سياسة دولية

كيف أراد التيار المتشدد الإطاحة بروحاني؟

روحاني إيران - الموقع الرسمي لمكتب روحاني
روحاني إيران - الموقع الرسمي لمكتب روحاني
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تطرقت من خلاله إلى موجة الاحتجاجات في إيران، لافتة إلى أنه على ضوء تطورات الأحداث في الشارع الإيراني، فإن هناك احتمال أن التيار المتشدد هو الذي يقف وراء هذه الموجة المفاجئة، وذلك عبر تأليب الرأي العام ضد النظام الحاكم.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن موجة الاحتجاجات، التي اجتاحت جل المدن الإيرانية، انطلقت من مدينة مشهد المعروفة بطابعها المحافظ بشكل مفاجئ. ومنذ الأسبوع الماضي، اندلعت المظاهرات في العديد من المحافظات الإيرانية بمشاركة رجال الدين المحافظين الذين كانوا ينادون بالإطاحة بالرئيس الحالي، حسن روحاني.
 
وأكدت الصحيفة أنه لئن بدت هذه الموجة الاحتجاجية في بدايتها عفوية، إلا أنها كانت في الحقيقة مدبرة من قبل مجموعة من المتشددين يترأسها رجل الدين، أحمد علم الهدى. وعلى الرغم من أن النظام الحاكم اتهم المعارضين بالوقوف خلف هذه الاحتجاجات، إلا أن العديد من المؤشرات تفيد بأن التيار المتشدد خطط لتأليب الرأي العام على الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات اندلعت بعد تسريب معلومات حول المفاوضات المتعلقة بميزانية الدولة. ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، راجت معلومات بشأن الزيادة في النفقات العسكرية بنسبة 20 بالمائة. في المقابل، تبين أن الحكومة الإيرانية تخطط  للرفع في أسعار البنزين والتقليص في قيمة المساعدات الاجتماعية بنسبة 50 بالمائة، فضلا عن خوصصة المدارس العمومية.
 
وأوضحت الصحيفة أن كل المؤشرات تفيد بأن الدائرة المقربة من روحاني تقف وراء تسريب المعطيات المتعلقة بالميزانية وذلك بهدف إجبار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، على القبول بالنهج الإصلاحي الذي يتبعه روحاني. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث شعر التيار المتشدد بالخطر ما دفعه إلى تحريض أنصاره للخروج للشارع احتجاجا على انتشار الفساد في البلاد.
 
وأضافت الصحيفة أن شرارة الاحتجاجات اندلعت في مدينة مشهد لتتسع رقعتها وتشمل جل المحافظات الإيرانية. في الأثناء، خرجت الاحتجاجات عن سيطرة النظام الذي عجز عن إخماد الغضب الشعبي على الرغم من تواجد أفراد  من الحرس الثوري الإيراني في المحافظات الأكثر توترا.
 
وأوردت الصحيفة أن سقف مطالب المحتجين كان يقتصر في البداية على المطالبة بإسقاط روحاني إلى مكافحة الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية. وعموما، في حين كانت الطبقة المثقفة تتصدر الصفوف الأمامية خلال الموجة الاحتجاجية التي اندلعت سنة 2009، ينتمي أغلب المحتجين في الوقت الراهن إلى الطبقة الفقيرة وإلى فئة الشباب العاطل عن العمل.
 
وأفادت الصحيفة أن المواطنين الغاضبين يعبرون عن آرائهم تجاه الحكومة عن طريق تطبيق التلغرام الذي يعد وسيلة التواصل الأكثر انتشارا في إيران. وفي هذا السياق، أورد المحلل السياسي، حجت أسدي، أن "التلغرام يعتبر وسيلة التعبير عن الغضب الشعبي الذي تمتد جذوره إلى عقود مضت". وفي سياق متصل، تابع هذا المحلل السياسي الإيراني قائلا إن "الاحتجاجات الإيرانية اندلعت على خلفية الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع معدل التضخم، علاوة على انتشار البطالة وتفشي الفساد".
 
وأوضحت الصحيفة أنه بعد اندلاع الاحتجاجات، انتقد التيار الإصلاحي توزيع الميزانية الإيرانية. وردا على هذه الموجة، حمل الرئيس الإيراني روحاني جهات أجنبية مسؤولية الوقوف خلف الاحتجاجات أسوة بالمرشد الأعلى خامنئي. ولعل الأمر المثير للاستغراب هو أن روحاني أعرب عن تفهمه لمطالب المحتجين.
 
وذكرت الصحيفة أن عددا من المسؤولين السابقين انفضوا من حول النظام. وفي هذا الإطار، أرسل أحد الوزراء السابقين رسالة نصية على تطبيق التلغرام قال إنه "يجب علينا أن نقر بأن النظام الإسلامي الإيراني تجاوزته الأحداث. وعلى هذا الأساس، حان الوقت لفصل الدين عن السياسة".
 
وفي الختام، قالت الصحيفة إن سقوط نظام الملالي لازال أمرا صعب التحقق، خاصة وأن عدد قوات الحرس الثوري الإيراني تضاعف منذ احتجاجات سنة 2009. وفي هذا الصدد، أورد المحلل السياسي، حجت أسدي، أن "الموجة الاحتجاجية الإيرانية الحالية تعد بمثابة بداية لمرحلة جديدة، حيث ستنتشر الاحتجاجات من هنا فصاعدا". وفي الشأن ذاته، أردف أسدي أن "الشعب الإيراني يعتبر بمثابة أسد استفاق بعد غيبوبة طويلة".
التعليقات (0)