سياسة عربية

اتهامات بتزوير الانتخابات المحلية لصالح حزبي السلطة بالجزائر

سجلت الأحزاب الإسلامية تراجعا في حصد النتائج، بالمقارنة مع الانتخابات البلدية للعام 2012- عربي21
سجلت الأحزاب الإسلامية تراجعا في حصد النتائج، بالمقارنة مع الانتخابات البلدية للعام 2012- عربي21

سجل الإسلاميون بالجزائر تراجعا لافتا بمواقعهم السياسية، بناء على ما تمخضت عنه نتائج الإنتخابات البلدية والولائية التي جرت الخميس 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بينما تشهد العديد من المحافظات بالبلاد موجات غضب عارمة بسبب ما وصف بالتزوير.

وقد عزز حزبا السلطة بالجزائر، حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، موقعهما بصدارة المشهد السياسي بالبلاد، من خلال احتفاظ الأول بالصدارة بحيازته على 630 مجلسا بلديا، والثاني بـ 388 مجلسا من جملة 1541 مجلسا يتوزعون عبر 48 محافظة بالجزائر.

مقابل هذه النتائج، سجلت الأحزاب الإسلامية تراجعا في حصد النتائج، بالمقارنة مع الانتخابات البلدية للعام 2012، حيث لم تفز ، مجتمعة إلا بـ 57 مجلسا بلديا، وفقا لنتائج انتخابات الخميس، بعدما كانت تتربع على 68 مجلسا بلديا تبعا لنتائج انتخابات 2012.

اقرأ أيضا: الحزب الحاكم بالجزائر يتصدّر الانتخابات المحلية

 

وتتوزع النتائج التي تحصل عليها الإسلاميين في الانتخابات المحلية، على 49 مجلسا بلديا تحصلت عليها حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر، وثمانية مجالس تحصل عليها التحالف الإسلامي، المشكل من جبهة العدالة والتنمية، وحركة البناء الوطني، وحركة النهضة.  

لكن، هذه النتائج الهزيلة التي تحصل عليها التيار الإسلامي في الجزائر، لا تعبر عن الحجم الحقيقي للأحزاب الإسلامية بحسب قيادات هذه الأحزاب وأنصارهم، الذين اتهموا السلطة وحزبيهما بتزوير نتائج الانتخابات المحلية.

الإسلاميون أكثر المتضررين
وقال عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة مجتمع السلم، بمؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الجزائر، الأحد، إن  "نتائج الانتخابات المحلية، التي نظمت الخميس تعبر عن انتكاسة حقيقية للمسار الديمقراطي ولسنا راضون عنها".

وأكد مناصرة أن "خروقا شابت العملية الانتخابية"، متهما "المحافظين ورؤساء دوائر وقضاة مسؤولية بالفساد"، وقال "إنهم شوّهوا "العرس الديمقراطي"".

لكن، وبالرغم من تراجع عدد المجالس البلدية التي تحصلت عليها حركة مجتمع السلم، إلا أنها "تمكنت من زيادة وعائها الانتخابي"، بحسب مناصرة.

وتابع مناصرة: "عمليات تزوير مفضوحة سادت العملية الانتخابية، الخميس، وبمحافظة تندوف جنوب الجزائر فاق عدد الجنود المصوتين، عدد السكان"، في إشارة منه إلى استغلال أصوات الجنوب في تزوير الانتخابات لصالح حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

واتهم مناصرة محافظي مناطق الوادي بالجنوب وعنابة بالشرق الجزائري ووهران غربا بـ"التزوير من أجل الحصول على المكافأة والترقية إلى مرتبة الوزير، ظنا منهم بأن كل الذين صاروا وزراء بعد الانتخابات السابقة جاؤوا من بوابة التزوير".

وكان الإسلاميون يقدمون الانتخابات المحلية رهانا كبيرا للتوسع بالمحافظات، وتعويض نكستهم بالانتخابات التشريعية التي جرت شهر أيار/ مايو الماضي، إذ لم يفوزوا سوى بـ 48 مقعدا بالبرلمان.

رئاسيات 2019
وأكد عمر شتون، القيادي بالتحالف الإسلامي، أن "انتخابات الخميس الماضي، كانت عنوانا كبيرا للتزوير الممنهج"، مشيرا في تصريح لصحيفة "عربي21"، الأحد، إلى أن "الجزائر فوتت فرصة أخرى للنهوض والخروج من الأزمة".

ويرى شتوان أن "السلطة ومن خلال التزوير لصالح حزبيها، أرادت تحجيم الأحزاب الإسلامية وردعها حتى لا تشكل عنصرا مقلقا بانتخابات الرئاسة المقررة في الجزائر العام 2019".

