هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
النافعة الوحيدة لهذه الضارة القومية الكُبرى التي تعصف بعالمنا العربي
هي توفير فرصة لمن فاتهم أن يقرأوا التاريخ، كي يروْا عيّنات منه بالعين المجردة وليس
بواسطة الخيال!
ومن يقولون إن ما يحدث غر مسبوق يخطئون مرتين، لأنه مسبوق وسيكون ملحوقا
أيضا، ما دام هناك تاريخ يجري ولا يتوقف. والأسوأ من كل ما يحدث هو العجز عن استيعابه
وتحليله والتعامل معه على أنه كوارث تشبه الزلازل والبراكين والأعاصير، تماما كما تهرّب
المؤرخون والشهود العرب من وصف ما حدث لفلسطين عام 1948 وأطلقوا عليه اسما مستعارا
من الطبيعة وكوارها، وهو النكبة، رغم أن ما حدث كان هزيمة ساحقة لسبعة جيوش أيام كان
القرش الفلسطيني مثقوبا من منتصفه، ويصلح لأن يعلقه الأطفال كالقلادة أو الأيقونة.
ما نراه على مدار الساعة ويصيبنا بالقشعريرة والغثيان ليس وليد اللحظة،
ولم يولد في مطلع هذا القرن، لأن التاريخ حبل به تسعة قرون، وليس تسعة أشهر فقط، وأخيرا
وبعد عملية قيصرية دفعت الأم ثمنها، وتركت الوليد أمانة في أعناق غير أمينة!
ما يفزعنا اكثر مما جرى هو أساليب التعامل معه، فالبعض يحولون مصائب الآخرين
حتى لو كانوا أشقاء إلى فوائد، وهناك أيضا من ينتظرون الضواري كي تصاب بالتخمة من الفريسة
كالضباع، ويهرعون إلى ما تبقى من العظم والأشلاء!
وقد تحدثت أكثر من مرة عن ميداس العربي المضاد لميداس الإغريقي؛ لأنه
ما أنْ يلامس الذهب حتى يحوله إلى تراب ورمال، بعكس ميداس الإغريقي الذي كان يلامس
الرمل فيحوله إلى ذهب!
ما فعله عرب مطالع الألفية بأنفسهم لهم اسم واحد فقط، هو الانتحار القومي؛
لأنه أشبه باشتباك بين أفراد قطيع خراف أمام مسلخ!!
الدستور الأردنية