في محنة".
وهنا "يجدر بإسرائيل التي تتقاسم مصالح لا بأس بها مع الرياض وتتعاون معها -وفق تقارير- أن تعمل في واشنطن على منع إعطاء السعودية قدرة تخصيب غير محدودة، كي تكون الصفقة بينهما قريبة قدر الإمكان من منسوب الذهب".