مقالات مختارة

العاصفة وصفقة القرن

صالح عوض
1300x600
1300x600

ما يلف القضية الفلسطينية من مخاطر يمثل عاصفة هوجاء، يراد بها تصفية القضية الفلسطينية وتوجيه الضربات النهائية لها في عملية عنصرية ضخمة، يساهم فيها أكثر من طرف دولي وإقليمي؛ فمن القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، وإيقاف الدعم لوكالة الغوث، حيث يبلغ ما نسبته 40 بالمئة من موازنة الوكالة الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، وتورط بطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية ببيع أراض وأوقاف فلسطينية لمنظمات صهيونية، والتهديد بوقف المساعدة المالية للسلطة، واقتراحات تتبادلها بعض العواصم العربية حول جعل "رام الله" عاصمة لدولة فلسطينية مقترحة، بعد أن ضمت الإدارة الصهيونية المستوطنات للكيان الصهيوني، وبعد أن صوت الكنيست الصهيوني على عدم السماح بمناقشة موضوع القدس وإطلاق العنان لمشاريع استيطانية كبيرة في القدس ومحيطها.

الجديد في الموضوع أن عواصم عربية تطرح على الفلسطينيين بديلا عن القدس عاصمة لدولة لم تُحدد بعد، ويجاهر البعض بعناوين للعاصمة، ويدس البعض أفكاره في وسائل إعلام أو مثقفين ورجال دين فيكون الحديث الذي بدأ يثار عن قدسية الأقصى وموقعه واللف والدوران حول موضوعه.. الجديد أن يصبح بعض النظام العربي متفهِّما ومستوعبا أن القدس ليست عاصمة فلسطين، ويصبح التركيز متواصلا على مناطق أخرى قرية أبوديس أو في بلدة رام الله.. وتصبح المراهنة على الأوضاع المزرية التي تمر بها المنطقة.

الجديد في الموضوع أن تقوم أنظمة عربية بممارسة ضغط على الموقف الرسمي الفلسطيني لكي يقبل أن تكون أبوديس عاصمة فلسطين، ويشتد الخناق على الفلسطينيين في كل مكان في قطاع غزة والضفة الغربية ومخيماتهم في لبنان وسواها.. من اجل إيجاد المسوغات الطبيعية لتهجير مئات آلاف الفلسطينيين وحرمانهم من حق العودة.

ما يجري في غزة والقدس والشتات وفي مدن الضفة عمليا، وما يتم الإعلان عنه من خطط، يقول إننا إزاء عملية منهجية واسعة تقترب حسب توقعاتهم من الارتياح من الملف الفلسطيني إلى أمد بعيد.

في ظل الغياب العربي وانشغال بلاد العرب بهمومها، يصار الآن إلى تفكيك ما كان عصيا عليهم لتوجيه الضربات القاضية لشرعية الكيانية السياسية الفلسطينية.. نحن الآن بعد مرحلة التسوية الناعمة الخادعة نواجه حقيقة السياسة الأمريكية والتي تحشد كل أصدقائها في المنطقة تمارس من خلالهم الضغوط المطلوبة ومفاعيلها على الأرض.

لكن لابد من التأمل لحقيقة ما هو موجود على الأرض.. فالشعب اليوم اكثر حيوية من أي وقت مضى واكثر تواجدا في ساحات الاشتباك، ولقد أصبح تفعيل الكل الفلسطيني أمرا ميسورا بعد أن اكتشف المراهنون على التسوية وعلى نوايا الأمريكان أن الأمر كله وهم ولا بد من تغيير السلوك السياسي وإعلان الموقف واضحا صريحا.. تولانا الله برحمته.

0
التعليقات (0)