هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فجر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مفاجأة من العيار الثقيل أول
من أمس عندما أعلن عن استعداد بلاده للتجاوب مع طلب الإدارة الأمريكية إرسال قوات
إلى "شرقي" سوريا لتحل مكان القوات الأمريكية التي أعلن دونالد ترامب عن
نيته سحبها في القريب العاجل.
الجبير
صاحب الخبرة الواسعة في السياسة الأمريكية قال إن نقاشا حول هذا المقترح بدأ منذ
بداية العام الحالي مع إدارة ترامب. وأضاف أن المملكة مستعدة لإرسال قوات إلى
سوريا تحت مظلة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إذا اتخذ قرار بتوسيعه.
تزامنت هذه التصريحات مع تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أفاد بأن
إدارة ترامب طلبت من حلفائها العرب إرسال قوات إلى المناطق الشرقية من سوريا كبديل
للقوات الأمريكية المنوي سحبها.
وليس جديدا تصريحات مسؤولين أمريكيين كبار على رأسهم ترامب طالبوا
فيها إعلان دول الخليج الغنية تحمل تكاليف بقاء القوات الأمريكية في سوريا، إذا
كان هذا التواجد ضروريا من وجهة نظرهم.
وحسب تقارير صحفية فإن اتصالات مستشار الأمن القومي جون بولتون، بهذا
الخصوص شملت ثلاث دول هي مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
على المرء أن يكون صاحب خيال واسع ومغامر من طراز أسطوري لكي يتعامل
مع هذا التوجه بالجدية الكافية.
إذا كانت القوات الأمريكية تنوي مغادرة سوريا لأن المهمة المتمثلة
بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي قد أنجزت، كما صرح ترامب، فما الحاجة إذا لقوات
بديلة؟
لكن دعونا نسلم برأي جنرالات البنتاغون بأن المهمة لم تنجز بعد
بالكامل وهناك حاجة ماسة لبقاء القوات الأمريكية، فهل تستطيع القوات العربية
البديلة أن تملأ الفراغ الذي تخلفه القوات الأمريكية؟
الوضع سيختلف بشكل جذري. أولا المناطق المستهدفة بالوجود العسكري
تسكنها أغلبية من الأكراد السوريين المتوجسين من أي دور أجنبي غير الدور الأمريكي،
ولا يمكنهم الوثوق أبدا بجيوش تمثل دولا وقفت في الضد من طموحاتهم.
ثانيا، السبب الوحيد الذي حال دون إقدام الجيش السوري أو القوات
المحسوبة على إيران على استهداف القوات الموجودة في شرق سوريا هو أنها أمريكية.
ذلك كما هو معروف خط أحمر إيراني ومن قبل روسي، لأن تبعات الاستهداف مكلفة جدا
وتعني مواجهة بين القطبين العالميين.
القوات العربية إذا ما تواجدت على الأرض السورية ستكون هدفا لكل
الأطراف بما فيها الجماعات الإرهابية. إيران ستجد فيها ساحة مثالية بعد اليمن
لتصفية حساباتها مع السعودية والإمارات، ومهما بلغت الحماية الجوية الأمريكية من
نفوذ وحضور، فإنها لن تحول دون شن هجمات منظمة على هذه القوات.
بمعنى آخر ستزداد وتيرة العنف والمواجهة العسكرية في سوريا، وتنهار
مناطق خفض التصعيد، وتواجه الدول المتورطة حرب استنزاف طويلة.
روسيا لن تكون مستعدة أبدا للتعايش مع جيوش يمكن أن يكون لها نفوذ
أهلي في سوريا، وقد ثبت من التجربة التركية أن أية دولة تنوي الخوض ميدانيا في
المشهد السوري عليها أن تحظى بالقبول الروسي، ولا أعتقد أن الكرملين مستعد لمناقشة
خطوة تنطوي على قدر من التجديف السياسي في سوريا.
الولايات المتحدة وحدها من دول التحالف القادرة على الوجود في سوريا
بدون إذن من موسكو.
الغد الأردنية