هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا مشتركا أعده كل من أندرو إنغلاند وسايمون كير، يقولان فيه إن الحكومة الراغبة بتقديم البحرين على أنه مركز مالي مزدهر، تأمل بأن تطوي الانتخابات سبع سنوات من الاحتجاجات التي قام بها سكان الجزيرة الشيعة.
ويقول الكاتبان: "لم ينج محل أو بيت من بيوت جزيرة سترة البحرينية من الشعارات التي كتبتها المعارضة على جدرانها، ولا من الصور المرسومة للشبان الذين قتلوا على يد الحكومة، التي مزجت بشعارات تشجب عائلة آل خليفة الحاكمة، فيقول شعار: (أيها الشهداء لن نبكي، بل سننتقم)، فيما يقول آخر: (ارحلوا آل خليفة) و(لا حوار)".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن هذا كله تذكير بالاضطرابات التي أصابت الدولة الخليجية، التي تحضر للانتخابات البرلمانية في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتستدرك الصحيفة بأن قادة المعارضة يقولون إن الانتخابات ستجري في مناخ من القمع، الذي يعكس زيادة في الاستبداد في الشرق الأوسط كله، منذ الثورات التي اجتاحت المنطقة منذ عام 2011.
وينقل الكاتبان عن أحد السياسيين المعارضين، قوله: "يريدون منا الاستسلام، ولا يريدون منح المعارضة أي فرصة للمشاركة، ولا يتحدثون معك ويعتقلونك".
ويشير التقرير إلى أن الحكومة سحقت أسوأ الاحتجاجات، وكممت أفواه الناقدين لها، فيما هناك أكثر من 3 آلاف في السجن، وتم حل الحزب الرئيسي "الوفاق" واعتقل زعيمه، لافتا إلى قول ناشطين إن المئات من الأشخاص هربوا من البلد إلى المنفى أو جردوا من جنسياتهم.
وتذهب الصحيفة إلى أن التحدي الذي يواجه الحكومة في المنامة هو إقناع الشيعة، الذين طالموا اشتكوا من التمييز، بالمشاركة بدرجة كافية في الانتخابات، ما يمنحها المصداقية التي تريدها، مشيرة إلى أن أعضاء في حزب الوفاق و"وعد"، وهي الحركة العلمانية التي حلت، منعوا من المشاركة في الانتخابات، فيما يقول سكان في البحرين إن الحكومة شجعت أفرادا لترشيح أنفسهم بدلا عنهم كمستقلين.
وينقل الكاتبان عن مسؤول غربي، قولهم إن حكام البحرين يحاولون "إعادة تكييف الحياة البرلمانية بطريقة تبتعد عن الجماعات السياسية ذات الأساس الديني".
ويلفت التقرير إلى أن البحرين تعد حليفا للغرب في منطقة الخليج، حيث يرابط الأسطول الأمريكي الخامس هناك، وتعد حاجزا ضد التمدد الإيراني، إلا أنها استثنائية في الخليج؛ لكونها دولة ذات غالبية شيعية تحكمها ملكية سنية، مشيرا إلى أن البلاد لم تنج من دورات العنف طوال تاريخها، إلا أن آل خليفة واجهوا أكبر تهديد لهم عندما اجتمع مئات الألاف في شوارع المنامة عام 2011.
وتفيد الصحيفة بأنه تم قمع هذه الاحتجاجات عندما أرسلت الجارة السعودية قواتها لدعم القوات الحكومية، إلا أن العنف استمر بين الشرطة والمحتجين في القرى الشيعية، التي تقع في ظل العاصمة ذات المباني اللامعة، لافتة إلى أن ميدان اللؤلؤة، الذي كان مركز احتجاجات عام 2011، لم يفتح إلا في العام الماضي، وتمت إعادة تشكيله بصفته نقطة تقاطع، وأعيدت تسميته، ويخضع لرقابة دائمة من قوات الأمن.
ويذكر الكاتبان أن الحكومة تتهم حركة الوفاق الإسلامية بالتحريض على الاحتجاجات، وألقت اللوم على إيران بتزويد المتظاهرين بالقنابل البدائية والسلاح لمهاجمة قوات الحكومة، مشيرين إلى أن حركة الوفاق تنفي هذه الاتهامات، وتؤكد أنها دعمت فقط التظاهرات السلمية.
