هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "تيك
بيت" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن سر انتقال عدوى التثاؤب، الذي أثار
اهتمام العديد من العلماء لسنوات.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد
من الدراسات سلطت الضوء على الأسباب التي تدفعنا إلى التثاؤب، في حين توجد عدة
نظريات أخرى تفسر السبب الذي يؤدي إلى انتقال عدوى التثاؤب. ومن المثير للاهتمام
أن الحيوانات أيضا تتثاءب مثل البشر، وهي عادة شائعة وبسيطة يتشاركها الإنسان حتى
مع الأسماك، كما تعد واحدة من أسرار المجتمع العلمي.
وأوردت المجلة أن جملة هذه الأبحاث أزالت الغموض عن جملة من
الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين. فعادة ما يتساءل الأشخاص بشأن السبب وراء
قيامنا بالتثاؤب؟ وعلى ما يبدو أن ذلك ليس بدافع التعب أو الملل أو حتى نبقى
متيقظين. فمن جهة أولى، يمكن أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في التثاؤب؛ نظرا لأن
رد الفعل هذا يعد آلية للحفاظ على برودة الدماغ.
وقد أثبتت إحدى الدراسات التي أجراها الباحثان، غاري هاك وأندرو
غالوب، أن الهدف من التثاؤب يتمثل في التحكم في حرارة الدماغ، بما أن درجة
حرارة الدماغ تنخفض عند القيام بذلك، لتعود في وقت لاحق إلى درجاتها العادية.
وأكدت المجلة أن الدماغ
يعمل بشكل أكثر كفاءة عندما يكون باردا. وبالتالي، تكتسي هذه النظرية أهمية كبيرة
في المجتمع العلمي. إلى جانب ذلك، يمكن أن يكون للتثاؤب علاقة بنظرية الأكسجين،
فعندما ينخفض مستوى الأكسجين في الجسم، يساعد التثاؤب مرة أخرى على رفعها. في
المقابل، لم تتطرق أي دراسة إلى إثبات هذا الاحتمال إلى حد اللحظة.
وبينت المجلة أنه لا يزال
هناك لغز محير على الرغم من وجود بعض النظريات حول الموضوع، وهو لماذا تنتقل عدوى
التثاؤب من شخص إلى آخر؟ ليس هناك أي شك في أن التثاؤب له نوع من تأثير الدومينو،
فعندما يتثاءب شخص ما، تنشأ سلسلة من التثاؤب، دون أن ندرك أننا بصدد تقليد الشخص
الذي أمامنا. وربما يكون التفسير الأكثر منطقية لهذه الظاهرة يتمثل في التعاطف،
فنحن نحاول فهم ما يشعر به الشخص الآخر عن طريق تقليده والتثاؤب.
والجدير بالذكر أن هناك
بعض الدراسات التي تدعم هذه النظرية؛ لأن التثاؤب ينشط خلايا الدماغ المحفزة
للتعاطف والخلايا العصبية المرآتية. فقد ثبت أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى
تعاطف عال هم أكثر عرضة لعدوى التثاؤب.
وأضافت المجلة أن إحدى
الدراسات الأخرى عملت على إضفاء مزيد من الوضوح على هذه النظرية، حيث بينت أنه
كلما كان الرابط أقوى بين الشخصين، زاد احتمال العدوى بالتثاؤب. وبالتالي، من
المرجح أن يكون أحد أفراد عائلتك أكثر عرضة للعدوى بالتثاؤب
مقارنة بشخص غريب يجلس أمامك في المترو.
والجدير بالذكر أن انتقال
عدوى التثاؤب ليس واسع الانتشار، وإلى
حد الآن تبدو هذه الظاهرة أكثر انتشارا لدى الشمبانزي، والبونوبو، والبابون،
والذئاب، والكلاب، جنبا إلى جنب مع البشر. ويؤثر التثاؤب تقريبا على 60 بالمئة من
الأشخاص.
وأبرزت المجلة أن الأشخاص
الذين يعانون من التوحد أو الفصام لا يعدون عرضة لعدوى التثاؤب، كما أنها لا تؤثر
عادة على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سن الأربع سنوات. ففي الواقع، تتمثل الميزة
المشتركة بين هؤلاء الأشخاص في نقص الخلايا العصبية المرآتية، كما أن درجة الشعور
بالتعاطف لديهم غالبا ما تكون أقل، حيث لا يتطور هذا الشعور إلى حين بلوغ سن أربع أو خمس سنوات.
وأوضحت المجلة أن البعض
يعتقدون أن انتقال التثاؤب يرتبط بنظرية التواصل والتزامن، التي تؤكد أن البشر
يميلون إلى اتباع عادات بعض الأشخاص لتقليد المجموعة، سواء عن طريق الأكل أو الحركة، وفي هذه الحالة عن طريق التثاؤب. وبالإضافة إلى كونه يساعدنا على الشعور
بالاندماج في المجموعة، حيث يعزز الشعور بالأمان، يمكن أن يكون التثاؤب أيضا بدافع
الخوف. ففي
كثير من الأحيان، نتثاءب عندما نشعر بالتوتر، ما يتسبب في تفاعل المجموعة
بأكملها.
وفي الختام، رجحت المجلة
ألّا يكون هناك تفسير علمي يبرر السبب وراء انتقال التثاؤب من شخص لآخر، في حين
قد يساهم مجرد رؤية شخص آخر يتثاءب أمامنا في تحفيز رغبتنا في التثاؤب
دون وعي منا. ويتعين علينا أن ننتظر ما إذا سيتمكن المجتمع العلمي من كشف المزيد
من الغموض عن السر الذي يحوم حول التثاؤب.