هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، تتحدث فيه عن الحرب في اليمن، والتطورات الأخيرة في مدينة عدن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم تصوير هذه الحرب خلال السنوات الثلاث الماضية على أنها حرب بين الحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين المدعومين من إيران، الذين أطاحوا بحكومة عبد ربه منصور هادي، وأخرجوه من العاصمة صنعاء.
وتستدرك الصحيفة بأن القتال في مدينة عدن في جنوب اليمن يظهر مدى المظالم التي باتت توسع نطاق الحرب، وقد تعقد من عملية المفاوضات لإنهاء النزاع، بحسب محللين أمريكيين ويمنيين.
ويلفت التقرير إلى أن الانفصاليين الجنوبيين واجهوا على مدى أيام عناصر القوات الموالية لعبد ربه منصور هادي، واستطاعوا السيطرة، ولفترة قصيرة، على مدينة عدن، مشيرا إلى أن الطرفين ينتميان للتحالف السعودي الإماراتي، الذي يشن حربا ضد المتمردين الحوثيين؛ في محاولة منه لإعادة هادي إلى السلطة في صنعاء.
وتقول الصحيفة إن "المعارك في عدن كشفت عن هشاشة التحالف، والتباين في الأجندات بين السعوديين والإماراتيين، حيث سعى الانفصاليون، الذين يعرفون باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، منذ فترة طويلة إلى العودة لوضع ما قبل الوحدة عام 1990، وعندما كان جنوب اليمن دولة مستقلة، وطالما شكوا في الحكومة المركزية في صنعاء، واتهموا قيادة هادي وحكومته بالفساد، وبأنها تعمل على إضعاف الجنوب، ويقول المحللون إن العنف هو انعكاس لهذه التوترات التي تغلي منذ وقت".
وينقل التقرير عن محللة الشؤون اليمنية في "مجموعة الأزمات الدولية" إبريل لونغلي ألي، قولها إن هذه التوترات تظهر "كيف مزقت الحرب البلد، وهشمت معها الانقسامات التاريخية"، وأضافت: "إن الرواية التي تقول إن (الحكومة الشرعية) تقاتل (الحوثيين المدعومين من إيران) تخفي وراءها واقعا معقدا، وتعرقل جهود التوصل إلى السلام".
وتبين الصحيفة أن "القتال في اليمن زاد من معاناة المدنيين في أفقر دول الشرق الأوسط، حيث قتل العشرات الأسبوع الماضي، في إضافة جديدة إلى عشرة آلاف آخرين قتلوا خلال السنوات الثلاث الماضية؛ نتيجة للغارات الجوية التي تقودها السعودية والمواجهات مع الحوثيين، بالإضافة إلى أن الملايين يعانون من الأمراض والجوع، فيما تصفه وكالات الإغاثة بأكبر مجاعة إنسانية يشهدها العالم في العصر الحديث".
وينوه التقرير إلى أن الحرب بدأت في ربيع عام 2015، بعدما سيطر الحوثيون على مدينة صنعاء، حيث أجبرت حكومته على الفرار إلى عدن في الجنوب، ودخلت السعودية والدول المتحالفة معها الحرب؛ في محاولة منها لمنع المنافسة الإقليمية الأخرى، وهي إيران، من الاستفادة من الوضع في اليمن، ودعم حكومة دينية شيعية على حدودها الجنوبية.
وتذكر الصحيفة أن هادي وصل إلى السلطة بعدما أجبر سلفه علي عبدالله صالح على التنحي عن السلطة، بعد ثورة شعبية، وتدخل من الدول الخليجية، التي تقدمت بمبادرة أنهت حكم صالح، لافتة إلى أنه عندما تم طرد هادي من صنعاء، فإنه أنشأ حكومته في عدن، مع أنه ظل يديرها من العاصمة السعودية الرياض، حيث توقع الكثير من الجنوبيين أن تتحسن ظروفهم المعيشية وقد أصبحت عدن عاصمة مؤقتة للحكومة الشرعية، إلا أن الحكومة كافحت للسيطرة على الوضع وسط اغتيالات وعمليات انتحارية قام بها ناشطون لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة.
ويورد التقرير نقلا عن السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فيرستاين، قوله: "ما تم عمله قليل جدا لتحقيق الاستقرار وتفعيل الأمور من جديد، وهو ما زاد إحباط السكان".
وتفيد الصحيفة بأن شرارة الاشتباكات اندلعت الأسبوع الماضي، بعد نهاية الموعد النهائي الذي حدده المجلس الانتقالي الجنوبي لهادي ليغير حكومته، التي يترأسها أحمد بن دغر، مشيرة إلى أنه بعد سيطرة الانفصاليين على معظم عدن، فإن الحكومة حوصرت في القصر الرئاسي، حيث فكرت بالهروب من المدينة.
ويعلق فيرستاين على الانقسام في التحالف بين هادي والحلفاء الجنوبيين قائلا: "هناك أسئلة حقيقية حول قدرة ومصداقية حكومة هادي، وماذا تمثل على الطرف الآخر من الطاولة"، ويضيف: "هذه الموضوعات التي ستعقد من مهمة بناء اليمن، وعلى المدى القريب فإنها تصعب من جهود إحياء العملية السياسية".
ويشير التقرير إلى أن هناك توترات حصلت داخل التحالف الذي تدعمه إيران، ففي العام الماضي قتل الحوثيون حليفهم صالح بعد خلافات معه، ومحاولته التحالف من جديد مع السعوديين، حيث أثار مقتله أسئلة حول رغبتهم او استعدادهم لإنهاء الأزمة عبر تسوية سياسية.
وتقول الصحيفة إن الإماراتيين والسعوديين أرسلوا وفودا لنزع فتيل الأزمة، والاتفاق على وقف لإطلاق النار، بعد أيام من المواجهات بين أنصار هادي والانفصاليين، مع أن السعودية هي الداعم الرئيسي للقوات الموالية لهادي، فيما تدعم الإمارات الانفصاليين وتدربهم وتعمل معهم لقتال الحوثيين والإسلاميين.
وتلفت الصحيفة إلى الخلافات بين الإمارات والسعودية، فالرياض متحالفة مع حزب الإصلاح اليمني المقرب من الإخوان المسلمين، وهو ما تعارضه أبو ظبي، مستدركة بأنه رغم الخلاف في الأجندات فإنه من غير المحتمل أن يختلف الطرفان في موضوع اليمن، خاصة أنهما متفقان على الخطر الذي تمثله إيران وحلفاؤها الحوثيون على مصالحهما الاستراتيجية.
وتقول ألي من مجموعة الأزمات الدولية إن الانفصاليين الجنوبيين "في الطريق للتصادم مع أنصار هادي، وما شاهدناه هو قيام الإمارات والسعودية بمحاولة لتجنب الخلافات والحفاظ، على الأقل مع استمرار الحرب ضد الحوثيين، على أسطورة الجبهة الموحدة حول الحكومة التي يدعمها المجتمع الدولي".
وبحسب التقرير، فإن الكثير من السكان في مدينة عدن ينظرون للوجود الإماراتي نظرة شك، ويخشون من محاولتها الحصول على منافع اقتصادية، من خلال التحكم بموانئها، خاصة في عدن الواقعة قرب خط الملاحة الدولي.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول الصحافي اليمني حسن الجلال: "لدى الإماراتيين طموحات في الجنوب، ومن أهمها السيطرة على ميناء عدن، ودعمها للانفصاليين يظهر هذه الطموحات".