هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكلت القرارات الملكية السعودية ليلة السبت، والإطاحة بشخصيات وازنة من مناصبها وتوقيف عدد كبير من الأمراء والوزراء الحاليين والسابقين، على رأسهم الأمير متعب بن عبد الله والأمير والملياردير المعروف الوليد بن طلال؛ حالة أشبه بـ"الزلزال السياسي".
وبعد ساعات قليلة من إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد السعودي، اعتقلت السلطات 18 أميرا، وعشرات الوزراء السابقين، وأربعة وزراء حاليين، من بينهم الأمير الوليد بن طلال ووزير المالية السابق إبراهيم العساف.
وتضمنت القرارات الملكية تشكيل لجنة عليا برئاسة محمد بن سلمان لحصر جرائم الفساد والتحقيق فيها، وإعفاء الأمير متعب بن عبد الله من وزارة الحرس الوطني وإعفاء عادل بن محمد فقيه من وزارة الاقتصاد والتخطيط، إضافة لإنهاء خدمة الفريق الركن عبد الله بن سلطان قائد القوات البحرية وإحالته للتقاعد.
اقرأ أيضا: هيئة كبار العلماء بالسعودية تعلق على توقيف أمراء ووزراء
وتثير هذه الحملة غير المسبوقة في المملكة، تساؤلات عدة، تدور أبرزها حول التداعيات السياسية المحتملة جراء تنفيذها واستهدافها لأمراء ووزارء، والأسباب المحتملة خلفها.
واختلفت القراءة لهذا الزلزال السياسي في المملكة السعودية، بين من يراها مكافحة للفساد وفرصة لتصفية الخصوم.
من جهتها، قالت مضاوي الرشيد برفيسور علم الاجتماع السياسي في جامعة لندن، أن "التصفيات التي بدأت منذ عام 2015، تأتي في سياق إخلاء الساحة من أي منافس لولي العهد محمد بن سلمان".
الاعتقالات ذات طابع سياسي
وأرجعت الرشيد لـ"عربي21" سبب عزل الأمير متعب بن عبد الله عن الحرس الوطني واستبداله بشخصية أقل ثقلا منه، "حتى لا يكون مساحة للمنافسة"، مشيرة إلى أن "ابن سلمان من تبقى من الأمراء رفيعي الشأن الذين عندهم قاعدة عسكرية، لذلك تم التخلص منه بسهولة كما التخلص من محمد بن نايف".
وفنّدت الرشيد ما أعلنته القرارات السعودية أنها مرتبطة بالفساد ومكافحته، مؤكدة أن "الاعتقالات ذات طابع سياسي، وتأتي من باب تصفية الساحة من أي منافس".
وأضافت: "تم اعتقال الوليد بن طلال لتصفية الساحة من أي منافس اقتصادي للخطط القادمة التي تأتي تحت مظلة رؤية 2030، كونه شخصية يمتلك قدرة مالية طائلة، وقد يستفيد من الخصصة التي أعلنت عنها السعودية".
اقرأ أيضا: بعد ليلة الاعتقالات.. هبوط في بورصة السعودية والمالية تعلّق
وكان حساب "ويكليكس الخليج" على موقع "توتير" كشف أن الملياردير الوليد بن طلال هدد خلال اجتماع للأسرة الحاكمة بسحب كل أمواله إلى أوروبا في حال رفض الإفراج عن الأمير محمد بن نايف.
وفي هذا الشأن، شددت الرشيد على أن الاعتقال مرتبط بالقدرة الاقتصادية التي يمتلكها الوليد بن طلال، موضحة أنه يمتلك قدرة شرائية تمكنه من المنافسة على مشاريع رؤية 2030، منوهة في الوقت ذاته إلى أن الاعتقال يأتي لقطع الطريق عليه من استغلال أمواله في أي معارضة قادمة لمحمد بن سلمان.
وأكدت الرشيد أن "محمد بن سلمان أصبح فعليا في العرش، ولم يبقى إلا الإعلان الرسمي عن تتويجه ملكا".
وترى برفيسور علم الاجتماع السياسي أن "الساحة السعودية خلت من المعارضة الداخلية في الوقت الحالي، فكلهم في السجون أو بعضهم في الخارج"، متوقعة أن "يفتح ذلك المجال أمام مواجهات عنيفة لأن الطرق السلمية قد سدت في وجه كل السعوديين".
بن سلمان يحارب الفساد
في المقابل، رأى المعارض السياسي السعودي كساب العتيبي، أن "القرارات يجب أن تؤخذ كخطوة إيجابية للقضاء على الفساد ومساءلة المسؤولين عن أموالهم وهي خطوة مهمة وقوية".
وأشار العتيبي في حديثه لـ"عربي21" إلى أن القرارات الملكية تأتي "خطوة لتثبيت وجود ولي العهد محمد بن سلمان كرجل جاء ليحارب الفساد"، منوها إلى أن "الإجراءات واقعية والقرارات إيجابية بغض النظر عن النوايا والأجندات السياسية".
وأكد العتيبي أن الخطوة القادمة ستتضح فيها تداعيات هذه القرارات، وإذا كان هناك محاكمات أو غيرها من الخطوات، مشددا على أنها "لا تأتي ضمن سياسة تصفية الخصوم كما يراها البعض"، وهو بذلك يخلاف ما ذكرته المضيوي.
وأضاف أن "اعتقال الوليد بن طلال صعب على الحكومة نظرا لعلاقاته الدولية الواسعة وهو يسيء للسعودية بين دول العالم"، مستدركا قوله: "لكن ذلك يؤكد أن سياسة بن سلمان جادة في القضاء على الفساد ولا يوجد حصانة للأمراء وأصحاب المناصب الكبيرة".
اقرأ أيضا: السعودية توقف متعب والوليد بن طلال وأمراء ووزراء (أسماء)
وحول إمكانية أن تكون القرارات الملكية مقدمة لوصول بن سلمان لأن يكون ملك السعودية، قال العتيبي: "ولي العهد لا يحتاج لمثل هذه الخطوات لأن والده حي ويستطع التنازل له بأي لحظة"، متابعا: "القضية ليست لها علاقة بالوصول للحكم".
ورأى العتيبي أن "جميع السعوديين يقفون اليوم مع هذه القرارات ولا يوجد معارضة لها، كون الحساب ومكافحة الفساد طال رؤوسا كبيرة"، منوها إلى أن المعارضين الوحيدين لهذه القرارات هم المنتفعين والمتضررين منها.
وبعد القرارات الملكية غرّد أكاديميون وسياسيون سعوديون على صفحاتهم على موقع "تويتر"، معربين عن تأييدهم ومساندتهم للقرارات.
اقرأ أيضا: كيف قرأ جمال خاشقجي إيقاف أمراء ووزراء بالسعودية؟
من جهته، ذكر الكاتب السعودي حمد الماجد نشر على موقع "تويتر" أن "السعودية تنفي مفسديها كما ينفي الكير خبث الحديد".
وفي تغريدة أخرى قال: "الفاسدون عبارة عن تخثرات مميتة في شرايين الوطن، وما يجري هو عملية قسطرة لإزالة هذه التخثرات الفاسدة، الآن الوطن يستنشق ملء رئتيه نقاء ونزاهة.
وقال الأستاذ الجامعي السعودي مسفر بن علي القحطاني في تغريدة له، إن "الفساد عصا التعثر والتوقف لدولاب التقدم"، واصفا ليلة اتخاذ القرارات الملكية بـ "التاريخية".