مقابلة متلفزة لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على برنامج « Face the nation» الذي يقدمه المذيع جون ديكرسون عرضتها شبكة الـ (CNN ) الأمريكية يوم أول أمس الأحد؛ المقابلة جاءت مباشرة بعد إعلان ترامب عن استراتيجيته الجديدة لمواجهة ايران؛ وبرغم أن أهداف الوزير كانت واضحة بالترويج للاستراتيجية الجديدة وتوضيحها، إلا أنها كانت فرصة مناسبة لمقدم البرنامج لتناول كافة الملفات وأكثرها حرجا علاقة الوزير بالرئيس الأمريكي ترامب وعلاقة الإدارة بكافة مراكز صنع القرار وعلى رأسها الكونغرس المقبل على انتخابات نصفية.
فبعد نقاش طويل حول الاستراتيجية المتعلقة بإيران انتقل المحاور إلى سؤاله عن موقف الرئيس من العقوبات على روسيا والتي لم يبد الرئيس ترامب حماسا لها في حين سارع الكونغرس الأمريكي إلى إقرارها؛ ما دفع تيلرسون إلى تبرير ذلك بالقول أن الرئيس لم يكن معترضا على العقوبات بل كان ساعيا للتأني لمعرفة تأثير هذه العقوبات على حلفائهم الذين يرتبطون بمصالح وعقود مع موسكو لإعطائهم فرصة للتكيف؛ ما اظهر تناقضا صارخا بين الإجراء الأخير للرئيس بفرض عقوبات من خلال الخزينة الأمريكية على طهران دون مراعاة مصالح الحلفاء وعلى رأسهم إيطاليا التي ارتبطت بعقود كبيرة مع طهران.
المسألة الثانية المحرجة التي تعبر عن مهارة المحاور السؤال عن رحلته إلى الصين في محاولة للتفاوض وإقناع «بكين» بالضغط على «بيونغ يانغ»؛ إذ باغتت وزير الخارجية تغريدة ترامب بقوله إنه لا جدوى من التفاوض مع رجل الصواريخ ليتركز السؤال بعدها عن طبيعة علاقة الرئيس ترامب بوزير خارجيته ومدى التنسيق بينهما.
فالمقدم ذهب إلى القول بأن ذلك يدفع إلى التساؤل إن كان هناك تنسيق وتعارض بين ترامب ووزير خارجيته، ليجيب تيلرسون بأنه على العكس من ذلك أنه في حالة تواصل دائم مع الرئيس إذ يتصل فيه ما يقارب الأربع أو الثماني مرات فضلا عن التواصل مع أركان إدارته فالهدف من تغريدة الرئيس بحسب ترامب إظهار استعداد الولايات المتحدة للمواجهة في حال عدم التجاوب مع المفاوضات السياسية، إلا أن سيل الأسئلة من المحاور لم يتوقف مستعينا بتصريحات السيناتور الجمهوري «كروكر» الذي قال أن الرئيس يعيق عمل تيلرسون بتصريحاته، ليعيد تيلرسون ليؤكد العلاقة الجيدة مع الرئيس.
السؤال المباغت الذي ركز على علاقة ترامب بتيلرسون والأكثر إحراجا كان يتعلق بتردد أخبار عن قوله في اجتماع لقادة البنتاغون أن ترامب «احمق»، لكن تيلرسون قال إنه لا يريد أن يرد على شائعات أو أن يتعامل معها فهي مسألة يعتاش عليها المتربصون.
المحاور من جديد باغته بالقول أن الأمر ببساطة أن تنكر قولك لذلك فرفضك الإنكار سيدفع المشاهدين إلى الاعتقاد بأنك قلت ذلك؛ وإذ أنكرت أيضا فهذا يعني أن من نقلوا عنك قول ذلك يكذبون وهو امر محرج طبعا لتيلرسون؛ إذ قد يدفع من شهدوا الواقعة من كبار القادة العسكريين للرد على تيلرسون، ليرد تيلرسون بأن هذه لعبة موحيا بذلك إلى أن المذيع يريد أن يصطاد بالماء العكر، مؤكدا علاقة الاحترام الراسخة بينه وبين الرئيس فهو يسمي ترامب بالرئيس ولا يستخدم مصطلحا آخر لوصفه.
مثير كيف تحول الحديث عن كوريا وايران وروسيا إلى نقاش داخلي حول علاقة ترامب بأركان إدارته؛ والأكثر إثارة كيف ختمت القناة الحوار بانتقالها إلى المذيعة التي علقت على المقابلة بالقول إلى أن نتمكن من هضم ما ورد في هذه المقابلة ننتقل إلى فاصل، ملمحة إلى صعوبة هضم ما ورد فيها وهنا يكمن الإشكال الداخلي في أمريكا فالجدل والنقاش والمعارك حول الإدارة وفاعليتها تدور في كل المحاور سواء الإعلامية أو في الكونغرس أو في البنتاغون؛ فالمعركة الآن لا تدور حول استراتيجية ترامب تجاه كوريا وايران وروسيا بل حول فاعلية إدارته ومدى انسجامها وقدرتها على التفاعل مع مراكز صنع القرار في أمريكا لتخليق استراتيجية متماسكة وهنا يكمن الجدل بين المحللين حول حقيقة السياسة الخارجية لإدارة ترامب.
السبيل الأردنية