هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قرار وزارة الصحة اللبنانية باستثناء اللاجئات الفلسطينيات من حملة للكشف عن سرطان الثدي ردود أفعال مندّدة وشاجبة وفق ما عبر عنه حقوقيون ومراقبون، واصفين الاستثناء بأنه "سياسة تمييزية غير مفهومة تجاه اللاجئين المقيمين في لبنان".
وحذرت مؤسسات حقوقية وجمعيات طبية فلسطينية ولبنانية من الإجراءات الجديدة التي اتخذها وزير الصحة اللبنانية غسان حاصباني والتي تتناقض وتوجهات الوزارء السابقين للصحة ومنها حرمان الفلسطينيات من حقهن من حملة مدعومة أساسا من متبرعين دوليين.
وكانت "عربي21" نشرت موضوعا سابقا يتضمن اتهامات وجهها الحزب التقدمي الاشتراكي ضد من أسماهم "قوى تقليدية"، تسعى عبر الضغط على الفلسطينيين لترحيلهم الى بلد ثالث.
اقرأ أيضا: حزب لبناني لـ"عربي21": قوى "تقليدية" تخطط لترحيل الفلسطينيين
و حاولت وزارة الصحة تبرير موقفها عبر مستشار الوزير جورج عاقوري بقوله إن الحملة المدعومة من وزارة الصحة لسرطان الثدي تغطي فقط اللبنانيات مجانا في المستشفيات الحكومية لكن يمكن لكافة المقيمات أن تستفدن من الحسومات في المستشفيات الخاصة".
وأضاف عبر تويتر "مشكلة اللاجئين والنازحين هي مشكلة دولية وليست لبنانية فقط، ويجب الا تقع تكلفتها على عاتق المواطنين اللبنانيين".
مبادرات إنسانية
وإزاء إصرار الوزارة (لغاية اللحظة) على موقفها، برزت مبادرات من جمعيات إغاثية، حيث أعلنت جمعية سوا للتنمية عن البدء بتنسيق حملة للكشف المبكر عن السرطان للنساء الفلسطينيات، وكشفت الجمعية لـ"عربي21" أن "الإعلان عن نتائج المساعي التي قامت بها الجمعية بهدف إنجاح خطتها سيتمّ خلال اليومين المقبلين ".
وكانت الجمعية دعت المراكز الطبية والجمعيات اللبنانية والفلسطينية التي يهمّها الأمر الى الاستجابة الى مبادرتها.
ومن جهتها، استغربت المؤسسة الفلسطيينة لحقوق الإنسان "شاهد" قرار وزارة الصحة مطالبة في بيان لها بالتراجع عنه ورفع كل الإجراءا ت التضييقية الأخرى.
التسويف
ونوّه المنسّق الإعلامي لمؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان محمد الشولي الى أن "وزارات الصحة في العهود السابقة كانت تتعامل بطريقة أفضل لجهة تقديم الخدمات غير المتوفرة لدى وكالة الأونروا"، موضحا في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "كل الحملات التي قامت بها وزارة الصحة سابقا شملت اللاجئين الفلسطينيين بما فيها حملات الكشف المبكر عن سرطان الثدي".
واستغرب الشولي ما وصفه بالتسويف تجاه "المطالبات بأن تشمل الحملات الطبية اللاجئين الفلسطينيين على اعتبار أنهم مقيمون على الأراضي اللبنانية"، مشيرا الى أن "التصريحات الإعلامية التي يدلي بها مسؤولو وزارة الصحة تعاكس ما هو متبع فعليا، خصوصا لجهة عدم البت بعشرات الطلبات المقدمة من الفلسطينيين للحصول على خدمات، ومنها المتعلقة بمرضى غسيل الكلى".