كما أدان شتوان "حملة التخويف التي مارستها السلطة بحملة الدعاية الانتخابية، وتخيير الجزائريين بين بقائها أو القبول بالخراب والفوضى، بتوظيف تدهور الأوضاع الأمنية بليبيا وسوريا وسائر البلدان التي شهدت ربيعا عربيا".

لكن اللافت أن، الإسلاميين، ليسوا وحدهم من اشتكى تزوير الانتخابات المحلية، ولكن أيضا، أحزابا محسوبة على السلطة.

فقد شجب عمر غول، رئيس تجمع أمل الجزائر، الذي فاز بـ 31 مجلسا بلديا، ما أسماه "تدخل أعوان الإدارة ومعظم الأحزاب في السطو على قوائم حزبنا، بل تسبب هذا الخرق القانوني في حدوث أعمال عنف".

وطالب "غول" بمؤتمر صحفي عقده الأحد، بالعاصمة، الجزائر "بتشريع جديد يضبط العملية الانتخابية ويُعاقب المتسببين في الإدارة والأحزاب بأعمال العنف".

الموالاة تشتكي أيضا
وقال "غول" الذي انشق عن حركة مجتمع السلم، الإسلامية، العام 2012 ليؤسس حزبا مواليا للسلطة، تجمع أمل الجزائر، أن "ما حدث خطير جدا. فالغرف المغلقة تدخلت لصالح أحزاب أخرى وزوّرت النتائج، فمن الطبيعي أن يغضب مواطنون مع أنّنا ضدّ التعبير عنه بالعنف وأعمال تخريب". 

وتشهد العديد من المحافظات بالجزائر، أعمال عنف وتخريب قام بها موالون لأحزاب فشلت في حصد مقاعد بالمجالس البلدية.

وحتى وإن كان هناك إجماع وسط التيار الإسلامي على خضوع العملية الإنتخابية للتزوير، إلا أن الأمين العام السابق لحركة النهضة، فاتح ربيعي، يرى أن "التيار الإسلامي عليه النظر بجدية وصدق وعمق في أسباب الاخفاقات، وأن يتسّم بالواقعية السياسية ويستمع إلى الأصوات الناقدة ولا يصم عنها الآذان، مثلما فعل في مرات عديدة وأدى ذلك إلى استقالات جماعية في صمت".

وقال ربيعي بتصريح لصحيفة "عربي21"، الأحد، "لا يمكن تعليق كل إخفاقاتنا على شماعة التزوير". داعيا الإسلاميين بالجزائر إلى "تبني  مراجعات عميقة وجريئة، وعلى التيار الإسلامي أن يتجدد أو ليتبدد".

ونبه ربيعي إلى ما أسماه "وجود تناقض الخطاب لدى الإسلاميين، فمثلا نتحدث عن التزوير طيلة خمس سنوات، بينما نهنئ الشعب والمناضلين لمقاطعتهم الانتخابات".

من جهتها، أدانت لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، اليساري "تعرض الحزب لعمليات سطو طالت أصواته بالانتخابات"، قائلة في تصريح لصحيفة "عربي21"، الأحد "أدعو النظام إلى قليل من الحياء، لأن الجزائر هي البلد الأخير في أفريقيا الذي مازالت فيه الانتخابات تزور وتغتصب فيه الأصوات بهذه الطريقة الفجة". 

وتابعت حنون: "مسؤولية التزوير تقع على عاتق الأحزاب الحاكمة التي تريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه".

وتنفي قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، أن تكون قد استفادت من تزوير الانتخابات، وقال عضو اللجنة المركزية بالحزب، عادل قطوس، في تصريح لصحيفة "عربي21"، الأحد، "الكل يعلق فشله على شماعة التزوير لصالحنا، بينما نحن كنا ضحايا التزوير في العديد من مراكز الاقتراع".

لكن نأي الحزب الحاكم بنفسه عما يسميه خصومه بالتزوير لصالحه، لم يقنع قيادات الأحزاب المتضررة ، في نظر قياداتها، و قال لخضر بن خلاف، عضو قيادة جبهة العدالة التنمية، الإسلامية، أن "هذه الانتخابات تميزت بتزوير مفضوح، باستعمال وسائل كنا نعتقد أنه تم التخلي عنها، منها تحول مقرات والدوائر والولايات إلى محافظات تابعة للحزب الحاكم، ثم انتهى الأمر مثل العادة من خلال رفع نسب المشاركة وحشو الصناديق والتلاعب بأصوات وإرادة المواطنين الذين انتخبوا".

و تابع في تصريح لصحيفة "عربي21"، الأحد، "لقد لاحظ الرأي العام أن أحزاب الموالاة بنفسها اشتكت من النتائج بمن في ذلك الوزير الأول شخصيا الذي أعلن عن تقديم طعون في النتائج وصدر الأمر مثله عن الحزب الذي فاز بالأغلبية أي حزب جبهة التحرير الوطني".

التعليقات (0)