سياسة عربية

الأزمة السياسية بالمغرب.. هل دفعت المواطنين إلى الهجرة؟

نجحت البحرية الملكية المغربية في إنقاذ 20 شخصا بينهم سيدة وطفل ـ أرشيفية
نجحت البحرية الملكية المغربية في إنقاذ 20 شخصا بينهم سيدة وطفل ـ أرشيفية

عادت قوارب الهجرة غير الشرعية بين المغرب وأوروبا إلى الحياة بعد سنوات من السبات، خاصة بعد قيام المهاجرين بنشر صور وأشرطة فيدو توثق عمليات الهجرة الجماعية، ما جدد المخاوف من أن يبتلع البحر الأبيض المتوسط أعدادا جديدة من مواطني الضفة الجنوبية لهذا البحر.


وخلال الأسبوع الماضي نجحت البحرية الملكية المغربية في إنقاذ 20 شخصا بينهم سيدة وطفل، حاولوا الإبحار باتجاه أوروبا من سواحل مدينة الدارالبيضاء، في تطور جديد يعكس قوة الطلب على الهجرة غير الشرعية، على اعتبار أن مدن شمال المغرب هي الأكثر قربا من أوروبا بينما تقع الدار البيضاء وسط المغرب وبالتالي بعيدة جدا عن السواحل الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.

فقدان الأمل في الوطن
وقال الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، رشيد أوراز، إن "السبب الرئيسي والمباشر لتجدد ظاهرة الهجرة من المغرب، فقدان الأمل وانسداد الأفق وسيادة الإحباط".


وزاد في تصريح لـ"عربي21"، أن المغاربة الذين عبروا عن وعي معتبر في التفاعل مع الدولة طيلة السنوات الأخيرة لم يتقبلوا الطريقة التي تم بها مثلا تدبير الدولة لملف رئيس الحكومة السابق، وكيف جرى التخلص منه بطريقة لم يقبلها الكثيرون. 


وتابع الباحث الاقتصادي المختص في تأثير التعليم والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على الدينامية الاقتصادية: "لقد انطلق الإصلاح مع ابن كيران، غير أن الإصلاحات توقفت، وهو ما عكس لدى المجتمع شعورا متزايدا من الخيبة وفقدان الأمل، شرعت التراجعات السياسية والاقتصادية والحقوقية في تغذيته وصناعة اليأس الذي تفجر في عودة الهجرة السرية".


وأفاد أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل حتى المؤسسات الدستورية الرسمية من خلال تقاريرها تعلن أن الموقف متوقف عن الإصلاح، وأن الفساد والرشوة تستفحلان في المغرب.


واعتبر أن "أخطر ما في هذه الموجة الجديدة للهجرة، هو هجرة الأسرة بكاملها، الأب والأم والأطفال، ففي السابق كان الأب وحده من يهاجر، أما اليوم فالأمر أصبح أكثر رعبا لأن الأب لا يمكن أن يغامر بأبنائه ويرمي بهم في البحر دون سبب". 


وشدد على أن موجة الهجرة الجديدة، تجاوزت الزبائن التقليديين لهذه المجال، حيث أن المهاجرين الجدد هم مهندسون يشتغلون في شركات دولية كبرى بأجور جد محترمة، ومع ذلك قرروا الهجرة خارج الوطن بحثا عن أمل.


اقرأ أيضا: تقرير رسمي: شباب المغرب يعيش "إقصاء" سياسيا واقتصاديا

 
الهجرة بنت السياسة والاقتصاد
وأجمل أستاذ علم الاجتماع بجامعة المولى سليمان، خالد عاتق، الأسباب التي فجرت ظاهرة الهجرة السرية من جديد في تطور وعي المجتمع والفئات الشابة منه تحديدا، والتعطيل القسري لنموذج الإصلاح في المغرب.


وسجل خالد عاتق في تصريح لـ"عربي21": "في السنوات الأخيرة ظهرت احتياجات جديدة لدى الشباب همت مطالب ذات بعد سياسي وثقافي أكثر منها اقتصادي وظهر ذلك جليا في مطالب الربيع العربي نحو الحرية والكرامة، حيث ظهر تحول جوهري في بنية وعي الشباب بالخصوص".


وتابع: "فارتفاع منسوب الوعي السياسي عند الشباب خاصة بعد حراك الربيع العربي، أدى إلى ظهور قيم جديدة ترتبط بنمط العيش وطبيعة العلاقة مع الذات ومع الدولة، وبات الشباب يتطلع إلى نمط عيش جديد يحقق لهم العيش الكريم والعدالة الاجتماعية وبناء دولة الحريات والكرامة، حيث ارتفع سقف مطالب الشباب في تغيير جذري للواقع المعيش".


وزاد: "ظهر ذلك في اتساع المطالب الاجتماعية التنموية وتنامي الحراك الاحتجاجي، وارتفاع منسوب النقد في وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يمكن فهم وتحليل ظاهرة "الحريك" (الهجرة السرية) في معزل عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقيمية التي يعرفها المجتمع المغربي".

 

اقرأ أيضا: أكثر من 10 آلاف مغربي هاجروا سرا نحو إسبانيا في ثلاث سنوات

 

الموجة الجديدة من الهجرة إلى الشمال، خلقت جدلا داخل المغرب، وتحديدا لأنها جاءت بعد توقف سنوات امتدت منذ الربيع الديموقراطي العربي، ما دفع الباحثين إلى الحديث عن الموجة الحالية باعتبارها دليلا آخر لأزمة السياسة بالمغرب.


وكان تقرير رسمي لوزارة الداخلية الإسبانية، كشف أن عدد الشباب المغاربة الذين هاجروا بطريقة غير قانونية إلى الجارة الشمالية في السنوات الثلاث الأخيرة، ارتفع بشكل مهول ومقلق، إذ وصل الرقم إلى 10104 مهاجرين في الفترة ما بين 2016 و15 تموز/ يوليو 2018.


ويرتقب أن يرتفع الجدل بالمغرب بسبب هذه العودة المكثفة للهجرة غير الشرعية، مع الصمت المطبق للدولة تجاه الظاهرة. 

التعليقات (2)
ناقد لا حاقد
السبت، 20-07-2019 03:31 ص
كان الله في عون الشعوب العربية
صديق يملاح
الخميس، 13-09-2018 08:59 م
أظن هذا التحليل جانب نسبيا الصواب بإقحامه لعزل بنكيران كأحد أيباب فقدان والثقة. السبب في عودة الهجرة، بشكل أقل بكثير مما كانت عليه في التسعينات و بداية الألفية، هو انهيار راسمال الثقة بين جميع المكونات : الشعب و الاحزاب، الشعب و المقاولات، المقاولات و الاحزاب، الدولة و الشعب، ... بنكيران ساهم في هذا الانهبار بسبب سياساته برفع الدعم للسلع الاساسية و على رأسها الوقود و البنزبن و زيادة الاقتطاعات من صندوق التقاعد و .. و ... ثم انبطاحه امام سياسات البنك الدولي. هناك ايضا تزايد العداءات للمغرب كدولة بسبب طموحها الاقتصادي النبيل.