وحول موقف وزارة الصحة من استثناء الفلسطينيات من حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي، قال الشولي: "ناشدنا وزير الصحة بأن يتراجع عن قرار الاستثناء لكون أعداد اللاجئات قليل، ولن يؤثر على ميزانية الحملة سواء كانت مموّلة مباشرة من الوزارة أو عبر داعمين أوروبيين"، آملا أن "يتمّ التجاوب مع المناشدات الحقوقية وأن لا يضاف هذا الإجراء (من ذوي القربى) على ما يعانيه الفلسطينيون أصلا في ظل تقليصات الأونروا".
وعن الخطوات التي قد تتخذها المؤسسة والمنظمات الحقوقية الأخرى في حال المضي في قرار الاستثناء، أشار الى الاتجاه نحو لقاء "رئيسي الحكومة و المجلس النيابي والكتل النيابية لعرض المسألة عليهم والضغط للتراجع عن القرارات"، متخوفا أن تصنّف هذه الإجراءات "بأنها تمييزية ضد المرأة الفلسطينية"، لافتا الى عدم توصيف ما يتخذ من إجراءات بأنه "تمييز عنصري بالرغم من حرمان المرأة الفلسطينية من امتيازات، تتعلق بما يثار حول قانون الجنسية وغيرها من القضايا المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين".
وعن التداعيات المتوقعة في حال عدم التوصل الى حلول، حذّر الشولي من "وقوع عدد كبير من اللاجئات تحت تأثير هذا المرض لعدم تلقيهن العلاجات الوقائية السابقة مما يزيد حجم المعاناة العامة للفلسطينيين وسط عجز الأونروا عن الإيفاء بالتزاماتها، مع التذكير بأن الخدمات الاستشفائية في لبنان هي الأغلى في المنطقة".
لماذا الاستثناء؟
ويسود القلق أوساط الكادر الطبي الفلسطيني المحدود في المخيمات الفلسطينية إزاء قرار وزارة الصحة الأخير، واعتبر مدير مستشفى النداء في مخيم عين الحلوة الدكتور محمد السماك أن "الدولة اللبنانية تتنصل من أي مسؤولية لها في تقديم أي نوع من الخدمات ملقية بهذه المسؤولية حصرا على وكالة الأونروا"، كاشفا في تصريحات خاصة لـ"عربي21"عن أن "شمول مختلف الحملات السابقة التي نظّمت على صعيد مرضى التلاسيميا والكشف عن السرطان وغيرها جميع المتواجدين على الاراضي اللبنانية بغض النظر عن جنسياتهم".
ورأى السماك أن "قرار وزارة الصحة لم يكن موفقا وليس له معنى، لا بل يُفسّر على أنه رسالة موجهة الى الفلسطينيين ومفادها أنكم غرباء على الأرض اللبنانية"، ونوّه السماك الى أن "الحملات الطبية التي خصصت خلال السنوات الماضية للفلسطينيين كانت تشمل اللبنانيين أيضا من دون أي تمييز أو تفرقة".
وحول الدور المطلوب من وزارة الصحة قبل الشروع في هذه الحملة، أكد "ضرورة التواصل مع الأونروا مسبقا والطلب منها تمويل جزء من الحملة من دون الجوء الى هذا الخيار المفاجىء والصادم".
وتطرق السمّاك الى صعوبة الواقع الصحي الفلسطيني في لبنان بفعل "غياب المرجعية المتعارف عليها (وزارة صحة)، وفي ظل تنصل وزارة الصحة اللبنانية من أي التزام تجاه اللاجئين"، مضيفا: "الخدمات الصحية تقدم للاجئين الفلسطينيين في لبنان عبر جهتين: الأونروا، ومستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، غير أن كلا الجهتين عاجزتان على تلبية احتياجات اللاجئين نظرا الى كلفة الاستشفاء الباهظة في لبنان".
وطالب بضرورة "رفع المستوى الطبي الفلسطيني لمواجهة الصعاب التي تفرضها عدم التغطية الكاملة لوكالة الأونروا للإستشفاء وفي ظل ارتفاع الفاتورة الطبية".