هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تترقب الأوساط السياسية الأردنية بحذر تشكيلة حكومة رئيس الوزراء الأردني المكلف عمر الرزاز وقدرته على نزع فتيل الاحتجاجات التي تشهدها المملكة منذ الخميس الماضي، والتي أطاحت بالرئيس السابق هاني الملقي، على خلفية قرارات اقتصادية أثقلت كاهل المواطن.
الرزاز الذي أعلن تكليفه رسميا الثلاثاء، شغل منصب وزير التربية والتعليم في نفس الحكومة المقالة، إلا أنه يحظى بقبول لدى أوساط شعبية ولدى مؤسسات المجتمع المدني، بسبب ما يراه مراقبون توجها ليبراليا أقرب لطرح الدولة المدنية لدى الرزاز، بعيدا عن تيار المحافظين الذي اعتاد النظام أن يأتي برؤساء الوزراء منهم.
أولويات أمام الرزاز
أمام الرزاز أولوية حددها العاهل الأردني عبد الله الثاني في كتاب التكليف، عندما طالبه بإطلاق "حوار فوري بالتنسيق مع مجلس الأمة بمشاركة الأحزاب والنقابات ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، لإنجاز مشروع قانون ضريبة الدخل"، وهو مشروع القانون الذي أطلق شرارة الاحتجاجات والإضرابات في البلاد.
وفي هذا الصدد ترى الكاتبة الصحفية، عطاف الروضان، "أن أهم ملف أمام الرزاز هو الوصول إلى صيغة توافقية حول مشروع قانون الضريبة، فخيار سحب القانون يبدو مستبعدا من كتاب التكليف الملكي".
اقرأ أيضا: احتجاجات الأردن تبعث برسائل داخلية وخارجية.. ما هي؟
وتقول في حديثها لـ"عربي21" إن على الرئيس المكلف "إجراء حوار موسع هو ما طلبه الملك، وهو مطلب كثيرين قبل بدء الحراك والإضراب، أما الملفات الأخرى فهي بالتأكيد ذات طابع اقتصادي، اجتماعي، من خلق مشاريع وفرص ترفد التنمية للخلق فرص عمل لأعداد هائلة من خريجي الجامعات والتي تعاني من البطالة".
وتشير إلى أن "رصيد الرزاز الإيجابي لدى كثير من القطاعات قد يخدمه في موضوع الحوار والتواصل مع المواطنين وممثليهم من مؤسسات مدنية وتشريعية، ولكن قد لا تنفعه الكاريزما في الملفات الأخرى التي تحتاج إلى المال أكثر من العاطفة لحسمها".
ويتوقع سياسيون أن يقوم الرزاز بتعديلات واسعة في الحكومة تشمل وزراء أثاروا الشارع في تصريحات لهم مثل وزير المالية، ووزير الإعلام، إلى جانب إدخال عنصر شاب في الحكومة، إلى جانب نقابيين.
وفي هذا السياق، تأمل الوزيرة السابقة أسماء خضر أن يحقق تكليف الرزاز "جزءا من مطالب المحتجين".
وفي حديثها لـ"عربي21" تدعو خضر لأن يثير الرئيس الرزاز "نقاشا حول قانون الضريبة"، قائلة إن "المنتظر ما سينتج عن هذا التكليف من إصلاح في إدارة الشأن العام وفي النهج الاقتصادي للبلاد وفتح حوار مع كافة الأطراف للتوصل إلى تشريعات تحقق العدالة الضريبة".
تغيير نهج
بدوره، يرى المحلل السياسي، لبيب القمحاوي، أن استقالة الحكومة وتكليف الرزاز، لا يكفي، قائلا لـ"عربي21"، "شخصية الرزاز نزيهة لكنه لا يكفي لمواجهة الإرث السيئ لحكومة الملقي، فالمهمة أمامه صعبة تحتاج إلى رئيس مسيّس أكثر ويملك برنامج عمل واضح خصوصا أنه كان جزءا من حكومة سيئة السمعة".
اقرأ أيضا: صحيفة سويسرية: هل ضحى ملك الأردن برئيس وزرائه؟
ويتوقع قمحاوي أن يكون تكليف الرزاز مرحلة انتقالية، ويضيف: "نتحدث عن رؤية شعبية واضحة تريد تغيير نهج اقتصادي وسياسي واضح المعالم، الشارع لا يريد بقاء الفساد والجباية، والتفرد في السلطة، ولا يريد المؤسسية الغائبة، في النظام السياسي الأردني، وهذا يتطلب حكومة قوية، وهذا يتوقف على رؤية الملك للتغيير".
ويستبعد المحلل السياسي أن يعيد تغيير الحكومة المواطنين المحتجين إلى منازلهم، والسبب كما يرى "أن القضايا الأساسية لم يتم التطرق لها من قبل النظام مثل تغيير قانون ضريبة الدخل، وتغيير النهج السياسي، والاقتصادي، وإيجاد حكومة وطنية تعيد ثقة الشعب بمؤسسات الدولة".
والمخرج من الأزمة حسب القمحاوي "أن يكون الملك واضحا في كتاب التكليف للحكومة الجديدة بخصوص الإصلاح السياسي والاقتصادي، إلى جانب حل مجلس النواب، وأن يكون هنالك إقناع للجماهير أن جهود الإصلاح حقيقية".
ملف سياسي وانقلاب الحلفاء
غير أن هناك من يرى أن الملف الاقتصادي ليس الملف الوحيد أمام الرزاز، حيث يأتي تكليفه في ظل تقارير تحدثت عن "انقلاب حلفاء تاريخيين من دول الخليج على الأردن وقطعوا تمويلهم عنه بسبب مواقف المملكة من القضية الفلسطينية".
وفي هذا السياق، أشار العاهل الأردني في كتاب التكليف للرزاز إلى "ضغوط خارجية تتعرض لها المملكة"، وقال: "تحّمل الأردن عبر السنوات الماضية ما تنوء عن حمله أكبر وأقوى الدول، وإن الظرف الاقتصادي الصعب الذي نمر به ليس وليد اللحظة. بل هو نتيجة تراكم ظروف ضاغطة، جلّها خارجية وبفعل غياب الاستقرار في الإقليم".
وهنا، يطالب أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، بأن تكون الحكومة الجديدة "سياسية تصارح الشعب بالتحديات الإقليمية التي تواجه البلاد خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وانقلاب بعض الحلفاء على الأردن".
ويقول لـ"عربي21": "الأردن دفع ثمن مواقفه من القضية الفلسطينية، الاحتجاجات الأخيرة أقلقت بعض الدول الخليجية كون أي اهتزاز في الأردن بسبب موقعها الجيوستراتيجي (سوريا، العراق، فلسطين، الجزيرة العربية) سيفتح الأبواب على بعضها ويقلب الطاولة على رؤوس الجميع، لنا حد من الصبر مع الحلفاء، إذا حدث شيء لا سمح الله بوابة سوريا والعراق ستفتح على الجزيرة العربية".
إصلاح شامل
من جهته يرى الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين، بادي رفايعة أن "التغيير لا يجب أن يقتصر على تكليف الرزاز"، مضيفا: "الناس طموحه لتغيير جذري لسياسة متبعة في إرهاق الناس، أوضاع المواطن الاقتصادية مأساوية، بعد أن ازدادت مساحة الفقر والبؤس ومعدلات البطالة".
ويتابع: "الناس تطمح لحل مجلس النواب وتغيير قانون الانتخاب، بحيث يشكل الحزب الفائز بالبرلمان حكومات من رحم الشعب وتطبيق المبدأ الدستوري الشعب مصدر السلطات".
يذكر أنه، ولليوم السادس على التوالي تتواصل الاحتجاجات في العاصمة الأردنية عمان ومختلف المحافظات رفضا لقانون ضريبة الدخل الذي طرحته حكومة هاني الملقي، الذي اضطر تحت ضغط شعبي إلى تقديم استقالته للعاهل الأردني الاثنين.