هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ترتكز الدعاية الاحتلالية الصهيونية المركزية والمتبناة من قبل المؤسسة الرسمية وغير الرسمية في دولة الاحتلال حول نضال الشعب الفلسطيني بشكل عام ومقاومته العنيدة في قطاع غزة بشكل خاص، والموجهة بالدرجة الأولى إلى الداخل الصهيوني ومن نصره و المدفوعة بالأساس من حاجات الحرب النفسية، واستهداف المعنويات في كلا الاتجاهين: الداخل الصديق والخارج العدو، ترتكز على معايير عادلة أو معقولة تؤدي في أغلب الأحيان للحكم القاطع بفشل الشعب الفلسطيني، ونجاح سياسات الاحتلال .
فالشعب الفلسطيني وفق هذه الدعاية قد فشل في تحقيق أي من أهدافه الوطنية على مر العقود، كما أن مقاومته المشروعة في غزة - وهذا موضوع المقال الرئيس- قد فشلت في محاولاتها فك الحصار عن القطاع بدأً من حروبها الثلاث 2008، 2012، 2014، ومرورا بمحاولاتها الفاشلة بالمصالحة، وأخيرا بما أطلق عليه الجيش الإسرائيلي "استغلالها لمحاولات الاحتجاج والتظاهر المدني لاختراق السياج العازل على حدود غزة، من أجل خطف الجنود والمس بالمواطنين الإسرائيليين"، أو ما أسماه فشلها من خلال رفع شعار "حق العودة" كعنوان للتظاهرات، الأمر الذي وحد كل الإسرائيليين ضدها، وأحبط الفلسطينيين لطرحه هدفا لا يمكن تحقيقه .
تتجاهل الدعاية الاحتلالية المدعية النجاح والإنجاز عن قصد وبشكل مدروس حقيقة كون الشعب الفلسطيني ما زال وحيدا، ودون نصير جدي وحقيقي في مرحلة التحرر والمقاومة لمشروع صهيوني إحلالي ومدعوم من رأسه وحتى أخمص قدميه، من أعظم دول المعمورة قاطبة، وقد تكلل هذا الدعم بمواقف وسياسات ترامب غير المسبوقة، وقد تعاظم أكثر تجاه قطاع غزة في ظل حالة الانقسام الفلسطيني البغيض .
وهكذا لعبت الظروف والبيئة السياسية والإستراتيجية -وبشكل متزايد - دورا حاسما لصالح إسرائيل وضد نضال الشعب الفلسطيني العادل والمشروع، وخصوصا في قطاع غزة، يضاف إلى ذلك موقف بعض الأنظمة العربية المركزية، والذي بدأ يشهد تعاونا سياسيا واستخباراتيا متزايدا ومستمرا مع دولة الاحتلال حتى وإن كان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني ومقاومته العادلة والمشروعة .
إن فصل أو عزل معيار الإنجاز عن سياقه سالف الذكر أو استخدامه دون مراعاة للظروف الموضوعية القاهرة، يعد ضربا من ضروب التهكمية والتعجيز واللامنطق، كما أن تجاهله تماما بحجة هذه الظروف هو عجز وإتكالية وابتعاد عن المسؤولية الوطنية، وقد لا يقل خطورة عن اعتباره ظلما وحربا نفسية غاشمة من قبل الدعاية الاحتلالية حين عظمته وجعلته معيارا وحيدا للنجاح أو الفشل .
قد تكون معايير الصمود في وجه الهجمة الصهيونية المستمرة، والثبات على الحقوق والمبادئ المشروعة وعدم التنازل عنها والمواجهة وتدفيع المحتل أثمانا متنوعة سياسية وعسكرية واقتصادية لاحتلاله كما تفعل المقاومة و مسيرات العودة الكبرى، على الرغم من السياق والظروف والبيئة السياسية والإستراتيجية الصعبة هي المعايير الأقرب و الأنسب لتكون مركزية- وليست وحيدة- للحكم على مدى نجاح أو فشل الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة.
أما اعتماد الدعاية الاحتفالية على الإنجاز وحده أو الإنجاز المنزوع من السياق والشروط والظروف المحيطة فهو أمر متوقع من عدو يسعى لتعزيز سيطرته وحربه ضد الشعب الفلسطيني، وينبغي أن لا ينطلي على أحد من أبناء أو أنصار الشعوب المظلومة والمقاومة .