هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحامية السورية نورة غازي، تقول فيه إن نظام بشار الأسد في سوريا معروف جدا بوحشيته، فعلى مدى السبع سنوات الماضية قام النظام باستخدام الغازات السامة ضد شعبه، وحاصر مناطق، مسببا مجاعات بين المواطنين، واستهدفت غاراته الجوية بنايات مدنية.
وتشير المحامية في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن النظام زادت وحشيته في أيار/ مايو، حيث بدأ بصمت في ذلك الشهر بإصدار قوائم الموت، التي امتلأت بأسماء السوريين الموتى، من الذين غيبهم النظام على مدى سنوات، حيث يعتقد بأن هناك عشرات الآلاف من الذين تم اعتقالهم من النظام، كثير منهم في سجون سرية، وترك أهاليهم حائرين بشأن مصيرهم.
وتقول الكاتبة إنه "خلال الصيف، وصلت العائلات الأخبار السيئة بأن أحبتهم المفقودين ماتوا، وتنشر مكاتب التسجيل المحلية قوائم الموت التي ينشرها النظام، وبعض العائلات التي زارت تلك المكاتب لتفحص القوائم أعطيت بيانات رسمية بالوفاة".
وتضيف غازي أن "(حركة عائلات من أجل الحرية)، وهي حركة ساعدت في إنشائها للمطالبة بالعدالة للمعتقلين والمختفين السوريين، تعتقد أن بعض البيانات تشير إلى الإعدام، وليس هناك ذكر لكيفية وفاة السجين، لكن لأن تلك البيانات تأتي من محاكم عسكرية، فإن الناشطين الحقوقيين يرون أنها تمثل فقط حالات الإعدام".
وتتابع المحامية قائلة: "وصلني هذا الصيف بيان حول زوجي، الناشط في مجال حرية التعبير، الذي كان يعمل في تطوير البرمجيات المجانية باسل خرطبيل الصفدي، وكان النظام قد اعتقله عام 2012، قبل أسبوعين من موعد زواجنا، ابتداء كنت أعلم أين كان مسجونا، وأجرينا مراسيم الزواج في السجن، لكن في عام 2015 اختفى ونقل إلى سجن سري لا أعلم عنه شيئا".
وتواصل غازي قائلة: "أخبرت عام 2017 بأن النظام قتله، لكن لم يكن لدي تأكيد رسمي على ذلك، حتى ذهب والده إلى مكتب التسجيل ليبحث عن اسم باسل، فأعطي بيانا يشير إلى أن تاريخ وفاته كان في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بعد اختفائه بيومين".
وتبين الكاتبة أن "العائلات التي لم تظهر أسماء أبنائها في القوائم أو البيانات، يمكنها الذهاب للشرطة العسكرية، التي تصدر شهادات وفاة لبعض المساجين، وبحسب تلك الشهادات فإن كل من مات منهم فإنه مات إما بسكتة قلبية أو نتيجة إصابته فيروس".
وتقول المحامية: "ليس من الواضح ما هو سبب بدء النظام في نشر القوائم والبيانات وشهادات الوفاة، لكن يبدو أن ما يحرك الأسد هو الضغط الروسي لإنهاء موضوع الاعتقال، ونقل التركيز إلى إعادة الإعمار".
وتستدرك غازي قائلة إنه "بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب يعتقد النظام أنه على أبواب انتصار، فلم يبق سوى إدلب في يد الثوار، وأعتقد أن النظام على درجة من الثقة بأنه لن يحاسب، وهو ما يجعله يصدر القوائم، التي هي أدلة على جرائمه، لإسكات العائلات".
وتقول الكاتبة: "قد يكون السبب وراء إصدار القوائم هو التفكير في إعادة الهيكلة، فإصدار القوائم الآن قد يسمح للنظام بإلقاء اللوم على مسؤولين معينين لمعاملتهم السيئة للمعتقلين والتخلص منهم".
وتنوه غازي إلى أنه منذ انشقاق العسكري "قيصر"، الذي نشر صور السجناء المعذبين والمقتولين، فإن العالم علم عن المفقودين في سوريا، مشيرة إلى أن بعض الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في القوائم ظهروا في صور قيصر.
وتجد الكاتبة أنه "مع ذلك، فإن المجتمع الدولي لم يفعل شيئا أكثر من إصدار البيانات التي تطالب النظام بأن يكون أكثر شفافية، وهذه خيانة (للشعب السوري) فألمانيا فقط حاولت التأكد من وجود محاسبة، فأصدرت مذكرة اعتقال دولية بحق جميل حسن، وهو مسؤول كبير في النظام، يعتقد أنه مسؤول عن موت مئات المعتقلين".
وتقول المحامية: "في الماضي لم تكن الحركة تركز على المطالبة بالمساءلة، بل كنا فقط متعطشين للمعلومات عما حصل لأقاربنا، وأين هم مسجونون، لكن الآن علم ثلاثة من عشرة أعضاء رئيسيين في الحركة بالحقيقة المرة، ويتوقع أن تصل الأخبار ذاتها لعائلات أخرى في الأشهر القادمة، وهذا يجعل الوقت وقت فعل".
وتطالب الكاتبة المجتمع الدولي بأن يدفع النظام للإعلان عن الأسباب الحقيقية خلف وفاة المعتقلين، والمطالبة بتفاصيل أماكن دفنهم ومكان اعتقال المعتقلين الأحياء.
وتقول غازي: "يجب أن يسمح للمنظمات الدولية بتفتيش السجون، نظام الأسد يطيع حليفه الروسي، فعلى الدول الأخرى أن تمارس الضغط على موسكو لتضغط بدورها على النظام السوري".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "حتى تتقدم سوريا، وللحفاظ على حقوق الإنسان، يجب أن يجلب الناس الذين يقفون خلف هذه الجرائم للعدالة، لكن هذا لن يحدث إلا إذا طالب المجتمع الدولي به".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا