هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فجر إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، بفتح باب الترشيح وإعلان الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، العديد من التساؤلات حول جدوى هذه الانتخابات، وشكل المنافسة التي يمكن أن تشهدها، وهل الجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة يوفر منافسة حقيقية، في ظل ما تشهده مصر من سيطرة أمنية وإعلامية واقتصادية لنظام رئيس الانقلاب الحالي، عبد الفتاح السيسي.
المتابعون
للانتخابات أكدوا أن الفرص تكاد معدومة لأي مرشح محتمل، في ظل إعلان شروط تعجيزية للراغبين
في خوض هذه التجربة، كما أن المناخ الذي تجري فيه الانتخابات يدفع الجميع إلى
إيثار السلامة، ولعل هذا ما عبر عنه السفير معصوم مرزوق، الذي كان مرشحا محتملا
للتيار الشعبي والقوى المعارضة، ودشن قبل عدة أشهر حملة دعائية له كمرشح في
الانتخابات المقبلة، لكنه قطع الطريق على هذه الرغبات بتدوينة مختصرة نشرها على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، بأن السيسي لا يستحق أن يُمنح شرف المنافسة، مؤكدا أن
الكلمة الأولى سوف تكون للشعب.
ما
أعلنه مرزوق يشير إلى شكل المناخ السياسي الذي تجري فيه الانتخابات، الذي لا يتوقع
أن تشهد منافسات حقيقية أو حتى شكلية، وهو ما ذهب إليه الكاتب الصحفي رامي إبراهيم، الذي أكد لـ"عربي21" أن المناخ السياسي في مصر تغير تماما بما يجزم بتأميمه، في ظل إحكام السلطة قبضتها على المنظمات الحقوقية والأحزاب ووسائل الإعلام، وبالتالي
لم تعد هناك فرصة لوجود منافسة حقيقية، وهو ما أدى لتراجع جميع الأشخاص
المحتملين، مثل حمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وكذلك خالد علي، وآخرين، من أصحاب
التاريخ في المشاركة السياسية الجادة، والذين اقتصرت مشاركتهم على إطلاق بعض
التصريحات أو البيانات بين الحين والآخر، مؤكدا أن المناخ الحالي لم يعد يسمح بأي منافسة حقيقية، ولذلك فقد اختار السياسيون الابتعاد؛ حتى لا يكونوا مجرد ديكور، حتى
في ظل استطاعة البعض الحصول على النصاب المطلوب من التوقيعات التي تمكنه من
الترشيح.
واستبعد إبراهيم الدفع بمرشحين هزليين لاستكمال الديكور الانتخابي، موضحا أن الأقرب لطريقة التفكير السائدة لدى صناع القرار حاليا هو وجود مرشح وحيد بلا منافسين، ولو كانوا حتى مجرد ديكور، حتى يكون الموضوع أقرب لاستفتاء مغلف بالدستور. وفي هذا، فهم لا يعنيهم شكل الانتخابات أو نسب المشاركة فيها.
من
جانبه، أكد الفقيه الدستوري، نور فرحات، أن هيئة الانتخابات وضعت شروطا تعجيزية لصالح
مرشح واحد، وهو السيسي، مضيفا في تصريحات لـ"عربي21"، أن هذه الرغبة تحمل
إشارة واضحة بأن السلطة الآن لن تقبل القسمة على أي مرشح آخر غير السيسي، فما معنى
أن يكون المطلوب من المرشح جمع ربع مليون توقيع خلال ثمانية أيام فقط، بل ودون أي دعاية انتخابية، دون الالتفات للدعاية التي يقوم بها السيسي منذ عام تقريبا في كل
وسائل الإعلام الحكومية والقومية والخاصة والمستقلة، وكلها دعاية واحدة يتم بثها بشكل
منتظم.
وطالب
فرحات الأحزاب والقوى السياسية التي ما زالت مرتبطة بثورة يناير إن كانت ترغب في
التغيير الحقيقي، بأن تتحد حول مرشح واحد لديه برنامج طموح يمثل الحد الأدنى من
التوافق، وأن يعملوا بشكل جاد لدعم هذا المرشح، وتمويله، والترويج له، وصولا لفوزه
بالانتخابات، وتقديمه كبديل مقبول، وإن لم يحدث ذلك فعلى الجميع الاستسلام لكل ما
هو قادم.
من
جانبه، أكد كمال حبيب، المتخصص في الجماعات الإسلامية، أن هيئة الانتخابات أعلنت إجراءها
في سياق باهت وحزين، لا يبدو فيه أي أمل بأن تجري بين مرشحين بينهم تنافس حقيقي
وبرامج انتخابية حقيقية، تجعل المواطن يشعر بأنه المرجعية النهائية لسلطة الرئاسة، وأنه
من يختار ومن يقرر، وهو من يلجأ إليه المرشحون لإقناعه بانتخاب أي منهم.
وأكد
حبيب، على صفحته على "فيسبوك"، أن هيئة الانتخابات لم تعلن إجراء الانتخابات، وإنما أعلنت
جنازتها، فهي لم تعط أي ضمانات لأي مرشح جاد يمكن أن يخوض هذه التجربة، مستبعدا إمكانية
ترشح عبد المنعم أبو الفتوح أو حمدين صباحي أو غيرهما، موضحا أنه من غير المعقول
أننا حتى الآن لا نعرف أسماء مرشحين غير السيسي، وكأننا أمام سر حربي لا يجوز لأحد
أن يبوح به أو يعلن عنه، متسائلا: هل هذه انتخابات رئاسية أم عملية سرية يجري
التفاوض بشأنها في دوائر صناعة القرار، ليتقرر سلفا من هو المرشح المرتقب، كما في
النظم الشمولية التي لا تقيم اعتبارا للشعب أو اختياره؟