هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الانتخابات الرئاسية المقبلة بالخديعة الكبرى للشعب المصري، مستبعدا وجود خلافات أو انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن هناك عقلاء داخل مؤسسات الدولة المختلفة غير راضين عن أداء رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
ودعا أبو الفتوح، في حواره مع "عربي21"، المرشد
العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، إلى اتخاذ خطوة للخلف؛ لتجاوز
المرحلة الراهنة، وللحفاظ على تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، ولتفويت الفرصة على من
أسماهم "الصهاينة العرب"، واقترح تشكيل لجنة حكماء تضم قضاة سابقين
ومفكرين وسياسيين، مثل المستشار طارق البشري، والأخوين أحمد ومحمود مكي، والمستشار يحيى
الدكروري؛ لتشكيل جبهة مستقلة تقوم بالوساطة الجادة بين كل أطراف المشهد السياسي.
وإلى نص الحوار:
- يرى المراقبون أنك تسرعت بالإعلان عن عدم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
لم يكن تسرعا على الإطلاق؛ لأن المناخ السياسي والمجتمعي
السائد واضح بشكل كبير، كما أن المعنيين بالشأن السياسي لم يقدموا ما يمكن أن يشجع
على خوض هذه الانتخابات، فأي تسرع في ظل وجود أكثر من 60 ألف معتقل في السجون، وأي
تسرع في ظل قانون تظاهر يمنع التجمعات، وقانون طوارئ يقيد الحريات، ويحاصر الأحزاب،
وأي تسرع في ظل سيطرة تامة ومنظمة على كل وسائل الإعلام، ولذلك فقد راقبت المناخ
السياسي، وراهنت طوال السنوات الأربع الماضية على أن يكون هناك تغيير حقيقي، ولكن الوضع
يتأزم ويسوء كل يوم، والأمر ليس متعلقا بالقمع فقط، وإنما هناك أيضا الغلاء
والاستبداد، وبالتالي فإن مشاركتي في هذه الانتخابات تمثل خديعة كبرى للشعب
المصري، وأعتقد أن الجدول الزمني للانتخابات والفترة الزمنية لجمع التوكيلات يؤكدان
ذلك، ففي الدول التي تحترم شعبها يبدأ الاستعداد للانتخابات قبل عام من إجرائها،
وهو ما حدث في مصر خلال انتخابات 2012 التي شاركت فيها، بينما الوضع الآن مغلق ولا
يشجع على الإطلاق.
ليست مقاطعة
- هل معنى ذلك مقاطعة العملية الانتخابية كلها؟
عدم الترشح ليس معناه المقاطعة، وعدم الترشح ليس له
علاقة بأني مع شرعية النظام أو عدمها، فنحن في الحزب وهيئاته المختلفة، مثل حركة
طلاب مصر القوية، اتخذنا قرارا بالاشتباك السياسي في كل المناسبات السياسية، وهو
الاشتباك الذي يمكن أن يتمثل بالمشاركة أو بالمقاطعة الإيجابية، حتى لا نترك
الفرصة لهذا النظام للانفراد بكل شيء دون أي منغصات، حتى في ظل قناعتنا بأنها
عملية شكلية.
- في أي اتجاه يمكن أن نفهم دعم حركة طلاب شباب مصر القومية للمرشح خالد علي؟
الحركة أعلنت دعمها في مرحلة جمع التوكيلات، وهذا ليس
معناه الاستمرار حتى النهاية؛ لأن حملة خالد علي نفسها تشكك في عملية الحصول على
توكيلات، ولكن كما أعلنوا في بيانهم فإنهم يتحفظون على القرار النهائي من المشاركة
أو عدمها، وأشير هنا إلى أنه ليس معنى أني لم أترشح فإن حزبي لن يشارك، ووارد جدا أن
ندعم أحد المرشحين، أيا كان تياره أو اتجاهه، إن رأينا في ذلك دعم للتجربة التي
نتمناها.
