صحافة دولية

كيف يبدو النظام التعليمي في الشرق الأوسط؟

جامعة القاهرة
جامعة القاهرة
نشر موقع "لوكلي دي موايان أوريون" الفرنسي حوارا أجراه مع الأخصائي في الأنثروبولوجيا، دانيال كانتيني، الباحث في المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، حول خصائص النظام التعليمي في الشرق الأوسط.
 
وتطرق الباحث، في هذا الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إلى الأنظمة التعليمية في الشرق الأوسط والسياسة التي تتبعها الحكومة في هذا القطاع الحساس. وفيما يتعلق بالاختلافات في السياسات التعليمية المتبعة في الشرق الأوسط، أفاد دانيال كانتيني بأن "ثورات سنة 2011 كان لها دور مهم في إبراز مدى أهمية قطاع التعليم في مجتمعات الشرق الأوسط على جميع المستويات؛ خاصة من ناحية ارتفاع نسبة التمدرس، وأهمية المكانة المركزية التي تتمتع بها المؤسسة التعليمية في الحياة المعاصرة".
 
وفي حديثه عن الأبحاث التي أجراها في كل من الأردن ومصر منذ سنة 2003، أعرب دانيال كانتيني عن اهتمامه بالتعليم العالي والجامعي، خصوصا فيما يتعلق بقطاع صناعة الخدمات. وفي هذا السياق، قال كانتيني: "اتخذت كنقطة انطلاق التميز الذي تحظى به الجامعة باعتبارها مؤسسة مركزية تتحكم في رفع مستوى وعي الطالب، فضلا عن تنمية قدرته على التفكير النقدي في الحياة اليومية داخل هذه البلدان، التي تشدد فيها الرقابة والسيطرة السياسية على المؤسسات التعليمية".
 
وأضاف الباحث أنه بعد إلقاء نظرة شاملة على الدراسات التي أجريت على الشرق الأوسط، اتضح له غياب الدراسات التي تأخذ بعين الاعتبار الفضاءات التعليمية وكيفية استغلالها من الشباب. وحيال هذا الشأن، أورد أنه "كان من الصعب تقديم منظور إقليمي حول هذه المسألة، خاصة مع وجود اختلافات جوهرية بين بلدان المشرق ودول الخليج العربي ودول المغرب العربي، التي يشبه نظامها التعليمي منطقة المشرق أكثر من الخليج".
 
كما أضاف دانيال كانتيني أنه رغم اختلافها، تجتمع هذه الأنظمة التعليمية إلى حد كبير حول تاريخ مشترك، من خلال الحركة المهمة في تنقل الطلاب فيما بينها، نظرا للتقارب اللغوي والديني.
 
وأوضح الباحث أن هناك ثلاثة أنواع مختلفة من الجامعات في بلدان المنطقة؛  أولا، الجامعات الحكومية التي تحظى بالنصيب الأكبر من عدد الطلاب، لكن العاملين فيها يعانون نقصا في التمويل. ثانيا، الجامعات الخاصة غير الربحية، على غرار الجامعات الأمريكية في بيروت والقاهرة، التي تتمتع بمكانة مهمة، ولها صلات قوية بالدول الغربية.
 
أما فيما يخص النوع الثالث، ذكر الباحث الجامعات الخاصة الربحية، التي تعد الأكثر انتشارا على الأقل في دول الخليج، والتي تتكون من مؤسسات محلية، علاوة على الفروع الجامعية للجامعات الأمريكية والفرنسية والألمانية والإنجليزية.
 
وفي هذا الصدد، أوضح دانيال كانتيني أن هذه الخصخصة هي في منأى عن التحرر السياسي. فذلك لا يعني أن الدولة قد تراجعت عن سياستها المتمثلة في التدخل في قطاع التعليم، بل تعكس إعادة هيكلة أو تشكيل الدور الذي تؤديه الدولة في قطاع التعليم من خلال سياسة الخصخصة، وهي استراتيجية ليست غريبة عن أوروبا.
 
وفي إجابته عن السؤال المتعلق بالمكانة التي يحتلها الدين في النظام التعليمي في مختلف الدول الشرق أوسطية ورأي الأقليات في ذلك، أوضح الباحث أنه من وجهة نظر تاريخية، غالبا ما كان التعليم الابتدائي والثانوي مرتبطين بالدين. وقد تم تأسيس الجامعات الخاصة غير الربحية من المبشرين البروتستانت أو الكاثوليك، علاوة عن انتشار الجامعات الدينية مثل جامعة الأزهر، أو جامعة الزيتونة، اللتين تم ربطهما بالمؤسسات التي تديرها الدولة مباشرة في الوقت الحاضر.
 
وأضاف الباحث أن الجامعات الحكومية ليس لها علاقة مباشرة بالدين وتعد، نظريا، "علمانية"، لأن الدين اكتسب مكانة مهمة داخل المؤسسات التعليمية في المنطقة منذ السبعينيات، خاصة مع انتشار الإيديولوجيا الإسلامية من جديد في المجتمع.
 
وفي سؤال الموقع عن مدى أهمية الدور الذي تؤديه الأقليات داخل هذه المؤسسات التعليمية، أجاب الباحث بأن الوضع يختلف من دولة إلى أخرى. وعموما، يتم قبول أبناء الأقليات في جامعات الدول التي تشكل فيها الأقليات جزءا مهما من تعداد السكان غير المسلمين. ولكن، ذلك لا يخفي حقيقة التفاوت الملحوظ بين الطوائف داخل هذه الجامعات.
 
وفي رده على سؤال الموقع حول مكانة القطاع الخاص في الوقت الحاضر، أشار الباحث إلى أن حتمية تطبيق نظام الخصخصة يزداد بقوة منذ التسعينيات في المنطقة. ويعود ذلك، على وجه الخصوص، إلى عمليات إعادة الهيكلة التي اقترحها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
 
أما فيما يتعلق بالوضع القانوني ومصادر تمويل هذه المؤسسات، أكد الباحث أن كليهما ليس واضحا بشكل جيد؛ فماذا لو شكل العديد من البنوك العمومية ومحافظ المنطقة التي توجد فيها الجامعة جزءا من مجلس إدارتها؟ في الواقع، سيؤكد أن هذه الخصخصة ليست مصحوبة بالضرورة بتحرير سياسي. ومن جانب آخر، تعزز الدولة مجال نفوذها عبر هذه المؤسسات الخاصة.
 
وفي سؤال الموقع عن تطلعات الشباب المتعلم في دول الشرق الأوسط، أجاب كانتيني أنه يُنظر إلى التعليم في بلدان الشرق الأوسط على أنه أحد أهم مكونات البيئة الاجتماعية، على الرغم من أن الوعود المبشرة بالتقدم الاجتماعي لم تكلل بالنجاح منذ الستينيات. ومع ذلك، لا زال عدد الطلاب الراغبين في الحصول على مكان لهم بين مقاعد الجامعة في ارتفاع سنوي.
 
وفي الختام، أفاد الباحث بأن الانتقال من المدرسة إلى سوق الشغل ليس بالأمر السهل، فالوظائف المعروضة في القطاع العام تلبي مطالب الشعب كافة في التشغيل. في المقابل، فشل القطاع الخاص في توفير عدد كاف من الوظائف. وبقي التعليم، الذي لا يزال ينظر له كحق مسجل في معظم دساتير بلدان المنطقة، مجرد سلعة يتم شراؤها وبيعها في سوق لا تعد وطنية أو إقليمية فحسب، بل عالمية، نظرا لتدخل الاتحاد الأوروبي بقوانينه وسياسات الشراكة.
 
1
التعليقات (1)
مصري
الإثنين، 04-12-2017 08:25 ص
لايوجد مايسمي بنظام للتعليم في الدول العربية و علي رأسها مصر ، حيث يخطط العسكر المرتزقة لتحويل الشعب إلي مايعرف بالشعب القطيع الذي من صفاته سهولة الإنقياد وتسيرة في أي اتجاة يشاءة العسكر لصوص الذهب والأثار و تجار المخدرات و السلاح ، فلا تفكير ولا ابداع ولا ابتكار و لا ولا ...............ولا يفوتني مقولة العالم العلامة و الفاهم الفهامة طبيب و فليسوف الغبرة السيسي بن مائير عندما يقول حكمته الشهيرة " لا تحدثوني عن التعليم قبل خمسة عشر سنه " بأعتبار انه مهيمن علي حكم مصر إلي ما شاء الله وتوريثه لأبناءه من بعده في ظل وجود الشعب القطيع .