أثارت تصريحات وزير الخارجية
المصري سامح شكري خلال مشاركته الأربعاء الماضي في ندوة بمجلة السياسة الدولية بالقاهرة حول التفكير في إرسال
قوات عربية لسوريا بديلة عن القوات الدولية، ردود أفعال متباينة، حيث بادرت الخارجية المصرية بإصدار بيان توضيحي مساء الجمعة حول تصريحات وزيرها، مؤكدة أنه لا يعني بكلامه مصر، وأن إرسال قوات خارج الحدود المصرية يخضع لإجراءات دستورية معينة.
الكاتب الصحفي المتابع لنشاط الخارجية المصرية أحمد الجيزاوي أكد لـ"
عربي21" أن كلام الوزير يشير بأن الفكرة محل دراسة داخل الحكومات العربية، وأن ما صدر عن وزارة الخارجية لا ينفي ما قاله الوزير ولكنه يوضح أن قرارا لم يُتخذ بعد في هذا الإطار.
ويضيف الجيزاوي أن المتحدث باسم الوزارة تهرب من الرد المباشر على تساؤلات الصحفيين حول تصريحات الوزير، واكتفي بإحالة المتصلين به إلي بيانه الرسمي، موضحا أن إدارتي الشؤون القانونية والعربية تدرس بالفعل هذا الخيار، وهل يكون من خلال تفعيل البند الخاص باتفاقية الدفاع العربي المشترك، أم يكون من خلال دعوة تقدمها الأمم المتحدة للدول العربية للقيام بهذه المسؤولية وفي هذه الحالة يتم اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة.
ويؤكد الجيزاوي أن تكليفات صدرت للإدارات السابق ذكرها بدراسة كل الاحتمالات بالتنسيق مع القوات المسلحة والمخابرات المصرية، إلا أنه لم يتأكد حتى الآن إن كانت هذه التحركات جاءت كنتيجة لزيارة وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا لكل من السعودية والأردن وإسرائيل.
ويشير الجيزاوي أن الأمانة العامة للبرلمان المصري لم تتلق أي طلبات من رئاسة الجمهورية أو من الخارجية متعلقة بعقد جلسة خاصة لمناقشة إرسال قوات مصرية لسوريا كما ينص الدستور، وفي حال إرسال مثل هذا الطلب سيتم تحويله لهيئة مكتب البرلمان الذي يقوم بدوره بإحالته للجنة الدفاع والأمن القومي وبمشاركة مكاتب لجان الشؤون العربية والشؤون الدستورية والتشريعية والعلاقات الخارجية لبحثه واتخاذ الرأي القانوني فيه، على أن يتم عرضه بعد ذلك في جلسة عامة للموافقة عليه بأغلبية الثلثين، وفي حال رفض المجلس يتم طرحه للاستفتاء العام.
من جانبه يؤكد خبير العلاقات الدولية بمركز القاهرة للبحوث والدراسات السفير باهر الدويني لـ "عربي21" أن هناك توجهات بالفعل لإرسال قوات مصرية ضمن أخرى عربية لتحل محل القوات الدولية، وأن وزير الخارجية الأمريكي ناقش هذه الفكرة خلال زيارته الأخيرة للسعودية، كما قام بطمأنة إسرائيل بعدم الخوف من وجود مثل هذه القوات على أمنها الخاص.
ويشير الدويني أن السعودية والإمارات سوف تتكفل بالإنفاق بينما دول أخرى سوف تقوم بالتنفيذ وفي مقدمتها مصر، التي بحاجة ماسة لمزيد من الدعم الاقتصادي من دول الخليج.
وبصفته سفيرا سابقا بالخارجية المصرية يؤكد الدويني أن بيان الخارجية الذي صدر لتوضيح تصريحات الوزير لم ينف فكرة إرسال قوات لسوريا ولكنه أرجعها إلى أنها تخضع للعديد من الإجراءات الدستورية والقانونية، وهي أمور بسيطة لنظام السيسي الذي يسيطر على البرلمان والإعلام.
ويضيف الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء مجدي الأسيوطي لـ"
عربي21"، أن القوات العربية التي يمكن أن تذهب لسوريا تكاد تكون مقتصرة في كل من مصر والسعودية والإمارات، خاصة وأن الدول العربية الأخرى مثل الأردن ولبنان والعراق سترفض الدخول في المستنقع العسكري بسوريا، مفضلين الحل السياسي.
أما السودان فقد تعرضت لخسائر بشرية في اليمن وتفكر حكومة البشير بشكل جاد في سحب قواتها المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، أما باقي الدول فلا يعنيها الملف السوري بشكل كبير، بحسب الأسيوطي.
ويضيف الأسيوطي أن أي قوات عربية تذهب لسوريا سوف تدخل في مواجهة مباشرة من ناحية الشرق مع إيران وهو ما تريده السعودية، وفي مواجهات غير مباشرة من ناحية الشمال مع تركيا وهو ما تريده الإمارات ومصر، بالإضافة إلى أن مواجهات أخرى مع الفصائل والجماعات المسلحة، وهو ما يدخل
سوريا في مزيد من الأزمات والكوارث بهدف القضاء عليها لصالح المشروع الصهيوني في المنطقة.
وبشير الأسيوطي أنه من الناحية العسكرية فإن القوات العربية لن تحقق النجاح المرجو منها نظرا للتنوع العسكري للفصائل المسلحة من ناحية ولفتح جبهات مع إيران وتركيا من ناحية أخرى، والأكراد من ناحية ثالثة، وبالتالي فإن هذه المجازفة لها تأثيرات سلبية كبيرة علي القوات العربية رغم ما تمتلكه من إمكانيات مادية وعسكرية.
وحذر الأسيوطي الحكومة المصرية من الانجرار وراء مغامرة محمد بن سلميان غير المحسوبة، حتى لو كان المقابل المادي كبيرا، لأنه سوف يفتح جبهات إضافية للجيش المصري بالإضافة لجبهتي الشرق في سيناء والغرب في ليبيا، خاصة وأن ابن سليمان يريد القفز على كرسي العرش بتحقيق انتصار على إيران في جبهة غير مباشرة ومن خلال الآخرين، بحسب تعبيره.