هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لوحظ في الفترة الأخيرة اهتمام تركي واسع بالملف الليبي، سواء من حيث الزيارات، أو التأكيد على مواقف أنقرة بخصوص "حل سياسي في ليبيا بعيدا عن أي تدخلات خارجية، خاصة من قبل دول الجوار.
وناقش الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تطورات الأوضاع في المنطقة، خاصة في ليبيا، خلال لقائه الاثنين الرئيس الإيطالي، سيرجو ماتاريلا، خلال زيارة قام بها أردوغان إلى روما.
دعم خطة "سلامة"
وسبق أن التقى أردوغان المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، في العاصمة أنقرة، وبحث معه آخر التطورات في ليبيا، خاصة الخطة الأممية لسلامة.
في حين، أكد مبعوث أردوغان إلى ليبيا، أمر الله إيشلر، في تصريحات سابقة، أن "تركيا تدعم بقوة "خارطة طريق سلامة، التي تشكل فرصة مهمة، وتفتح نافذة جديدة أمام الحل بليبيا"، حسب كلامه.
وأشار إلى أن "العملية السياسية الجديدة في ليبيا ينبغي أن تشمل جميع الأطراف؛ لأنها مفتاح حل الأزمة"، موضحا أن "سياسة تركيا واضحة، وموقفها من الأزمة الليبية واضح، وهو يقوم على مبادئ عدة، أهمها أن تركيا على مسافة واحدة من الجميع".
اتهامات "حفتر"
في المقابل، تكررت الاتهامات التي وجهها العقيد، أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات "حفتر"، إلى تركيا، واصفا إياها براعية "الإرهاب" في المنطقة.
وخلال ندوة عقدت له في مصر الشهر الماضي، قال المسماري: "تركيا تشكل خطرا على المنطقة، حيث تسعف جرحى "داعش" في مستشفياتها، وتدعمهم بأحدث وسائل الاتصالات والتشويش على مقاتلاتنا الجوية، بعد أن حصلت عليها من شركات متعددة الجنسيات، فضلا عن جلب مواد متفجرة للبلاد تصل لـ410 أطنان"، حسب زعمه.
حشد لدعم "خطة أممية"
من جهته، رأى المحلل السياسي الليبي المقيم في إيطاليا، محمد فؤاد، أن "زيارة أردوغان إلى روما يمكن قراءتها كزيارة اقتصادية في المقام الأول، لكن "الإيطاليين" أيضا يريدون حشد الدعم لخطة "سلامة" في ليبيا".
وأضاف، في تصريحات من روما لـ"عربي21"، أن "إيطاليا أيضا تريد تحقيق المزيد من الاستقرار في المنطقة الغربية من ليبيا، وتركيا أيضا تريد هذا الاستقرار، وهنا تتلاقى وجهات النظر حول الملف الليبي"، وفق تقديره.
فشل "انقلاب" تركيا
وقال الكاتب الصحفي الليبي، أنس الفيتوري، إن "هناك متغيرين في الوضع الإقليمي والدولي المتعلق بمواقف تركيا وعلاقتها بالملف الليبي الآن، الأول: فشل الانقلاب في تركيا، وهو ما أعطى أردوغان فرصة للتحرك خارجيا بعد حشد طاقات الأحزاب والمجتمع خلفه".
وتابع لـ"عربي21": "أما المتغير الثاني، فهو الأزمة الخليجية، التي جعلت الأطراف الخليجية تنكفئ وتبتعد عن ملفات مثل ملف ليبيا، وهذا خلق مساحة لفاعلين آخرين، ومنهم تركيا طبعا"، حسب كلامه.
احتلال "عثماني"
الكاتب والأكاديمي من الشرق الليبي، جبريل العبيدي، قال من جانبه؛ "تورط تركيا في الفوضى في ليبيا ليس مجرد اتهام، بل هي حقائق ووقائع وشهود، والتدخل التركي في ليبيا هو امتداد لحلم أردوغان بالدولة العثمانية الثانية؛ لذا تتصرف تركيا كأنها الوصي على ليبيا".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "تركيا أيضا تشارك الاحتلال الإيطالي لجزء من الأراضي الليبية، وبالتالي ليس مستغربا لقاء المحتلين للأراضي الليبية، كنوع من التنسيق بين المستعمرين القدماء الجدد"، حسب تعبيره.
عزلة "حفتر"
وأكد الصحفي الليبي المقيم في لندن، عبدالله الكبير، أن "اقتراب تركيا من إيطاليا في هذا التوقيت للتباحث في جملة من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الليبية، يعكس نفوذ إيطاليا المتزايد في ليبيا، ورغبتها في نيل الدعم التركي مقابل حفظ مصالح تركيا في ليبيا".
وبخصوص دلالة هذا التقارب ونتائجه، قال الكبير: "هذا التقارب ربما سيزيد من عزلة حفتر؛ نظرا لخطابه العدائي تجاه تركيا، وتفضيله التحالف مع فرنسا"، كما قال.
"روشتة علاج" ناجزة
وقال الباحث المتخصص في الشؤون التركية، مصطفى زهران، إن "تركيا عززت وجودها في أفريقيا؛ من خلال تقديم تنمية ترفع من وعي ومستوى الحالة الأفريقية. وانطلاقا من تلك الرؤية، تنظر تركيا إلى ليبيا، خاصة بعدما حدث من تحولات دراماتيكية على المستويين السياسي والمجتمعي في ليبيا بعد الربيع العربي".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "أنقرة ربما رأت ضرورة أن تسعى إلى تقديم روشتة علاج ناجزة لليبيا للخروج من أزماتها، خاصة بعد ظهور "الجنرال" حفتر، وتعزيز دور العسكرتارية في الداخل الليبي المنقسم، فهي تريد حلا سياسيا لا يسعى لاستنساخ التجربة "القذافية"، حسب وصفه.