هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أزمة جديدة تسبب فيها برلمان السيسي مع نقابات العمال المستقلة التي تمثل ملايين العمال؛ بتمريره قانون النقابات العمالية، أمس الأربعاء، دون موافقتهم أو الأخذ بتوصيات منظمة العمل الدولية الدولية؛ ما يعني استمرار وضع مصر على القائمة السوداء للمنظمة للمرة التاسعة منذ وضعها عليها للمرة الأولى في 2008.
وأدرجت منظمة العمل الدولية مصر، في حزيران/ يونيو الماضي على القائمة القصيرة للدول التي تنتهك حقوق العمال وتخالف الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، والمعروفة إعلاميا باسم القائمة السوداء.
وفي تصريحات لـ"عربي21" اتهمت قيادات بالنقابات المستقلة حكومة السيسي بالسعي إلى القضاء على نقاباتهم، وإلغائها لحساب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي)، والسماح للأجهزة الأمنية بالسيطرة عليها لاستغلال كتلتها التصويتية،وتحييدها في أي اضطرابات عمالية.
وتضمن القانون الجديد شروطا تعجيزية، مثل إنشاء النقابة العامة من عدد لا يقل عن 15 لجنة نقابية تضم في عضويتها 20 ألف عاملا على الأقل، وأخرى تمييزيه تعترف بالاتحاد العام لنقابات مصر الحكومي فيما تتجاهل تماما وجود نقابات أخرى مستقلة؛ لأنها لم تتكون وتتشكل وفقا لأحكام القانون 35 لسنة 1976 المرفوض من النقابات المستقلة أصلا.
تحجيم الحركة العمالية
وتعليقا على القانون الجديد، رفض نائب رئيس نقابة القصر العيني الفرنساوي، عامر رشاد، القانون، قائلا: "هو مرفوض من قبل النقابات المستقلة، ولا يتوافق مع الاتفاقيات الدولية، ويزعم أن المواد تتوافق معها"، مشيرا إلى أنه "باختصار نسخة من قانون رقم 35 المنظم للنقابات العمالية والذي يحظر إنشاء نقابات مستقلة لصالح الاتحاد الحكومي، والنقابات العامة".
وأضاف لـ"عربي21": المشرع وضع شروطا مجحفة، وتعجيزية"، مهددا بالطعن في القانون "أمام المحكمة الدستورية فور صدور لائحته التنفيذية، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام قانون أقره النواب دون دراسة".
وحول الهدف من مثل هذا القانون؛ أكد أن "الهدف باختصار شديد هو تحجيم الحركة العمالية في مصر التي تسعى لتحسين ظروف العمل والعمال، ويكرس القانون سيطرة اتحاد العمال الحكومي، على كافة التنظيمات العمالية النقابية، من خلال الشكل الهرمي للتنظيم النقابي".
وحظرت حكومة السيسي التعامل مع النقابات المستقلة في 2015، واعتبارها عناصر "إثارية"، كما حظرت وزارة الداخلية في 2016 التعامل مع النقابات المستقلة بكافة مسمياتها، ورفض اعتماد أختامها لاعتماد المهن ببطاقة الرقم القومي.
هيمنة الأمن
أما الصحفي والناشط العمالي عادل زكريا، فذهب بالقول إلى أن "الحكومة رسخت لوضع ما قبل 25 يناير بل أسوأ"، لافتا إلى أن "وجه الاعتراض أنه يتجاهل أكثر مليوني عامل منخرطين في النقابات المستقلة ومنتظمين فيها، وكان يجب مراعاة وجودهم عند وضع القانون".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21": "أن القانون في المادة الثانية أعطى ميزة للاتحاد الحكومي، فهو غير مجبر على عمل انتخابات جديدة، وإنما تسري تلك الانتخابات على النقابات المستقلة فقط خلال 60 يوم والدخول في إجراءات ورقية في وزارة القوى العاملة من أول وجديد".
وعن سبب تجاهل البرلمان مطالبهم، أكد أن "معاداة الحكومات المتتابعة للحركات العمالية موضوع تاريخي، فالأنظمة الحاكمة طوال الوقت تستغل العمال في الانتخابات؛ خاصة أنهم كتلة تصويتية ضخمة؛ لذلك لا بد أن تصبح الأجهزة الأمنية مسيطرة عليها، وأن تظل تحت أعينها".
ولكنه قلل من شأن القانون الجديد، قائلا: "سواء هناك قانون أو لا قانون، فالعمال طوال الوقت يضربون ويعتصمون للمطالبة بحقوقهم بالرغم من وجود قانون يجرم الاعتصام، ليس القانون هو الذي سيوقف حركة العمال وحراكهم، هذه الحركة تعرضت لمضايقات وملاحقات أمنية وسجن واعتقالات ولا أعتقد أن تستسلم بسهولة".
منظم وليس مفتت
على الجانب الآخر، فند نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ورئيس النقابة العامة للصحافة والطباعة، مخاوف النقابات المستقلة، قائلا: "إن القانون الجديد يهدف لتنظيم عمل النقابات العمالية وليس نسفها كما يقال، ومسموح لها بالعمل بدليل هناك تعددية في النقابات العامة والاتحادات".
وأضاف لـ"عربي21": "بالنسبة للجنة النقابية في أي منشأة من حقها أن تقرر الدخول ضمن لجنة اتحاد العمال (التابعة للدولة) أو النقابة المستقلة"، مقرا في الوقت نفسه بأن "القانون به مواد جيدة وأخرى سيئة كإلغاء مادة الإعفاءات الضريبية التي كانت تخفف من على كاهل العمال".
ولكنه أيد بقوة عدم وجود أكثر من لجنة نقابية داخل المنشأة الواحدة وهو ما ترفضه النقابات المستقلة، قائلا: "لكي نخلق نقابات قوية لا بد من وجود أعداد، ويكون لها شخصية أمام صاحب العمل، الأمر الآخر أن الحرية مكفولة لأية لجنة نقابية بالانضمام إلى أي نقابة سواء المستقلة أو اتحاد العمال، حفاظا على اقتصاد البلد الواهن".