هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رسم
خبير اقتصادي صورة متشائمة لرؤية ولي العهد السعودي "2030"، خصوصا فيما
يتعلق بتداخل اختصاصات الهيئات الحاكمة في السعودية فضلاً عن مركزية الدولة الشديدة،
ما ينذر بفشلها.
وحسب
الخبير هادي فتح الله فإن التباين بين ما تتطلع الدولة إلى تحقيقه – لا سيما
"رؤية 2030"، وبين الإمكانات والسلطة التي تتمتع بها هيكلية الحوكمة السعودية
العاجزة، مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية، لتنفيذ تلك التطلعات.
وفي
الدراسة التي أعدها فتح الله ونشرها معهد كارنيغي الأمريكي، أكد فتح الله أن
"عجز المنظومة البيروقراطية الراهنة عن إيجاد حلول للمشكلات الإنمائية واضحاً
لبعض الوقت – بدءاً من تطبيق الخطط الإدارية والتنموية الكبرى التي وضعتها الحكومة
المركزية بموجب "رؤية 2030" وصولاً حتى إلى تأمين أبسط الخدمات مثل إدارة
النفايات، والأمن الغذائي، والمياه".
وتكشف
الدراسة أن "مجموعة المؤسسات المناطقية والمحلية، التي يُفترَض بها تطبيق الجزء
الأكبر من "رؤية 2030"، معقّدة للغاية. فهي تنقصها الفاعلية، وتعاني من خلل
وظيفي أحياناً، لأسباب عدة منها أنها لم تخضع للإصلاح منذ الثمانينيات، ولا تعكس التغييرات
الديمغرافية والاجتماعية التي شهدتها البلاد".
وتنتقد الدراسة كثرة
وتداخل المؤسسات المناطقية التي من المفترض أن تكون أساس نجاح "رؤية
2030"، فهناك الإمارات الخاضعة لإشراف وزارة الداخلية، ووزارة البلديات.
تقول
الدراسة إنه "بوجود هذه المتاهة من الكيانات الحكومية الوطنية والمحلية يسود تشوّشٌ
كبير حول التسلسلية الهرمية والسلطة القانونية، لا بل أكثر من ذلك، تتنافس هذه الكيانات
على الموارد والسلطة والبروز. على سبيل المثال، بعد إقالة محمد بن نايف من وزارة الداخلية
في 21 حزيران/ يونيو 2017، خفّضت الحكومة الحصّة المخصصة للحوكمة المناطقية
(الإمارات) في موازنة الوزارة، ونقلت الموارد إلى كيانات حديثة العهد، مثل الهيئة العامة
للترفيه. وتُرِكت الهيئات المحلية، التي تتعامل مع الاحتياجات اليومية للسكان ومطالبهم،
مع موازنات محدودة جداً، وقد خصّصت الدولة جزءاً كبيراً من الموارد التي تمتلكها هذه
الهيئات، لإنفاقها على الفعاليات والمهرجانات الثقافية. فالأدوات والأموال المتوافرة
للبيروقراطيين المحليين بالكاد تكفي لتأمين الخدمات المحلية الأكثر أساسية، فما بالكم
بالنهوض بالمسؤوليات الإدارية أو الإنمائية الأوسع مثل تحسين الطرقات".
مشكلة
التداخل وقلة الصلاحيات لا يتوقف هنا، بل "على المستوى الأعلى، هناك كوكبة من
المؤسسات الحكومية التي تعمل على تخطيط الخدمات وتأمينها، ومنها المؤسسة الملَكية،
والديوان، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وكوكبة من الوزارات، ومجموعة من لجان
الاستراتيجيات ومكاتب إدارة المشاريع في إطار "رؤية 2030" وبرنامج التحوّل
الوطني، فضلاً عن الهيئات الوطنية (مثل الهيئة العامة للثقافة والهيئة العامة للترفيه).
لكل هذه المؤسسات مسؤوليات متداخلة – تكمّل بعضها أحياناً، أو تتخطّى بعضها، أو تتنافس
في ما بينها – وسلطة قانونية محدودة تتّسع أو تتقلّص استناداً إلى الموارد المخصصة
للمؤسسة أو المعارف الشخصية للمسؤولين عنها.
وتخلص
الدارسة إلى أن "هذه المركزية والتداخل بين سلطات الحوكمة المحلية يعطّلان تطبيق
المشاريع، ما يؤدّي إلى تقويض صدقية المؤسسات المحلية والمركزية على السواء. فإذا لم
يتم تمكين هيئات الحكم المحلية وترسيخ المؤسسات المتنافسة، لن تتمكّن السعودية من تنفيذ
الإصلاحات والمشاريع الضرورية لإنقاذ جدة من الفيضانات، فما بالكم بتحقيق التحوّل وفقاً
للتصوّر الذي وضعته "رؤية 2030"".