صحافة دولية

هل يقدم الصراع بين أمريكا وتركيا فرصا جديدة لموسكو؟

أكدت الصحيفة أن الاقتصاد التركي ينمو بوتيرة سريعة إلى حد ما، وذلك بنسبة 16 بالمائة سنويا- جيتي
أكدت الصحيفة أن الاقتصاد التركي ينمو بوتيرة سريعة إلى حد ما، وذلك بنسبة 16 بالمائة سنويا- جيتي

نشرت صحيفة "ستوليتي" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن استمرار تفاقم الأزمة في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة وتراشق التهم والانتقادات التي تملأ المواقع والصحف الغربية، على خلفية العقوبات التي فرضتها واشنطن على أنقرة، وقد أدى ذلك إلى انخفاض قيمة الليرة التركية لتصل إلى 6.46 مقابل الدولار الواحد.


وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "تراجع قيمة الليرة التركية بنسبة 10 بالمئة خلال الأسبوع الماضي، يضع تركيا أمام تحد صعب خاصة فيما يتعلق بالديون الخارجية التي تجاوزت 480 مليار دولار".


تجدر الإشارة إلى أن الرسوم الجمركية على الألمنيوم ارتفعت بنسبة 20 بالمئة وبنسبة 50 بالمئة على الصلب، وفي هذا الصدد، علق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على حسابه على تويتر قائلا: "علاقتنا مع تركيا ليست جيدة للغاية في الوقت الراهن".


وأضافت الصحيفة أن "مشاكل أردوغان مع واشنطن تؤثر على بروكسل، إذ بالتزامن مع انهيار قيمة الليرة، سجل اليورو انخفاضا في معدله مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0.6 بالمئة، وفي المقابل، ارتفعت قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الستة بمقدار نصف نقطة مئوية".

 

اقرأ أيضا: الحرب الاقتصادية.. هل تساعد تركيا بعقد تحالفات جديدة؟


وأشارت الصحيفة إلى أن "تركيا منذ بداية الخمسينات، لم تكن مجرد حليف مخلص للولايات المتحدة، وإنما لعبت دورا هاما إلى جانب الولايات المتحدة في تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط أيضا، لا سيما في صراع جامعة الدول العربية ضد إسرائيل".


وقد انطلق التعاون العسكري الأمريكي التركي منذ بداية الحرب الباردة، عن طريق قاعدة إنجرليك العسكرية أين تم تخزين الأسلحة النووية الأمريكية، فضلا عن ذلك، تعتبر تركيا أحد أهم أعضاء حلف شمال الأطلسي، وبناء عليه، فإن جميع الطائرات وأجهزة التجسس التي تم استخدامها خلال أزمة لبنان سنة 1958 وعاصفة الصحراء في الكويت وغيرها من العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، موجودة في قاعدة إنجرليك الجوية.


ونقلت الصحيفة عن رئيس مركز أبحاث العولمة، البروفيسور ميشيل تشوسودوفسكي، تأكيده على أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وبين الولايات المتحدة وتركيا من جهة أخرى، يعتبر بالأساس اتفاقا حول التعاون العسكري والاستخباراتي، ففي سنة 1994، تم التوقيع على اتفاق سري بين إسرائيل وتركيا، سمح لقوات الأمن الإسرائيلية بجمع معلومات في سوريا وإيران انطلاقا من تركيا، في المقابل، ساعدت إسرائيل في تجهيز وتدريب قوات الأمن التركية لمحاربة الإرهابيين على الحدود مع سوريا والعراق وإيران.


وأفادت الصحيفة بأن السؤال المثير للاستغراب في الوقت الراهن، هو لماذا يجب على دونالد ترامب التخلي عن هذا التحالف الثلاثي طويل الأمد؟ في الواقع، يتعلق الأمر بمسألة اعتقال القس الأمريكي، أندرو برونسون، في تركيا، المتهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة. كما أصبح الاختلاف في المصالح بين أنقرة وواشنطن في سوريا والعراق جليا، فضلا عن مسألة شراء تركيا لأنظمة إس-400 الروسية.


وأوردت الصحيفة أن أردوغان أعلن صراحة أنه لا يرغب في أن تظل أنقرة في تبعية لواشنطن، وفي المقابل، ستسعى للبحث عن أصدقاء جدد، وقد رشحت الصحافة الغربية كلا من الصين وإيران وروسيا كأصدقاء جدد لتركيا. لكن، تبقى للكرملين الفرصة الأكبر للاستفادة من الأزمة التركية الأمريكية، علما وأن التعاون مع تركيا كان مجرد حلم بالنسبة لروسيا فيما مضى.

 

اقرأ أيضا: أردوغان: لا فرق بين من يستهدف اقتصادنا ومن يهاجم أذاننا


وأكدت الصحيفة أن الاقتصاد التركي ينمو بوتيرة سريعة إلى حد ما، وذلك بنسبة 16 بالمائة سنويا، ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى منافس يحقق اقتصاده نموا بهذه السرعة في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، وتجدر الإشارة إلى أن أردوغان أكد محدثا شعبه أنه "على الرغم من هذا الهجوم الشرس على بلادنا، إلا أننا سنستمر في التقدم وستنتهي سنة 2018 بتحقيق أرقام قياسية"، كما دعا شعبه إلى صرف الدولار أو اليورو أو الذهب إلى الليرة التركية، باعتبار أن ما يحدث هو "معركة قومية بالنسبة له".


وأوضحت الصحيفة أن قرار مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركي الذي أدى إلى تراجع الليرة التركية وفقا للخبراء الاقتصاديين، هو بمثابة حرب اقتصادية شنها ترامب على تركيا، وفي هذا السياق، يبدو من الواضح أن هذه الحرب، كغيرها من الحروب، ستحفز على إقامة اتحادات جديدة نظرا لأن أنقرة لن ترضى بالبقاء تحت قيادة واشنطن.


وفي الختام، قالت الصحيفة إن أردوغان أكد في اجتماع حاشد في مدينة ريزة التركية استعداده للقيام بالعمليات التجارية مع الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا بالعملة الوطنية، وعلى هذا الأساس، من الواضح أن موسكو ستكون أحد المستفيدين الرئيسيين من الصراع بين واشنطن وأنقرة.

التعليقات (0)