شفيق وعنان
- كيف تقرأ انسحاب الفريق أحمد شفيق من المشهد الانتخابي في الوقت الذي يظهر فيه الفريق سامي عنان على الساحة؟
يجب أن نتفق أن السيسي الآن يعيش حالة من الكراهية
والرفض لم يمر بها أي حاكم في مصر من قبل، والرفض الشعبي والمجتمعي له في تزايد،
وأنا أثق أنه إذا تم استطلاع حقيقي للرأي حول شعبية السيسي فإنه لن يحصل على أكثر
من 10%، ولذلك فإن إعلان أحمد شفيق نيته للترشح هدد السيسي بشكل كبير، خاصة أن
شفيق له تجربة في 2012، وبالتالي كان يشكل تهديدا للسيسي، ولذلك قام الأخير
بالتفاوض معه، ووضعه تحت السيطرة والمراقبة والتهديد، وكانت النهاية بإعلانه عدم خوض
الانتخابات، وهو ما يشير إلى أنه في حالة شعور السيسي بالخطر من أي مرشح فإنه لن
يجري انتخابات حقيقية أو نزيهة، ولعل ما حدث مع العقيد أحمد قنصوة، الذي أعلن مجرد
عزمه للمنافسة، يؤكد ذلك، فالمحصلة إذن أن السيسي يريد أن ينافس نفسه فقط، ولن يسمح
لمرشح حقيقي بمواجهته.
- معني ذلك أنك تري أن الفريق سامي عنان لن يكون منافسا جادا؟
حتى الآن، لم يعلن سامي عنان ترشيح نفسه، وإنما الذي أعلن
أمين عام الحزب الذي يرأسه عنان، ولذلك فنحن أمام أجواء يحيطها الشك والريبة، ولا
نستطيع أن نشكل رأيا إلا بعد إعلان عنان ترشيح نفسه بشكل رسمي.
- هل يجس عنان النبض حتى لا يحدث معه ما حدث لشفيق؟
لاشك أن الموقف مع عنان مختلف عن شفيق، فالأخير تم تهديده
بشكل مباشر بملفات فيها مخالفات مالية، وأخرى تتعلق بعلاقات خاصة له، وهو ما لا أعتقد
أن يتحقق مع عنان الذي لم نسمع عنه شيء طوال الفترة الماضية، ولا شك أنه في حال
ترشحه فإنه يمكن أن يمثل إزعاجا للسيسي، ولذلك فأنا أتمنى من كل شخص يرى في نفسه
القدرة على المنافسة ألا يتردد في ذلك.
تماسك الجيش
- على ذكر شفيق وقنصوة وعنان... ألا ترى أن هناك هدفا من جعل المنافسة داخل أبناء المؤسسة العسكرية فقط؟
أنا أختلف مع من يرى أن هناك انشقاقا داخل المؤسسة
العسكرية، وأن هناك فريقا يريد السيسي وآخر يرفضه، ولعل ما حدث في انتخابات 2014
مع عنان بعد إعلان ترشحه والضغط عليه للانسحاب من أجل الحفاظ على تماسك المؤسسة
العسكرية يؤكد ذلك، وهو ما يؤكده أيضا تاريخ هذه المؤسسة، التي لم تشهد انشقاقا بين
قيادتها، حتى في أصعب الأحداث، وهذا لا يعني أنه ليس هناك من داخل المؤسسة من يرفض
ممارسات السيسي ويرون أنه يمثل خطرا، ليس عليهم فقط، وإنما على كل مصر، ولذلك يجب هنا
التفرقة بين السيسي والجيش، فالسيسي حاكم فاشل وقمعي، باع تراب وطنه. أما الجيش، فهو
مؤسسة نظامية، لن يخرج عن تصرفات قياداته، كما أنني ضد خروج الجيش عليه، لأن هذا
يدخلنا في دوامة من الصراعات الداخلية المستفيد منها إسرائيل، التي تتمنى ألا يكون
في مصر جيش قوي، ولذلك يجب على الجيش الابتعاد عن السياسة والاقتصاد، وأن يتفرغ
لوظيفته الرئيسية، وهي حماية الوطن من الأخطار الخارجية التي تهدده.
- معنى ذلك أنك ترى أن السيسي سوف يفوز بالفترة الرئاسية الثانية دون منافسة تذكر؟
من الأصح أن نقول أنه سوف يستمر فىي منصبه؛ لأنه ليس هناك
انتخابات، فهو رتب الأمور كلها حتى لا يكون له منافس إلا نفسه، وهو ما يعني المزيد
من الانهيار.
- ولكن الإعلام يروج لإنجازاته خلال السنوات الماضية؟
أي إنجازات، ونحن أمام قيادة مندفعة قامت بمشروعات ليس
لها عائد، مثل مشروع قناة السويس وشبكة الطرق بالصحراء التي لا تخدم إلا مصالح
فئات معينة، وهل الفشل في إعادة السياحة طوال هذه السنوات يمثل إنجازا، فنحن أمام أسلوب
سيئ فىي إدارة موارد الدولة، واستمراره معناه المزيد من القروض والانهيار.
روشتة الخروج
- كيف ترى إذن طريق الخروج من هذا الانهيار الذي أشرت إليه؟
لا أحد يريد لمصر الفوضى، وكنت أتمنى أن يعيد السيسي
التفكير في أسلوب إدارته، ويتخلى عن غطرسته، ويستمع لغيره، وفي هذه الحالة فقط
يمكننا أن نجد طريق للخروج ونتعاون لإنقاذ الوطن، ولكن استمراره بالأسلوب ذاته لن
يزيد الأمور إلا تعقيدا.
- كيف ترى مستقبل جماعة الإخوان في حال استمر السيسي في الحكم؟
مستقبل الإخوان بالتراجع عن المنافسة السياسية، والتفرغ
للعمل الدعوي والثقافي والخيري، وهو المجال الذي تميزت فيه طوال عمرها، أما التحول
للعمل السياسي مرة أخرى فهذا هو الخطر.
- هل هناك مقترح معين تراه مناسبا في هذا الشأن؟
أدعو الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة، الإعلان
بشكل واضح خلال جلسات محاكمته وأمام الإعلام أن الجماعة أصبحت خالية من العمل
السياسي، وأنها سوف تتفرغ للعمل الدعوي والخيري.
- وما المقابل لذلك؟
ليس شرطا أن يكون هناك مقابل، بل يجب أن يكون من دون
مقابل، وأن يكون القرار واضحا بأنه لوجه الله ولمصلحة الوطن، ولتفويت الفرصة على
المشروع الصهيوني العربي، الذي تقف وراءه بعض الدول الخليجية؛ لاستهداف التيار
السياسي الإسلامي، ولو كان الأستاذ عمر التلمساني موجودا لاتخذ بنفسه هذه الخطوة،
وأعتقد أنه في هذه الحالة فلن يكون هناك مبرر لدعم السيسي بهذا الشكل غير الطبيعي
من المجتمع الدولي، الذي يريد القضاء علي كل ما يتعلق بالربيع العربي.
- وهل يقبل السيسي بهذا الحل؟
بالتأكيد لن يقبل؛ لأنه جزء من المشكلة، ووجوده لن يكون
جزءا من الحل، ولذلك فأنا أقترح تشكيل لجنة وطنية تضم عددا من الشخصيات التي تحظى
باتفاق الجميع، وأن تكون لديهم صلاحيات مدعومة من الشعب؛ لفرض هذا التصور على الإخوان
والمؤسسة العسكرية، ولا شك أن هناك عقلاء في الجيش والإخوان يمكن أن يتوصلوا لهذا
الحل طالما يريدون مصلحة مصر. وبشكل محدد، أنا اقترح شخصيات، مثل المستشار طارق
البشري، والأخوين أحمد ومحمود مكي، ويحيى الدكروري، والدكتور حازم حسني، وغيرهم ممن
يصلحون لهذا الدور، والمصالحة هنا ليست بين الإخوان والسلطة، وإنما هي مصالحة بين
كل المجتمع المصري الذي يعيش الآن أسوأ أيامه.