هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تشهد فيه دول شرق المتوسط والشرق الأوسط تحولات في اتجاهات مختلفة على ضوء المكابرة الأمريكية الإسرائيلية والعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وفي الوقت الذي يشهد فيه مشروع ترمب في الشرق الأوسط مع حلفائه الخليجيين، الذي يعمل على سن خناجرهم استعدادا “لخشقجة” إيران.. في هذا الوقت، يمد نتن ياهو رجليه إلى سلطنة عمان.
السلطنة التي بقيت على الحياد مثل
الكويت في قضية حصار السعودية والإمارات.. والبحرين لقطر.. يبدو أنها تريد أن
تتموقع هي الأخرى إلى جانب الإمارات والسعودية والبحرين في ملف التطبيع مع
إسرائيل، والدليل هو ما حدث: لم يحدث ما حدث إلا مع مصر والأردن. وها هي ثالثة
ثلاثة تدخل حلبة التطبيع من أعلى مستوى، جهارا نهارا.. لا تخفيا ولا تسترا، كما
تفعل دول المنطقة التي طبعت منذ أمد، وتخفي هذا التطبيع.
إسرائيل التي استغولت بالموقف
الأمريكي المنحاز بشكل مفضوح إليها، تسابق الزمن خوفا من أي انهيار في العلاقات
مع دول المنطقة بسبب قضية خاشقجي، وما قد ينجر عنها من تبعات في حالة ما إذا توفر
لدى المحققين الأتراك مزيد من الدلائل والقرائن، التي تثبت أن العملية مدبرة بليل..
ونهار، من أعلى مستوى. هذا الأمر سيكون محرجا للإدارة الأمريكية التي تتمنى ألا
يكون محمد بن سلمان ضالعا في الأمر، وهو أمر مستبعد حتى لدى ترمب نفسه اليوم. وعليه، فالكونغرس، مع الانتخابات النصفية بعد أسبوعين، لن يمكن لترمب حتى مع فوز
الجمهوريين أن يسكت ولو جزئيا عن الفضيحة المدوية التي أصبحت رأيا عاما أمريكيا
ودوليا.
إسرائيل قد تكون الخاسر الأكبر في
حالة ما إذا كانت قيادة المملكة قد تورطت في قتل خاشقجي، لأن هذا سيلطخ سمعتها
ومصداقيتها، ويضعف رؤيتها ومشروعها الإصلاحي، وحتى المنادي بمحاربة الإرهاب، إذ
إنه لا يمكن لمن قام بهذا العمل الشنيع في القنصلية ثم في اليمن ثم مع الحريري ثم
مع قطر، أن يكون مصلحا، بل مخرب لكل الجهود الرامية إلى استقرار الشرق الأوسط.
هكذا ترى أمريكا الوضع، وقد تقبل الإدارة على الضغط على العاهل السعودي لتحييد
محمد بن سلمان وتعيين ولي عهد جديد قد يكون من أبناء سلمان، وإذا اجتمعت أسرة
البيعة على أن تعود ولاية العهد إلى أبناء الإخوة، عوض الأبناء كما كان الأمر جاريا
قبل محمد بن سلمان، سيكون هذا انقلابا على انقلاب، لكن حتى لو بقيت ولاية العهد
بين أيدي أبناء سلمان، فإن التهور لن يكون سيد الموقف، وستكون إسرائيل هي الخاسرة
رغم أن أمريكا لن يضرها شيء، لأنها ستبقي على تفاهمات 110 مليار دولار؛ الرابح
الأكبر ربما قد تكون إيران وحلفاؤها في المنطقة؛ لأن ما حدث لخاشقجي قد غير
الموازين وكشف عورات لن تستتر بسرعة.
وعليه، فإنه من الغريب، في هذا
الوقت بالذات أن تسارع سلطنة عمان إلى استضافة رجل مثكول، حزين وضعيف نفسيا من
جراء ما يحدث للحلفاء في السعودية والإمارات، حزين لما آلت إليه وضعية كانت على
أبواب تفجير حرب جديدة ضد إيران بعد تضييق الخناق عليها اقتصاديا. حزين وضعيف،
يستجدي بأضعف منه؛ بحثا عن حبل نجاة من دولة صغيرة، قريبة من إيران، ودولة في
مجلس التعاون. لم تقبل الكويت بالمسألة، وبقيت الكويت وفية، تدافع بشراسة عن
القضية الفلسطينية وتجابه إسرائيل حتى في مجلس الأمن، فحاولت إسرائيل تعويض هذا
الضعف من خلال جر السلطنة إلى معترك جديد من مفاوضات مع عباس الرافض للمفاوضات، ونتن ياهو على لا شيء، غير القبول بالأمر الواقع.
ما يحدث يدل على أننا على أبواب جهنم في المنطقة.
عن صحيفة الشروق الجزائرية