قضايا وآراء

هل تجاوز الاردن ازمته الداخلية؟!

1300x600
1300x600

بعد ان قدم الرزاز بيان حكومته امام مجلس النواب؛ اطلق جولة من الحوارات مع الكتل النيابية على أمل الحصول على دعمها في التصويت على الثقة؛ غير ان الكتل البرلمانية بمكوناتها السياسية والاجتماعية لا تجمع اعضاءها البرامج السياسية او الاقتصادية انما تحالفات غامضة يصعب تقدير الدوافع الحقيقية لتشكيلها باستثناء كتلة الحركة الاسلامية ( حزب جبهة العمل الاسلامي) المسماة الاصلاح.


الحوارات بين الكتل النيابية ورئيس الوزراء وطاقم وزارته ينظر اليها باعتبارها ظاهرة قديمة؛ تتجدد فيها المساومات القائمة على اجندة ضيقة للنواب ومصالحهم التي تعكس خلفياتهم ومرجعياتهم الاقتصادية الضيقة؛ و يمثل ذلك الانطباع العام لدى الكثير من المراقبيين في وسائل الاعلام والشارع الاردني؛ الذي تراجعت ثقته بالمؤسسات ليعبر عنها بتراجع مرعب في نسب المشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية والبلدية ؛ فلم تتجاوز في بعض الدوائر الانتخابية الـ 25% من نسبة من يحق لهم التصويت.

 

الحوارت الدائرة بين النواب وحكومة الرزاز يرى فيها البعض انها امتداد للنمط التقليدي الاجرائي والقانوني في الاردن؛ الذي كرس اليات محدودة الفاعلية والنفاذ والتأثير داخل المجتمع؛ اذ كرست الاحتكارات الاقتصادية وضيقت دائرة المشاركة السياسية وخلقت العديد من الفجوات والجزر المعزولة داخل المجتمع والدولة.

 

فالمسار التقليدي القائم على التنفيعات والمحاباة في ظل غياب البرامج السياسية والاقتصادية للكتل النيابية؛ يمثل امتداد لهندسة قديمة صاغها قانون الانتخاب وعكستها حملات المرشحين و ممارسات الكثير من النواب تحت قبة البرلمان.

 

وبرغم تحديد الرزاز لاجندته الاقتصادية والسياسية والتشريعية خلال الايام المائة الاولى لحكومته ووضعه لخطوط عريضة عامة للعقد الاجتماعي الجديد؛ القائم على الحقوق والواجبات وسيادة القانون؛ الا ان هذا المسار مهدد بتقاليد سياسية باتت راسخة يصعب تجنبها صاغتها النخبة التي صعدت الى مواقع التاثير خلال اكثر من عقدين من الزمن وخلقت نمطا تقليديا من الصعب تجاوزه.

 

الحقائق المتشكلة خلال الحقب السابقة تجعل من الصعب احداث تطور في الاداء الاقتصادي بدون اصلاحات سياسية ومؤسسية؛ فالتحدي الاقتصادي كبير وعميق تعكسه مديونية هائلة لامست سقف الـ40 مليار دولار؛ و خدمة الدين اثقلت الموازنة العامة؛  و الركود والبطالة تعد سيد الموقف؛ وجل ما قامت به الحكومة الجديدة للتعاطي مع حالة التدهور الاقتصادي ابطاء تفاعلاته الاجتماعية والامنية والسياسية الخطيرة وشراء الوقت مستعينا بالمساعدات الخارجية والقروض؛ مخلقا مناخ متفائل ولكنه خادع بإمكانية ايجاد حلول لازمات طارئة وخانقة تهدد الاقتصاد.

 

ستبقى الاسئلة برسم الاجابة حول قدرة حكومة الرزاز على تجاوز العقبات سواء المتعلقة بالهيكل البيروقراطي التقليدي ومخاوف القطاع الخاص والطبقة الوسطى المتأكلة؛ والاهم التحديات الاقليمية بشقها السياسي والامني والاقتصادي؛ مسالة من الممكن ان تغرق حكومة الدكتور عمر الرزاز في تفاصيلها ليغيب عنها البعد الاستراتيجي في التفكير؛ والذي يتطلب مسارا موازيا للحوار المجتمعي والسياسي يمكن الدولة والمجتمع من احتواء أزمات قادمة لا محالة و التعامل معها بفاعلية بعيدا عن المناخات الخادعة للإجراءات الطارئة .

 

ختاما تمكن الاردن من شراء الوقت بإجراءات سريعة جدولت فيها حكومة الرزاز الكثير من الاجراءات المقترحة من حكومة الملقي زمنيا غير انه لم  تلغها بالكامل؛  وأوقفت بعض الخطوات الجدلية؛ واسعفته المنح والساعدات والقروض الخارجية التي جاءت على حين عجل لإنقاذ الموقف؛ غير ان الزمن الذي تم شراؤه يجب ان يستثمر في تطوير المنظومة القانونية والسياسية والبدء بحوار معمق قبل ان تجتاح البلاد موجة جديدة من الازمات الاقتصادية والاقليمية التي باتت تتراءى للمراقبيين والمختصين.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل