هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحرر شؤون الجريمة فيكرام دود، يقول فيه إن هيئة محلفين أدانت دارين أوزبورن، الذي قاد شاحنة صغيرة أمام مسجد فينزبري بارك في شمال لندن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الهيئة المكونة من ثماني نساء وأربعة رجال، اتفقت بعد نقاش ساعة، على أن أوزبورن كان يهدف لقتل أكبر عدد من المسلمين, وأنه أصبح متطرفا بعدما تأثر بدعاية اليمين المتطرف على الإنترنت.
ويقول الكاتب إن القاضي سيصدر حكما عليه يوم غد الجمعة، لافتا إلى أن الشرطة تعتقد أن أحد أسباب تحوله إلى التطرف، هو مشاهدته مسلسلا دراميا عن عصابة من الشبان المسلمين يقومون بملاحقة الفتيات البيضاوات، حيث أدى الهجوم الذي قام به في حزيران/ يونيو 2017، إلى مقتل مكرم علي (51 عاما) وجرح 12 شخصا.
وتلفت الصحيفة إلى أن أوزبورن (48 عاما) أدين في محكمة بوليتش في جنوب لندن، وتم اعتبار المحاكمة ضمن محاكمات الإرهاب؛ لأن هجومه كان من أجل تحقيق أهداف سياسية، وقال المحلفون إن العمل كان إرهابيا مدفوعا بحقد أوزبورن على المسلمين، الذي تقول صديقته إنه تطور خلال أسابيع قبل الهجوم، ما حوله إلى "قنبلة موقوتة".
وينقل التقرير عن أحد الشهود، قوله إنه سمع الشاحنة تزيد من سرعتها، ويغير السائق الكوابح، وعندما تراجعت الشاحنة فإنها تركت مشهدا من الرعب وأجزاء بشرية عالقة تحت العجلات، وبعد دقيقتين من الهجوم سقط علي على الأرض قبل 100 ياردة من بيته، وكانت الساعة 12.45، حيث خرج المصلون من صلاة التراويح، مشيرا إلى أن الهجوم جاء بعد هجمات إرهابية على مدينتي لندن ومانشستر.
ويورد دود أنه بناء على ملاحظة تم أخذها من الشاحنة، فإن أوزبورن جاء من كارديف، وهو حانق على المسلمين وعمدة لندن وزعيم حزب العمال جيرمي كوربين، لافتا إلى أن المحلفين استمعوا لشهادة قالت إن إماما قام بإنقاذ حياة المهاجم رغم محاولته قتل المسلمين، وسمع المهاجم يقول: "لقد قمت بدوري يمكنكم قتلي الآن".
وتنقل الصحيفة عن شريكة المهاجم سارة أندروز، قولها إنه شاهد قبل الهجوم مسلسلا دراميا حول عصابة روتشديل، التي لاحق فيها شبان مسلمون بنات بيضاوات لممارسة الجنس معهن، وأضافت أندروز أن أوزبورن أصبح مهووسا بالمسلمين، ومتابعا متحمسا لما ينشره مجلس الدفاع الإنجليزي على الإنترنت وزعيمه تومي روبنسون وأعضاء من منظمة "بريطانيا أولا".
ويفيد التقرير بأن المحكمة قالت في بيان لها إن الاثنين شاهدا مسلسل "ثلاث بنات"، وأصبح أوزبورن غاضبا "من مشاهدة فتيات صغيرات يتم استغلالهن"، ومن هنا نشأت لديه كراهية ضد المسلمين، وأضافت أن أوزبورن "بدا كأنه تعرض لغسيل دماغ"، وكان يتابع ما ينشره روبنسون، ما قاده للبحث عن مواد متطرفة.
ويكشف الكاتب عن أن المواد التي وجدت على هاتفه الذكي تظهر أن أوزبورن شاهد مواد متطرفة لـ "بريطانيا أولا"، لافتا إلى أن علي الذي مات في الحادث، يعيل ستة أطفال، أربع بنات وولدان، وكان يعاني من اعتلال صحته.
ويعلق دود على الطريقة التي تحول فيها أوزبورن للتطرف، قائلا إنه "في بلد يفتخر بالتسامح، ومدينة تحتفل بالتنوع، كانت آخر رحلة لمكرم علي هي العبادة لربه، وقتل من أجل دينه، وفي يوم دافئ من حزيران/ يونيو مشى علي متكئا على عصا، مغالبا آلامه لصلاة التراويح في رمضان، ووجه الدين علي في حياته وتربيته لأربع بنات وولدين، وكان فرحا لوصول اثنين منهما إلى الجامعة، وكان مواطنا مثاليا تحدى المرض ومتاعب الحياة المادية، لكنه لم يتخل عن مبادئه، إلا أن القدر كان يحضره للقاء شخص آخر".
