هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة، القرار الذي ترك لبنان يغرق في غياهب المجهول.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اللبنانيين لا يزالون تحت تأثير وقع صدمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي أخذ الجميع على حين غرة، يوم السبت، بما في ذلك المقربون منه. وأجمع معظم المحللين على أن هذا القرار -الذي تم الإعلان عنه من الرياض- جاء في أعقاب ضغوط كبيرة مارستها السلطة السعودية، التي تريد أن تنقل نطاق المواجهة مع إيران إلى الأراضي اللبنانية. وما لا شك فيه، أن ذلك سيساهم في إغراق بلد الأرز في المزيد من الاضطرابات السياسية.
وذكرت الصحيفة أن النوايا المُبيتة للمملكة العربية السعودية كانت واضحة في الأيام الأخيرة. فمن جهة، تمت دعوة سعد الحريري إلى الرياض، الأمر الذي أجبره على إلغاء جميع مواعيده. في الفترة ذاتها، دعا الوزير السعودي ثامر السبهان الحكومة اللبنانية إلى التخلص من حزب الله.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحزب الشيعي، الذي يعدّ الجناح العسكري لإيران، يمثل عنصرا رئيسيا في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها الحريري. وتبلورت هذه الحكومة بعد التوصل إلى حل سياسي توافقي مكّن من انتخاب رئيس للجمهورية بعد أشهر من بقاء هذا المنصب شاغرا.
وأفادت الصحيفة بأنه قبل ساعات قليلة من تبرير سعد الحريري لاستقالته، من خلال الظهور على التلفزيون السعودي، منددا "بالدور المدمر لإيران وذراعها العسكري في المنطقة وفي لبنان"، استقبل الحريري في بيروت المستشار الدبلوماسي لمرشد الثورة الإيرانية، في اجتماع وصف بأنه كان "بنّاء". ومن هذا المنطلق، راجت شائعات حول ما إذا كان رئيس الوزراء اللبناني اتخذ هذا القرار طواعية، أم ما إذا كانت السلطات السعودية أجبرته على فعل ذلك.
وأضافت الصحيفة أن جُل المحللين يتفقون حول حقيقة أن الموقف السعودي الجديد يعدّ بمثابة إستراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة للبنان. وفي مقال نشر مؤخرا من قبل مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وقف الباحث السياسي جوزيف باحوط على الأسباب التي جعلت لبنان يجد نفسه مرة أخرى في حالة من الاضطراب، على الرغم من أنه نجح منذ سنة 2011 في تجنب عدوى الصراع السوري.
وفي هذا السياق، صرح باحوط بأنه "إذا كانوا يعتزمون تقديم تعويضات لدول الخليج وإسرائيل والولايات المتحدة مقابل النصر الذي حققته إيران في دمشق، فيعد لبنان المكان الأنسب لتحقيق هذه الغاية".
وعلى الرغم من أنه من المبكر قياس مدى تأثير استقالة الحريري على خلفية تدخل المملكة، إلا أن الرياض تمكنت من تأكيد سلطتها فيما يتعلق باختيار رئيس المجلس اللبناني الذي يجب أن يكون سنيا، بموجب الاتفاقية، ورئيس الجمهورية الذي يجب أن يكون مارونيا، ورئيس مجلس النواب الذي يجب أن يكون شيعيا. وبالتالي، بسط نفوذها على كامل المؤسسات اللبنانية.
ونقلت الصحيفة على لسان الأستاذ في جامعة القديس يوسف في بيروت، كريم بيطار، أنه "لا يمكن لأي طرف أن يدعي أن القيادات السنية قادرة اليوم على تجاهل الموقف السعودي". علاوة على ذلك، يعتقد كريم بيطار أن الخطر المقبل المحدق بلبنان يتمثل في الأزمة المؤسسية الجديدة التي سيشهدها، والتي تتمحور حول الانتخابات التشريعية المزمع عقدها خلال شهر أيار/ مايو من سنة 2018، وذلك بعد أن وقع تأجيلها عدة مرات. وفي الوقت الراهن، أصبح مصير هذه الانتخابات على المحك.
وأشارت الصحيفة إلى أن استعادة الوضع الطبيعي في صلب المؤسسات اللبنانية، خاصة أن البرلمان اللبناني لم يصوت على الميزانية منذ سنة 2005، كان يعدّ من أبرز الاهتمامات الرئيسية لسعد الحريري في الأشهر الأخيرة. ويرتبط ذلك بالتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الكبيرة في لبنان. وفي ظل الخوف من تزعزع الاستقرار في لبنان، سارع محافظ البنك المركزي إلى إصدار بيان يوم الأحد، يؤكد من خلاله قدرته على دعم الجنيه اللبناني.
وأكدت الصحيفة أنه بالإضافة إلى التعقيدات المالية، تثير إمكانية الدخول في حرب جديدة مع إسرائيل مخاوف لبنان. فليس من المستغرب أن تسعى السعودية إلى تنفيذ مخطط إضعاف إيران في لبنان؛ من خلال ترتيب هجوم إسرائيلي جديد على حزب الله، وذلك وفقا لتوقعات بعض المحللين.
وفي الختام، بينت الصحيفة أنه على خلفية الأحداث التي عاش لبنان على وقعها في الأيام الأخيرة، أصدر زعيم حزب الله بيانا ينفي فيه الشائعات حول التهديد الذي تشكله إسرائيل والسعودية على حزبه. وفي الخطاب ذاته، تجنب حسن نصر الله التصعيد؛ من خلال الدعوة إلى "الهدوء، والحكمة، والصبر".
الكاتب: سيبيل رزق
الصحيفة: لوفيغارو
المصدر: