هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للمراسلتين ريبيكا بلهوس وفيفيان سلامة، تقولان فيه إن الرئيس دونالد ترامب سعى يوم الثلاثاء لإنهاء الأسئلة حول مستقبل العلاقات الأمريكية مع السعودية، وتعهد بأن يبقى "حليفا ثابتا" للمملكة، ولم يعر اهتماما لما توصلت إليه المخابرات الأمريكية من أن ولي العهد السعودي أمر بقتل صحفي معارض الشهر الماضي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بيانا للبيت الأبيض، يبدو أن الرئيس كتبه بنفسه، أشار إلى أن أمريكا لا تنوي فرض المزيد من العقوبات على السعودية بسبب عملية القتل، وقال إنه لا يمكن معرفة ما إذا كان ولي العهد محمد بن سلمان أمر بها.
وتقول الكاتبتان إنه "قصد من البيان أن يكون هو القول الفصل في القضية التي حاول الرئيس إطفاءها منذ مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب المسؤولين، ومرة أخرى استشهد ترامب بإنكار الأمير محمد التورط في عملية القتل، وشدد على ما أسماه أهمية العلاقة الأمريكية السعودية، وقد أطلع المسؤولون الأتراك أمريكا على سيل من الأدلة حول اختفاء الصحفي، التي يقولون إنها تخالف الادعاءات السعودية".
وتفيد الصحيفة بأن ترامب يواجه رياحا معاكسة من الكونغرس، حيث ينضم الديمقراطيون، الذين يسيطرون في مجلس النواب العام القادم وتعهدوا بإجراء تحقيقات، إلى الجمهوريين في الدعوة لرد فعل أكثر صرامة على وفاة الصحفي، الذي كان يعيش في أمريكا، بما في ذلك تخفيض المساعدات العسكرية، وفرض عقوبات إضافية، مشيرة إلى أن الرئيس يواجه ضغطا من حلفائه في العالم، وبالذات من تركيا، التي قالت يوم الثلاثاء إنها تريد أن تصل إلى جذور هذه الجريمة.
ويورد التقرير نقلا عن ترامب، قوله في بيانه يوم الثلاثاء، الذي جاء تحت عنوان "الوقوف مع السعودية"، إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية "تستمر في تقييم المعلومات كلها"، لكن "يمكن جدا أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المؤلم، ربما كان على علم، وربما لم يكن"، وبعد ذلك خلال اليوم، قال ترامب للصحفيين بأن وكالة الاستخبارات المركزية "لا تملك شيئا أكيدا" حول تورط الأمير محمد.
وتلفت الكاتبتان إلى أنه على خلاف هذا الوصف، فإن وكالة الاستخبارات المركزية توصلت إلى أن قتل خاشقجي تم بأوامر من الأمير محمد، بحسب ما قاله مسؤولون أمريكيون لـ"وول ستريت جورنال"، وقال مسؤول بأن هذا التقدير تم وضع مسودته في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرتين إلى أنه لم يتم نشر تقدير الاستخبارات، إلا أن المسؤولين قالوا إنه يتضمن مواد إلكترونية معترضة من أمريكا ومواد وفرتها تركيا.
وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع، قوله إن الرئيس قام بصياغة البيان المؤلف من 600 كلمة، بمشورة من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، فيما كانت هناك مسودة من البيان يتم تداولها يوم الاثنين.
وينوه التقرير إلى أن هذا البيان فاجأ بعض المسؤولين في المخابرات الأمريكية، حيث قالوا إنهم محتارون حول أهدافها السياسية، مشيرا إلى أن ترامب قال خلال عطلة نهاية الأسبوع بأنه تحدث مع مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، حول ما توصلت إليه الوكالة.
وتذكر الكاتبتان أن البيت الأبيض رفض التصريح عما إذا كان الرئيس كتب البيان أم إنه أملاه، إلا أن ترامب عادة ما يكتب البيانات بنفسه في القضايا التي لديه شعور قوي حولها، بحسب ما قاله مسؤولون سابقون،لافتتين إلى أن البيت الأبيض رفض القول إن كان ترامب تلقى إيجازا استخباراتيا حول استنتاجات وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن يصدر بيانه يوم الثلاثاء، واكتفى مسؤول في البيت الأبيض بالقول إن الرئيس يتلقى إيجازات بشكل منتظم.
وتنقل الصحيفة عن ترامب، قوله في مقابلة تم بثها على "فوكس نيوز" يوم الأحد، إنه تلقى إيجازا حول تسجيل صوتي حول مقتل خاشقجي شاركة المسؤولون الأتراك مع أمريكا، لكنه لا ينوي الاستماع له، مشيرة إلى أن إدارة ترامب ردت على مقتل خاشقجي بفرض عقوبات الأسبوع الماضي على 17 سعوديا متهمين بتورطهم في الجريمة، ولم يكن الأمير محمد من بينهم.
ويورد التقرير نقلا عن النائب آدم شيف (ديمقراطي عن كاليفورنيا)، الذي سيستلم لجنة الاستخبارات في مجلس النواب العام القادم، قوله إنه "لا يصدق" أن الأمير محمد لم يكن متورطا في مقتل خاشقجي، وكان شيف قد تلقى إيجازا حول القضية الأسبوع الماضي.
وتشير الكاتبتان إلى أن بعض الجمهوريين في الكونغرس دعوا إلى رد أكثر صرامة، فقال السيناتور راند بول (جمهوري عن كينتاكي) في تغريدة له: "أنا متأكد أن هذا البيان يعني السعودية أولا وليس أمريكا أولا"، أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ المغادر السيناتور بوب كوركر (جمهوري عن تينسي)، فقال في تغريدة: "لم أظن أبدا أنني سأرى في حياتي يوما بيتا أبيض يقوم بوظيفة أخرى، كشركة علاقات عامة لولي عهد السعودية".
وتستدرك الصحيفة بأن غيرهم قالوا إن بإمكان أمريكا أن تحاسب الزعماء السعوديين مع الاستمرار في العمل مع الحكومة، فيما تساءل النائب كريس ستيوارت (جمهوري عن يوتا)، قائلا: "كم صحفيا تعتقدون أنه قتل في الصين أو إيران أو تركيا في السنوات القليلة الماضية؟ لأنني أعدكم بأنه كانت هناك بعض الحالات".
وينقل التقرير عن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قوله للصحفيين في واشنطن يوم الثلاثاء، بأن حكومته تريد الوصول إلى جذور جريمة القتل، إلا أن السعودية لم تتعاون بشكل كاف، وأضاف تشاووش أوغلو أنه في اجتماع مع نظيره الأمريكي بومبيو ناقشا إمكانية إجراء تحقيق دولي.
وقال أوغلو إن المسؤولين الأتراك لا يعتقدون أن ملك السعودية، الملك سلمان، يعلم عن المؤامرة لقتل خاشقجي، لكنه لم يعلق على مسؤولين سعوديين آخرين، وأضاف تشاووش أوغلو: "لو كانت تركيا متأكدة حول من فعلها، فإنها لن تخبئ الأمر".
وتلفت الكاتبتان إلى أن ترامب افتتح بيانه بالقول، "إن العالم مكان خطير جدا"، وخصص ثلاث فقرات لمدح السعودية، ومساعدتها في مواجهة إيران، وما قال إنه وعد باستثمار 450 مليار دولار في أمريكا، مصورا القضية على أنها قضية "أمريكا أولا".
وتنوه الصحيفة إلى أن ترامب استخدم حجة مالية للحفاظ على العلاقات الأمريكية السعودية، خلال حديثه مع الصحفيين عندما غادر واشنطن إلى فلوريدا، حيث سيقضي عيد الشكر في منتجعه مارالاغو، فقال: "أنا لن أدمر اقتصاد العالم بالتصرف بحماقة مع السعودية"، وأضاف، "إن قطعنا العلاقات معهم، أعتقد أن أسعار النفط ستخترق السقف". وكانت أسعار النفط وصلت إلى أدنى مستوياتها يوم الثلاثاء منذ عام، وسط تراجع في الأسواق، ومخاوف حول الزيادة في الإمداد.
وبحسب التقرير، فإن آخرين في الإدارة كانت لهجتهم أشد بخصوص مقتل خاشقجي، فقال نائب الرئيس مايك بنس يوم الأحد للصحفيين في بابوا في نيو جيني، بأن كل من له علاقة بالقتل سيدفع الثمن، وأضاف بنس: "قتل جمال خاشقجي كان عملا وحشيا، والولايات المتحدة ملتزمة تماما بالتأكد من مساءلة المتورطين كلهم"، مشيرا إلى أنه يتفهم بأن ترامب سيقوم "باتخاذ قراره في سياق وجود علاقة استراتيجية مهمة جدا مع السعودية".
وتعلق الكاتبتان قائلتين، إن العلاقة مع السعودية موضوع حساس بالنسبة للرئيس، الذي راهن حتى قبل تنصيبه رئيسا على تحسين العلاقات مع المملكة، مشيرتين إلى أنه كان قد تم تحذير ترامب مبكرا من مخاطر إقامة علاقات قريبة مع الأمير محمد، الذي طور مع صهر الرئيس جاريد كوشنر علاقة شخصية، لكنه اعتقد أن ولي العهد كان رهانا آمنا أكثر من مسؤولين سعوديين آخرين، بحسب المستشارين السابقين.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن ترامب أعرب عن شكوكه بشأن ما توصلت إليه المخابرات الأمريكية، وكرر بأنه لا يصدق الاستنتاج بأن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، وتحيز في تموز/ يوليو في مؤتمر صحفي مشترك مع فلاديمير بوتين، إلى الزعيم الروسي بدلا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وحاول بعدها أن يسحب تلك التعليقات.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)