ويضيف الكاتب أنه "في 18 حزيران/ يونيو 2017، ترك أوزبورن بيته في كارديف، وقاد شاحنة استأجرها، حيث شعر بأنه (جندي) في مهمة، وبحث في لندن عن تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين، وتحرك بعد ذلك إلى الجنوب بحثا عن مسجد، وبحلول الساعة 11.30 وجد مسجدا في شمال لندن، وعندما وصل إلى منطقة مسجد فينزبري بارك سأل عن الوجهة، وغادر شاحنته ومشى مستطلعا، وفي منتصف الليل، حيث غادر المصلون إلى بيوتهم, وكان علي على الطريق حيث سقط, ولم يكن قادرا على الحديث لكنه كان على قيد الحياة, وجاء آخرون لمساعدته".
وتبين الصحيفة أنه "بالنسبة لأوزبورن، فإن الحشد كان هو الهدف الذي كان يبحث عنه، فقاد شاحنته باتجاه الشارع على سرعة 16 ميلا في الساعة، فكان هذا رابع هجوم إرهابي تشهده لندن، ووصف إبراهيم بن ويندا المشهد كأنه لعبة سريعة تتحرك بسرعة، وشعر وكأن عظامه تتكسر".
وينقل التقرير عن محمد غيدي، الذي وقع على الأرض، قوله إنه عندما قام رأى الناس منتشرين في كل مكان، مشيرا إلى أن عدنان محمود اتصل مع الإسعاف لمساعدة مكرم علي، وكان على الهاتف عندما صدمت الشاحنة في الحشد، فصرخ محمود قائلا: "قدم شخص ودهس الكثير من الناس وهم يموتون"، فيما قال وليد سالم إنه وآخرين حاولوا رفع الشاحنة لإخراج قريبه من تحتها.
وينوه الكاتب إلى أن حمدي الفيق كان واحدا من الذين جرحوا، واحتاج إلى عناية لمدة أشهر، لافتا إلى أن الشاحنة ضربت صدر علي، وبعد ساعات كان ميتا، فيما حاول أوزبورن الهرب رغم شهادته بأنه كان يحاول تغيير بنطاله، لكن الكاميرا رصدته وهو يحاول الهرب ويصرخ قائلا: "أريد قتل المسلمين".
وتقول الصحيفة إن إمام مسجد دار الرعاية القريب محمد محمود حمى أوزبورن، وقال لمن تجمع حوله: "لن يلمسه أحد.. ويجب أن يستجوب عن جرائمه أمام المحكمة وليس محكمة الشارع".
وبحسب التقرير، فإن الملاحظة التي تركها أوزبورن في شاحنته تظهر أن الهجوم كان مخططا له، وكتب فيها: "لماذا يوجد إرهابيون في شوارعنا، ولماذا حدثت ثلاث هجمات إرهابية؟"، وهاجم زعيم العمال كوربين وعمدة لندن صديق خان، وذكر فيها هجمات مانشستر ولندن، وعكست الدعاية اليمينية المتطرفة.
ويشير دود إلى أنه عندما نقل أوزبورن إلى مركز الشرطة فإنه واصل صراخه، وعلى خلاف الهجمات التي نفذها متطرفون، فإنه زعم لاحقا أنه فقد السيطرة على الشاحنة بدلا من أنه خطط له، لافتا إلى أن القائد دين هايدون من دائرة مكافحة الإرهاب في إسكتلند يارد وصفه بأنه "شخص مخادع وخسيس ومليء بالكراهية".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم العنف الذي مارسه، إلا أنه لم يكن متطرفا مثل توماس مير، الذي قتل النائبة جو كوكس في عام 2016، ولم يكن لديه اهتمام قديم بالدعاية المتطرفة، مشيرة إلى أن تصرفاته في المحكمة كانت دنيوية على نحو لافت، حيث التفت إلى حارسة سوداء وغمزها مبتسما، وابتسمت له لكنها أدارت وجهها لتخفي اشمئزازها منه.
وبحسب التقرير، فإن تحوله للتطرف حدث سريعا، حيث يقول الخبير في الإرهاب والمحاضر البارز في "يونيفرستي كوليج" بول غيل، إن التشدد قد يحدث سريعا بشكل يصعب التكهن به.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول غيل: "إنه أمر نادر، لكن التطرف قد يحدث بشكل سريع.. فبروسثوم زيامني كان من شهود يهوه قبل ثلاثة أشهر من اعتقاله في هجوم استلهمه من تنظيم الدولة".