ملفات وتقارير

تحقيق صحفي إسرائيلي من السودان

بيرس: التقارب السوداني الأمريكي على حساب إيران هو أحد العناصر المؤثرة في أي تحسن لعلاقاتها مع إسرائيل- جيتي
بيرس: التقارب السوداني الأمريكي على حساب إيران هو أحد العناصر المؤثرة في أي تحسن لعلاقاتها مع إسرائيل- جيتي

أعدت الصحفية الإسرائيلية تمار بيرس تقريرا صحفيا من داخل السودان، بالتزامن مع أحاديث إسرائيلية متواترة عن جهد تبذله تل أبيب لتحسين علاقاتها مع الخرطوم، رغم نفي الأخيرة.


وقالت بيرس، وهي محاضرة ومترجمة، وسبق لها أن زارت العديد من الدول المعادية لإسرائيل، من بينها أفغانستان والصومال والشيشان وتشاد وعمان والكونغو، في تقريرها لصحيفة هآرتس الذي ترجمته "عربي21" إن "الدولتين، السودان وإسرائيل، تعتبران نفسيهما معاديتين بصورة رسمية، لكن الجهود المبذولة لترتيب هذه العلاقات قد تغير هذا الواقع القائم منذ عقود".


وأضافت بيرس، وهي تتقن العبرية والإنجليزية والهندية والأردوية والعربية، أن "زيارة رئيس تشاد لإسرائيل أعادت من جديد طرح مسألة العلاقات الإسرائيلية السودانية وباقي الدول الإسلامية، فمن الناحية الرسمية تعتبر السودان أن إسرائيل دولة معادية، ولذلك فإن سياحا يحملون جوازات سفر إسرائيلية يصعب عليهم دخول الخرطوم، وقسم من اللاجئين السودانيين الذين يعودون من إسرائيل مؤخرا لإقليم دارفور، يخضعون لتحقيقات من قبل المخابرات السودانية؛ خشية أن يكون تم تجنيدهم لصالح الموساد الإسرائيلي للتجسس على الدولة السودانية".


وأوضحت أن "توتر علاقات البلدين لا يعود فقط للقضية الفلسطينية، وإنما بسبب تورط إسرائيل في الحروب الأهلية التي شهدتها السودان مع المتمردين في الجنوب، ممن قاتلوا الخرطوم بسلاح إسرائيلي، لكن في ظل التطورات العالمية، فإن العلاقات الثنائية بين الخرطوم وتل أبيب قد تتغير، فالتقارب السوداني الأمريكي على حساب صديقتها السابقة إيران، هي أحد العناصر المؤثرة في أي تحسن لعلاقاتها مع إسرائيل".


وختمت بالقول إن "هناك من سيبارك هذه الخطوة، وهناك من سيخشى من نشوء ما يمكن وصفه تحالفا بين إسرائيل وأحد أخطر الحكام في أفريقيا، لكن التطورات العالمية هذه مكنت من حدوث زيارتي هذه، والعودة من خلال رحلة برية من الخرطوم إلى تل أبيب عبر سيارة إلى القاهرة، وربما في المستقبل يصبح خط السير إلى هناك طبيعيا وعاديا، وأقل صعوبة".


الجنرال يعكوب عميدرور الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي قال، إن "التوجه الإسرائيلي يكمن بالمحافظة على العلاقة مع القارة الأفريقية، لأنه في بداية تأسيسها سعت إسرائيل لزيادة علاقاتها مع الدول الأفريقية، انطلاقا من تفاهمات أيديولوجية ومساعدات للدول التي تحررت من الاستعمار الكولونيالي الغربي".

 

اقرأ أيضا: السودان ينفي "زيارة نتنياهو" ويؤكد تمسكه برفض التطبيع

وأضاف في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن "استراتيجية إسرائيل باتت واضحة لتقوية العلاقات مع الدول البعيدة جغرافيا عنها، في محاولة للالتفاف على الحصار الإقليمي الذي فرض عليها من أعدائها، لكن في معظم الأحيان لم تصمد طويلا هذه العلاقات مع الدول الأفريقية بسبب الضغوط التي مارستها الدول العربية".


وأوضح أنه "منذ سنوات قليلة آن أوان التغيير، فقد وقعت إسرائيل سلسلة اتفاقيات سياسية وعلاقات رسمية مع مصر والأردن، والسنوات الأخيرة تطورت الاتصالات مع دول ليس بينها وبين إسرائيل علاقات رسمية، بعضها تتم تحت الطاولة، لكنها سرعان ما ظهرت للعلن، ومنها السعودية التي مكنت شركة طيران هندية من التحليق في أجوائها للوصول لإسرائيل".


وأشار إلى أنه "مع مرور الوقت بات الإسرائيليون يتجولون في دول الخليج العربي، وهناك تسريبات تتحدث عن تعاون عسكري بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وهناك بعض رجال الإعلام الإسرائيلي يقيمون في دول الخليج والسعودية من أجل تحسين علاقات الطرفين".


وأكد أن "كل هذه إشارات تؤكد أن إسرائيل تنتقل من قفزة لأخرى في مجال تحسين علاقاتها مع الدول العربية في المنطقة، وفي الوقت ذاته حاولت إسرائيل إيجاد جسور إضافية لتحسين علاقاتها مع دول أفريقيا، مع أن استثمار مئة مليون دولار في أفريقيا أفضل لها من الاقتصار في علاقاتها معها على صفقات السلاح، لأن الاستثمار في الأموال يعيد علاقاتنا مع الأفارقة لبدايات عهد تأسيس الدولة من العلاقات الوردية".


وأوضح أن "العلاقات الإسرائيلية الأفريقية تضمن تقديم مساعدات لتحسين أوضاع تلك القارة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والعسكري وباقي المجالات، في ظل أن إسرائيل لديها شبكة مصالح مكونة من عدة محاور في علاقاتها الأفريقية، أولها المصلحة السياسية لكسب أصوات الدول الأفريقية في التصويت بمؤسسات الأمم المتحدة، فأفريقيا فيها 54 دولة وفي حال صوتت جميعها بجانب إسرائيل، أو على الأقل امتنعت عن التصويت ضدها، فإن ذلك يحسن وضع إسرائيل في الساحة الدولية".


وأضاف أن "هناك المصلحة الاقتصادية، فأفريقيا سوق منفتح ومتطور، وتفسح المجال للشركات الإسرائيلية للتجارة، وهناك فرص متاحة لإسرائيل للاستثمار فيها، وفي إسرائيل هناك قسم التعاون الدولي "مشاف" بوزارة الخارجية التي تشرف على تقديم المساعدات للدول الخارجية من خلال تقويتها، وبذل المزيد من الجهود، ومنحها أولوية إضافية".


وختم بالقول بأن "زيارة رئيس تشاد إلى إسرائيل، وزيارات بنيامين نتنياهو إلى القارة الأفريقية، آن أوان تحويل هذه الزيارات إلى خطوات جديدة في تقوية العلاقات الاقتصادية بصورة أوسع وأعمق بين الجانبين".

0
التعليقات (0)