هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن التبعات الخطيرة للجلوس لفترات طويلة. ويعتبر الأشخاص الذين يجلسون لفترة طويلة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، على غرار السكري والاكتئاب والسرطان.
ويؤكد العلماء أنه لا يمكن تجنب مضار الجلوس لفترة طويلة من خلال ممارسة الرياضة، ولكنهم ينصحون ببديل آخر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيب والباحث في مجال الصحة ميشاييل لايتسمان يدرس منذ فترة تأثير الجلوس لفترات طويلة على أعضاء الإنسان، وقد استطاع بمساعدة فريقه البحثي إثبات أن مضار الجلوس لفترات طويلة تعادل مضار التدخين. وقد لخص لايتسمان ذلك في قوله إن "الجلوس لساعات طويلة يقصر العمر".
وأفادت الصحيفة بأن لايتسمان من الأشخاص الذين يشجعون على الوقوف أثناء الحديث في الهاتف، وعدم الرد على المكالمات في وضع الجلوس.
ويؤكد لايتسمان أن تلك الحركة البسيطة من الممكن أن تكون سبباً في إطالة عمرك. فضلا عن ذلك، عادة ما يكون صوت المرء قويا أثناء التحدث واقفا.
ومن الأخطاء الشائعة التي يرتكبها العاملون في المكاتب، أنهم يجلسون عند الشعور بالكسل دون القيام بشيء مفيد.
ولا تقتصر هذه العادة على المكتب فحسب، بل في المنزل أيضا عند الجلوس على الأريكة، أو الجلوس في القطار.
وقد أثبتت الدراسات في ألمانيا أن الشباب يجلسون قرابة تسع ساعات في اليوم، بينما يجلس البالغون قرابة ست ساعات.
وينطبق ذلك على الأشخاص الذين تتطلب طبيعة عملهم التحرك كثيراً، على غرار المعلمات والممرضات وحتى موزع الجرائد الذي يركب الدراجة لممارسة عمله.
اقرا أيضا : كيف يمكنك معالجة تشنج العضلات في المنزل؟
بينما يجلس الأشخاص الذين يتطلب عملهم البقاء في المكتب لمدة تفوق ذلك المعدل، وقد تصل فترة الجلوس إلى ما يفوق ثلث اليوم.
وأوضحت الصحيفة أن بعض هؤلاء الأشخاص يمارسون الرياضة في المساء، أو يتنزهون مشياً على الأقدام، إلا أن الغالبية لا تفعل ذلك.
وقد أثبتت الدراسات في ألمانيا أن 44 بالمائة من النساء و40 بالمائة من الرجال لا يتحركون كثيرا. وتشير الدراسات إلى أن الإنسان يحتاج، على الأقل، إلى القيام بمجهود لمدة 150 دقيقة في الأسبوع، أو ممارسة رياضة معينة لمدة 75 دقيقة أسبوعيا، على غرار الركض.
كما أكد لايتسمان أنه حتى هؤلاء الأشخاص، الذين يمارسون الرياضة، مازالوا معرضين للخطر، حيث أن الجلوس لفترة طويلة يشكل في حد ذاته خطرا على صحتهم.
ويشبه الجلوس لفترة طويلة السموم التي تخلفها السجائر على التركيب الجيني. فعندما يجلس الإنسان لفترة طويلة، ينخفض معدل انقباض العضلات ومعدل تدفق الدم في الجسم، وبالتالي تنخفض ضربات القلب، مما يقلل من نسب نقل الأكسجين في الدم.
وحينها، تصبح استجابة الخلايا للأنسولين ضعيفة، مما يضطر البنكرياس إلى إفراز كمية أكبر من هذا الهرمون.
وبينت الصحيفة أن بعض العلماء يرون أن جهاز المناعة يعمل بصورة بطيئة أثناء الجلوس، ما يساهم في انتشار الالتهابات في الجسم بصورة أسرع، بسبب تغير مستوى الهرمونات في الدم.
وقد أكد الدكتور لايتسمان أنه يمكن تجنب كل تلك المخاطر ببعض الإرشادات البسيطة، ولا يتطلب الأمر أن تكون رياضيا محترفا.
وأضافت الصحيفة أن الباحثين يقيسون النشاط الجسدي بوحدة قياس تسمى "ميت". وعندما يجلس الإنسان دون حراك، فإنه يستهلك سعرة حرارية واحدة في كل ساعة عن كل كيلو غرام في الجسم، وهو ما يعادل 1 ميت، بينما يؤكد العلماء أن هذا المعدل يجب أن يصل إلى 3. وهو ما أقرته منظمة الصحة العالمية بمعدل نشاط حركي يبلغ 150 دقيقة في الأسبوع.
وذكرت الصحيفة أن العلماء يعتقدون أن الحركات الخفيفة التي يمكن القيام بها أثناء الجلوس، تحسن من الحالة الصحية للقلب، فضلا عن أنها تقلل من فرص التعرض للموت المبكر.
كما بين علماء آخرون أن تلك الأنشطة الخفيفة تساهم أيضا في الحد من زيادة الوزن. وكل ما عليك فعله هو القيام بنشاط خفيف، فمثلا بدلا من أن تلجأ لإرسال بريد إلكتروني أو رسالة نصية لزميلك في العمل يمكنك الذهاب إليه مباشرة وسؤاله، ويفضل استخدام الدرج بدلا من المصعد.
وأوردت الصحيفة أن الخطوة التالية تتمثل في دفع الأشخاص للقيام بهذا النشاط الحركي، لا سيما أن هذا النوع من النداءات المتعلقة بالصحة، لا يجذب الكثير من الأشخاص، وبالتالي يجب تعميمها وربطها ببعض السلبيات.
وأحيانا، يجب أن تتحول هذه النداءات إلى "نداء للخوف"، حيث يقال لهم "إن لم تتحركوا، ستصبحون مرضى". ومن ثمّ، يتم وضع هدف مستقبلي لهذه الحركة.
وأكدت الصحيفة أن علم النفس الصحي يؤكد أن إغراء الأشخاص بنتائج إيجابية من بين عوامل جذبهم للقيام بفعل ما.
ويمكن القول إن الإقلاع عن التدخين سيساعدك على التنفس بصورة أفضل ويحسّن من مذاق الطعام في فمك، أو من يمارس الرياضة يشعر بضغط أقل، أو يستمتع بقضاء الوقت عندما يقابل أصدقاءه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن وضع خطة مكتوبة على مدار أسبوع للأنشطة الحركية التي سيقوم بها الشخص أثناء جلوسه لفترة طويلة.
كما ينصح العلماء بالاستغناء، قدر الإمكان، عن الأدوات والوسائل التي تسبب الكسل، على غرار استخدام الطابعة بدلاً من الكتابة، أو أجهزة التحكم عن بعد، والهدف من ذلك، هو القيام من المقعد كل نصف ساعة على الأقل.
ويمكن ممارسة أنشطة أخرى أثناء الجلوس مثل تحريك الكتفين بطريقة دائرية، وتغيير طريقة الجلوس على الكرسي.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لا توجد أدلة دامغة حول مدى نجاعة تلك الحركات في التخفيف من تأثير الجلوس، ولكن الهدف في النهاية هو تقليل وقت الجلوس، حيث يجب عليك أن تضع في اعتبارك أن جلوسك لفترات طويلة يزيد من خطر إصابتك بأمراض خطيرة.