حول العالم

أين تقع دول العرب في مؤشر الإبداع والابتكار؟.. نتائج وأسباب

النتائج متردية للدول العربية في الإحصاءات الأخيرة- بلومبرغ
النتائج متردية للدول العربية في الإحصاءات الأخيرة- بلومبرغ

كشفت نتائج مؤشر الإبداع والابتكار لعام 2018، حفاظ الدول العربية على المراكز المتأخرة في قائمة الدول العالمية، حيث أرجع خبراء تحدثوا لـ"عربي21" هذه النتائج المتردية إلى العديد من الأسباب والمؤثرات.

جودة التعليم


وأظهرت نتائج مؤشر "bloomberg" للابتكار لعام 2018، نشرت على الموقع الإلكتروني، أن كوريا الجنوبية تربعت على رأس قائمة الدول في الإبداع و الابتكار على مستوى العالم، للمرة الخامسة على التوالي، تلتها السويد في المتربة الثانية، وسنغافورة في الثالثة، وألمانيا حلت في المرتبة الرابعة، في حين احتلت تونس المرتبة الأولى عربيا والـ43على المستوى العالمي.

وكانت المفاجأة تراجع ترتيب الولايات المتحدة، التي حافظت على ترتيبها ضمن الدول العشر الأوائل لعدة سنوات، لتحتل مكانتها "إسرائيل" في المتربة العاشرة، وتتراجع هي للمرتبة الحادية عشرة.

كما ذكر الموقع أن مؤشر الإبداع يعتمد على سبعة معايير، عدّدها الخبير الاقتصادي عمر شعبان، وهي: حجم الإنفاق على البحث والتطوير، وإنتاجية الفرد، وعدد الشركات المحلية العاملة في مجال التكنولوجيا والصناعات الدقيقة، وجودة التعليم المهني، ونسب التسجيل في المدارس، وجودة العمال علميا ومهنيا، ونسبة تركز الباحثين من حاملي الشهادات العليا، وعدد براءات الاختراع المسجلة مقارنة بنسبة عدد السكان.

وحول أسباب تراجع ترتيب الدول العربية وتقدم الأجنبية، أوضح الباحث البارز أستاذ هندسة الحاسوب في الجامعة الإسلامية بغزة، وسام عاشور، أن من أهم الأسباب "عدم اعتماد موازنات مالية كافية للبحث العملي في أغلب الدول العربية، خلافا للأجنبية".

أولويات وأساسيات

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الدول الأجنبية تعتبر هذا النشاط العلمي المنتج لأهم الابتكارات المختلفة من أولويات وأساسيات وضروريات نهوض الأمم وتقدم وقوة الدول"، منوها بأن اهتمام تلك الدول بالإنسان "يبدأ منذ سن مبكرة، حيث يستحوذ الطفل على الاهتمام والتدريب في مجال البحث العلمي".

وتابع: "من جديد بدأت بعض الوزارات والمدارس في فلسطين بالانتباه لهذا الأمر، ولكن ليس بالقدر الكافي".

ومن ضمن الأمور التي تساهم في تقدم الدول الأجنبية، نبه عاشور، وهو مساعد سابق لنائب رئيس الجامعة لشؤون البحث العلمي، أن "العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة والرسمية الأجنبية تستثمر بشكل كبير في البحث العلمي، وتقدم منح مالية كبيرة للجامعات ومراكز الأبحاث؛ من أجل البحث في إيجاد حل للعديد من المشاكل التي تواجهها في مجال عملها".

وأضاف: "تبدأ الجامعات ومراكز الأبحاث بالعمل والبحث عبر فرقها المختلفة، كل وفق تخصصها، وهو ما ينتج حلولا ومنتجات مبتكرة، تقدم كحلول لتلك الشركات، بحيث تستمر دورة حياة البحث العلمي هذه، بما يحقق الرفاهية والتقدم لهذه الدول وشركاتها ومواطنيها".

وذكر عاشور أن "هذا الأمر غير موجود لدينا في الدول العربية، وإن وجد فهو محدود جدا، والأبحاث العلمية التي يتم إنتاجها عندنا لا تشق طريقها نحو التنفيذ العملي، وتبقى حبيسة الأدراج".

وأكد أن الدول العربية "تمتلك العديد من العقول المبدعة التي لديها قدرة على البحث والتطوير والابتكار، لكنها لا تستثمر بالشكل المناسب في دولنا العربية، لذا تجدهم يعملون ضمن مؤسسات دول أجنبية تشكل حاضنة لأبداعهم، ما يساهم في تقدمها".

فقدان الحرية

وأشار أستاذ هندسة الحاسوب إلى أن "فقدان الاستقرار السياسي، وعدم قدرة العديد من العلماء الفلسطينيين في قطاع غزة على التنقل والسفر بحرية بسبب الحصار، للتبادل الخبرات العلمية مع نظرائهم في الخارج وغيرها من المشاكل، أعاق عمليا التقدم في البحث العلمي، وهو أساس الابتكار والاختراع".

من جانبه، أرجع الباحث في مجال التفكير الإبداعي، عائد الربعي، هذا التراجع العربي إلى "فقدان المنظومات التعليمة المناسبة التي تنمي الإبداع، والتي مر عليها في الدول العربية قرابة نصف قرن وهي على ما هي عليه، ولم يتم تجديدها وتطويرها بالشكل المناسب".

ونوه في حديثه لـ"عربي21"، بأن "الرتوش التي تأتي لتجديد المنظومات التعليمة بشأن المقررات الدراسية هي فقط في الشكل، ولم تتطرق للمضمون"، موضحا أن "المقررات الدراسية في المراحل المختلفة لا تدعو إلى الإبداع، وإنما للحصول على الدرجات والنجاح، وهو ما ينتج نسخا مشابهة من الخريجين، مع عدد قليل من المبدعين".

وأكد الربعي أن "فقدان الحرية والاستقرار في العالم العربي، الذي يعاني منذ عشرات السنين من صراعات وحروب مستمرة في ظل نظم حكم قمعية، تسبب بهجرة الكثير من المبدعين وأصحاب العقول، وموت الكثير منهم أيضا".

وأضاف: "وأما من تبقى منهم بين جدران تلك الدول المهترئة، فليس لديهم الفرصة في أن يقدموا ما لديهم من إبداعات في مجالات مختلفة"، معربا عن أسفة لأن "البيئة العربية أصبحت هذه الأيام -في معظمها- بيئة طاردة للمبدعين والإبداع، ولا مكان للمبدع في بلده، حتى أن مقاييس الإبداع لا تصل إليهم".

التعليقات (0)