اقتصاد عربي

ارتفاع جديد بأسعار الإسمنت في مصر.. أين ذهب مصنع الجيش؟

 توقع السيسي خلال افتتاحه مصنع الجيش للإسمنت بأنه سيؤدي لخفض أسعاره بشكل كبير
توقع السيسي خلال افتتاحه مصنع الجيش للإسمنت بأنه سيؤدي لخفض أسعاره بشكل كبير

كما سبق وتوقعت "عربي21" عاودت أسعار الإسمنت ارتفاعها في السوق المصري رغم افتتاح مصنع إسمنت بني سويف المملوك للقوات المسلحة، الذي توقع رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه بأنه سيؤدي لخفض أسعار الإسمنت بشكل كبير.


وكان رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية المصرية أحمد الزيني، أعلن مساء السبت أن أسعار الإسمنت سوف تزيد من صباح الأحد بنسبة تترواح بين 50 – 100 جنيه للطن، لتصل أسعار بيع الطن لما بين 900 – 1100 جنيها (50 إلى 61 دولار)، في ظل توقعات بزيادات أخرى في الأسعار خلال الأسبوع نفسه.

وبرر العديد من التجار والخبراء موجة الانخفاض التي جرت بعد افتتاح مصنع الجيش، بأنها كانت للدعاية السياسية، وأن الأسعار سوف تصل لما كانت عليه قبل افتتاح المصنع، وهو 1300 جنيه للطن (72 دولار).

وطبقا لوزارة الاستثمار، فإن بمصر 24 مصنعا للإسمنت، يمتلك القطاع الخاص 80% منها، وتستهلك هذه المصانع ما نسبته 30 % من إجمالي الطاقة بالقطاع الصناعي و33 % من الغاز والكهرباء و36 % من استهلاك المازوت والفحم، كما تحتل مصر المركز رقم 14 بين أكثر الدول المنتجة للإسمنت، حيث يبلغ حجم إنتاجها السنوي 74 مليون طن، بينما تصل معدلات الاستهلاك لـ 55 مليون طن، يوجّه منهم 2.7 مليون طن للأسواق الخارجية.

ويؤكد تاجر الإسمنت محمود السوهاجي لـ"عربي21" أن مصانع الإسمنت العادية خفضت من أسعارها خلال الشهر الماضي بالتزامن مع افتتاح مصنع الجيش، موضحا أن مسؤولي المصانع أكدوا للتجار أنه تخفيض مؤقت وأن الأسعار سوف تعود لطبيعتها مرة أخرى، وهو ما يحدث الآن، مضيفا أن المصانع العادية تعاني من زيادة تكلفة الإنتاج وغياب المنافسة الشريفة مع مصانع الجيش.

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ"عربي21" أن "تراجع أسعار الإسمنت خلال الشهر الماضي لم يكن طبيعيا، وإنما كان مصطنعا، أو إن جاز التعبير كان تراجعا بالأمر العسكري، من أجل إثبات أن مصنع إسمنت بني سويف التابع للجيش، كان إضافة وذات فائدة وليس عبئا على الاقتصاد المصري".

ويشير أبو الخير أن الإعلان عن تصفية شركة القومية للإسمنت التي تعد من أكبر الشركات العاملة في هذا المجال بمصر، يمثل سببا إضافيا في ارتفاع الأسعار، متوقعا أن تواصل الأسعار ارتفاعها خلال الأسابيع القادمة، لعدة أسباب منها ارتفاع تكلفة الإنتاج، وضعف الطلب على الإسمنت لتراجع معدلات البناء، نتيجة الركود الكبير في سوق العقارات بمصر.

ويضيف أبو الخير أن القوات المسلحة تحتكر كل المحاجر المنتشرة بمصر، ومن ثم فهي المتحكمة في مواد إنتاج الإسمنت المتمثلة في الحجر الجيري والطفلة، ما يجعل المنافسة لصالحها، وهي السياسة التي يدفع الجيش السوق المصري في اتجاهها، بأنه الأقل في السعر وعليه سوف يحتكر سوق الإسمنت، إلا أن الواقع يشير لعكس ذلك حيث تذهب الطاقة الإنتاجية لمصنع الجيش للمشروعات التي يقوم بتنفيذها بمختلف المحافظات، سواء في المدن الجديدة أو العاصمة الإدارية أو مشروعات الطرق، وفي النهاية لم يستفد المواطن من وجود أكبر مصنع لإنتاج الإسمنت في الشرق الأوسط.

ويضيف الخبير الاقتصادي كامل المتناوي لـ"عربي21" أن دخول طاقات جديدة لسوق الإسمنت ومنافسة الدولة والجيش للقطاع الخاص، يؤثر سلبيا على القطاع والشركات العاملة فيه وهو ما ظهر في نتائج أعمال شركات الإسمنت مؤخرا، التي حققت خسائر فادحة، في ظل وجود فائض كبير بالإنتاج وصل لـ 18 مليون طن قبل دخول مصنع الجيش للسوق، الذي من المتوقع أن يرفع هذا الفائض لـ 24 مليون طن سنويا.

ويشير المتناوي إلى أن الشركات تواجه صعوبة في ترويج هذا الفائض بالخارج بعد انتشار مصانع الإسمنت صديقة البيئة بأوربا، بالإضافة للصعوبات التي تواجهها المصانع في التصدير بعد ارتفاع تكاليف الشحن كأحد نتائج تعويم الجنيه، وهو ما أدى لخسائر سنوية تقوم الشركات بتعويضها برفع الأسعار في ظل غياب رقابة الحكومة على الأسواق.

ويلفت المتناوي النظر إلى أن هناك أزمة عنيفة تواجهها مصر في سوق العقارات والبناء، حيث تحتل المركز الأول عالميا في وحدات الإسكان غير المستغلة، وطبقا لوزارة الإسكان المصرية تصل عدد الوحدات المغلقة بمصر 5.7 مليون وحدة، وهو الركود الذي أدى لعدم استقرار الشركات العاملة بمجال البناء وخاصة الإسمنت، حيث حققت 20% خسائر في أسهم أصولها بالبورصة عام 2017.

ويضيف المتناوي أن دخول مصنع إسمنت بني سويف بهذه الطاقة الإنتاجية الهائلة التي تصل لـ 13 مليون طن في العام، يمثل خسارة وليس مكسبا لصناعة الإسمنت، التي تعاني من فائض كبير في الإنتاج، ولعل ذلك يبرر سرعة تصفية الشركة القومية للإسمنت، لإفساح المجال وخلق سوق تسويقي لمصنع الجيش.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل