هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت الحكومة التونسية عن الرفع في أسعار بعض المواد البترولية للمرة الثانية على التوالي خلال سنة 2018 مما فجر حالة غضب بين التونسيين تحول إلى موجة اعتصامات وتلويح بالتصعيد من أصحاب التاكسيات الفردية والجماعية.
وكانت وزارة الطاقة والمناجم قد أعلنت خلال الأيام الماضية عما أسمته بـ "تعديل جزئي على أسعار بعض المواد البترولية" وبررت هذه الزيادات - 50 مليما للتر الواحد - بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية ليبلغ 70 دولارا للبرميل الواحد.
وتعد هذه الزيادة في أسعار المواد البترولية الثانية على التوالي خلال هذا العام حيث تم الرفع في أسعار المحروقات في مناسبة أولى في شهر كانون الثاني/ يناير 2018.
وقال الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي خلال تصريحات إعلامية إن الحكومة تعتزم الرفع في أسعار المحروقات أربع مرات خلال هذه السنة بمعدل كل ثلاث أشهر.
وبرر هذه الزيادات بتوصيات المؤسسات الدولية التي توقعت ارتفاع سعر برميل النفط إلى نحو 70 دولارا والحال أن قانون المالية الذي أعدته الحكومة التونسية لسنة 2018 اعتمد على 54 دولارا كسعر للبرميل، مما سبب خلالا في حجم دعم المحروقات الذي رصدته الحكومة ليرتفع من 1.5 مليار دينار -619 مليون دولار- إلى 3 مليارات دينار.
واعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في حديثه لـ "عربي21" أن الزيادات الحالية والقادمة لسعر المحروقات التي أعلنت عنها الحكومة التونسية ليست بالأمر المفاجئ بل تم ضمن "إملاءات" في شكل "إصلاحات كبرى" تعهدت بها السلطات التونسية بتنفيذها لصندوق النقد الدولي سنة 2013 في أعقاب طلب تونس الحصول على قرض من هذه المؤسسة الدولية المالية بقيمة 2.9 مليار دولار.
اقرأ أيضا : لإنعاش الاقتصاد.. "النقد الدولي" يدعو تونس لخفض قيمة عملتها
وتابع: "هذه الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة التونسية ضمت الحفاظ على التوازنات العمومية المالية وترشيد نفقات صندوق الدعم ومن بينها صندوق دعم المحروقات لكن الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط لحدود 70 دولارا بعثر حسابات الحكومة التي اعتمدت ميزانية بحدود 45 دولارا للبرميل مع العلم أن كل زيادة بدولار واحد في سعر برميل النفط تكلف الدولة 130 مليون دينار دعم إضافي".
واعتبر سعيدان أن تونس تأخرت كثيرا في الإصلاحات الكبرى التي تعهدت بها أمام صندوق النقد الدولي وهو ما انجر عنه التأخير في صرف القسط الثاني والثالث من القرض عن كل دفعة.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن إحراج صندوق النقد الدولي لتونس تبين جليا خلال الأسبوع الماضي من خلال التوصيات التي قدمها في شكل رسالة للحكومة التونسية والتي تضمنت "أوامر وشروطا" تلزم الحكومة بالزيادة في سعر المحروقات كل ثلاثة أشهر حتى نهاية 2018.
وحذر سعيدان من تداعيات هذه الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات على حياة المواطن التونسي من خلال الرفع في أسعار تذاكر النقل وخلق حالة من الاحتقان بدأت تتجلى من خلال الوقفات الاحتجاجية لأصحاب سيارات الأجرة والتاكسي المطالبين بالزيادة في تعريفة النقل بالتوازي مع الزيادات في أسعار المحروقات.
وكان الإعلان عن الزيادة الثانية في أسعار المواد البترولية قد أشعل موجة استنكار بين نشطاء الشبكات الاجتماعية حيث اعتبر الإعلامي نادر حداد أن رئيس الحكومة الحالي يقوم بآخر مهمة له في تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي والتي كان قد أعلن عنها سابقا ضمن ما أسماه بـ"الإجراءات الموجعة".
وشاركه في الرأي ذاته الناشط حسام ليلث حيث اعتبر أن بيان وزارة الطاقة الذي برر الزيادة في أسعار المحروقات بالتوازي مع ارتفاع برميل النفط عالميا تبريرا واهيا، مؤكدا أن الزيادات هي نتيجة تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي لمنح تونس الدفعة الجديدة من القرض.
فيما علقت الناشطة السياسية حليمة معالج بسخرية على قرار رفع سعر المحروقات بالقول: "اغمض عينيك وتصور للحظة واحدة أن الترويكا اتخذت قرارا بالترفيع في سعر البنزين في 4 مناسبات في سنة واحدة". في إشارة لصمت الإعلام التونسي بخصوص هذه الزيادات مقابل انتقاده سابقا للسياسات الاقتصادية في فترة حكم أحزاب النهضة والتكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية سابقا.