وينوه التقرير إلى أن الحركة فازت في انتخابات عام 2010 بـ18 مقعدا من 40 مقعدا، لكنها انسحبت من البرلمان، الذي يصفه النقاد بأنه لا يملك سلطة، وذلك بعد انتفاضة عام 2011، ثم قاطعت الانتخابات بعد أربعة أعوام، حيث تراجعت نسبة المشاركين فيها بنسبة واضحة، لافتا إلى أن زعيم الحركة الشيخ علي سلمان اعتقل، حيث شملت الاتهامات الموجهة إليه "الدعوة للتغيير السياسي بالقوة".
وتشير الصحيفة إلى أن وزير الصناعة والتجارة زايد الزياني، نفى الاتهامات الموجهة للحكومة بانتهاك حقوق الإنسان، وأكد أن "القضايا" التي واجهت البحرين عام 2011 "أصبحت خلفنا.. تمت معالجة القضايا ولا نزال نعمل عليها، وستظل تحديات قائمة، لكنها ليست نهاية العالم".
ويقول الكاتبان إن بعض الشيعة يرون أن الوقت قد حان للتعاون مع الدولة، فيقول ماجد العلوي، وهو الوزير الشيعي الذي شارك في التفاوض بين الحكومة وحركة الوفاق في الفترة ما بين 2011- 2014: "لدينا مشكلات لن تحل إلا من خلال بناء الثقة مرة أخرى، وإذا أردت تطوير النظام فعليك العمل من داخله".
ويورد التقرير عن العلوي، قوله إن حركة الوفاق فشلت في "فهم السياسة في الخليج"، وبأن الديناميات قد تغيرت في مرحلة ما بعد 2011، فأصبحت السعودية وحليفتها الإمارات أكثر تشددا، وتحركتا ضد الحركات الإسلامية في المنطقة، مشيرا إلى أن الرياض وأبو ظبي، اللتين تعتمد عليهما البحرين ماليا، تعدان في مقدمة الجهود لمواجهة التأثير الإيراني في المنطقة.
وتنقل الصحيفة عن محللين وناشطين، قولهم إن انتخاب دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة جرأ الحكومات الديكتاتورية في المنطقة، ولاحظ الناشطون أن قوات الأمن البحرينية شنت هجوما على بيت رجل دين شيعي في اليوم ذاته الذي التقى فيه ترامب الملك حمد آل خليفة وقادة الدول العربية والإسلامية في العاصمة السعودية الرياض في أيار/ مايو 2017، وقتل عدد من الأشخاص، فيما اعتقل 286 شخصا في المداهمة، وقالت الشرطة البحرينية إنها تعرضت للهجوم.
ويذكر الكاتبان أن وزارة الخارجية الأمريكية طالبت بالإفراج عن الشيخ سلمان في حزيران/ يونيو، وقالت وزارة الخارجية في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان عام 2017، إن القضايا المهمة والمتعلقة بحقوق الإنسان تضم "تقارير عن الاعتقالات العشوائية، والقتل خارج إطار القانون على يد قوات الأمن، واتهامات بتعذيب السجناء والمعتقلين".
ويجد التقرير أن "السؤال المطروح يتعلق فيما إن كانت السلطات قد نجحت في إنهاء الاضطرابات، أم أنها أجبرتها فقط للعمل تحت الأرض، وفي جزيرة سترة فإن المزاج هو مزيج من الإحباط والتحدي".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول إنه "في مقهى حيث يلعب الرجال ويتناولون القهوة، تحدث محمد نيابة عن الجميع عندما قال: (لقد انتصروا في معركة لكنهم لم يربحوا الحرب.. لن يغير التصويت أي شيء، فهذه ليست ديمقراطية حقيقية، ونريد شيئا يكون فيه للناس صوت.. لو كانت هناك أي فرصة للخروج إلى الشوارع فأنا متأكد من أن معظم الناس سيخرجون)".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا