نشرت مجلة "نيويوركر" مقالا للكاتبة ألكسيس أوكييوو، يتحدث فيه عن غياب التعاطف الدولي تجاه الجريمة التي ارتكبتها
حركة الشباب في
الصومال نهاية الأسبوع.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه تم تفجير شاحنة في مبنى في العاصمة مقديشو، حيث انفجرت في مساء السبت، قرب تقاطع مزدحم بالمارة، وهو ما كان سببا في عدد القتلى الكبير، الذي تجاوز الـ300 شخص.
وتقول أوكييوو: "ظهرت صور تذكر بعالم القيامة: جثث محترقة لا يمكن التعرف عليها، بما فيها حافلة أطفال مدرسة، وبنايات منهارة، وتحولت إلى رماد، وناجون هاربون، وأقارب يبحثون عن اعزاء لهم بين الأنقاض، ومحور للدمار مساحته تغطي مساحة عدة ملاعب كرة قدم".
وتلفت الكاتب إلى أن "الهجوم أدى إلى زرع الرعب في سكان العاصمة، الذين تعودوا على عمليات حركة الشباب/ فرع تنظيم
القاعدة، التي تقوم بشن حرب على الحكومة، وقال مسؤولوها إن الحركة هي التي تقف وراء ما يمكن اعتباره أسوأ حادث إرهابي في تاريخ البلاد".
وتقول أوكييوو إن "الحادث مع فظاعته كان محل خيبة أمل للصوماليين في الداخل والخارج، الذين لاحظوا غياب الاهتمام العالمي بما جرى في عاصمتهم، وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم وجود وسم باسم الحادث، إلا أن التغطية التلفازية وعلى مدار الساعة التي ترافق عادة الهجمات
الإرهابية التي ينفذها متطرفون في العواصم الأوروبية لم تكن حاضرة".
وتجد الكاتبة أن "السبب هو أن الناس يتعاطفون مع الناس الذين يعيشون معهم أو اقاربهم ومن جنسهم، ومن السهل التعاطف معهم ومعرفة ألمهم، ومن هنا فإن التعاطف مع حادث في أفريقيا، خاصة أن ضحاياه مسلمون، يظل أمرا بعيدا".
وترى أوكييوو أن "القصص التي تحكى عن الصومال في الإعلام تظل مخيبة؛ لأنها تشير إلى مكان يعد فيه العنف أمرا عاديا أكثر من الهجمات المتفرقة التي تحدث في الغرب، ومن هنا تفترض التغطية التي تتحدث عن عنف يومي أن أهل الصومال يتعاملون ويحزنون على قتلاهم بشكل مختلف، أو أقل من الطريقة التي يحزن فيها الغربيون على قتلاهم".
وتستدرك الكاتبة بأنه "رغم نشر الصحف الرئيسة قصصا عن الهجوم، إلا أنها اتبعت صيغة واحدة، وهي تقرير الخبر دون التعاطف معه، وما افتقدته التغطية هو القصص القريبة من النفس والمحزنة عن الأطفال الذين ماتوا، والمواهب التي فقدت بسبب الحادث".
وتفيد أوكييوو بأنه "في بلد كالصومال، يتم نقل أخباره ضمن نمطيات، فإنه من السهل أن يتم التعامل مع الأخبار القادمة منه كونه بلدا يشهد الحرب والإرهاب، ويتم التناسي في هذه الحالة أن الناس فيه يعيشون حياة شبيهة بالحياة التي يعيشها الناس كلهم حول العالم، ولديهم أحلام وآمال كغيرهم، وكما كتبت ليزلي جيمسون في (امتحانات التعاطف)، فإن (التعاطف يحتاج إلى البحث والخيال.. والتعاطف يحتاج معرفة ما لا تعرفه)".
وتبين الكاتبة أن "الصوماليين قاموا بحكاية قصصهم، وقام بعضهم بمحاولات دعم المتعاطفين، فيما قام آخرون بجمع الصور، وشاركوا الآخرين فيها، والبحث عن المفقودين، وتساءل آخرون: اين التعاطف المتدفق مع كارثة حدثت الآن في أكثر البلدان تهميشا في العالم؟ وأين مآسي هؤلاء الناس الذين يندبون موتاهم؟".
وتخلص أوكييوو إلى القول إن "التعاطف هو نقطة هشة، وهي طريقة إنسانية للنظر إلى الشخص الذي هو بعيد ومختلف في الوقت ذاته، وبالتالي تجاهل التعقيد والخلافات التي تجعله بعيدا عنك، ومن هنا فالشخص بحاجة لتجاوز النمطيات، والتعامل مع الآخرين بحساسية، وهو ما يستحقه أهل الصومال، الذين يندبون الموتى الأعزاء، ويجب مساعدة الناجين حتى يعودوا للحياة العادية من جديد".