سياسة عربية

"حكومة الإنقاذ" بإدلب.. ما شرعيتها في المرحلة المقبلة؟

الحكومة شكلت بمباركة ضمنية من هيئة تحرير الشام- أرشيفية
الحكومة شكلت بمباركة ضمنية من هيئة تحرير الشام- أرشيفية
على وقع التحضيرات التركية لدخول عسكري إلى إدلب لضبط الأمن في المدينة في ظل الاتفاق مع روسيا والأطراف الفاعلة بسوريا على مناطق خفض للتوتر أعلن ما يسمى بـ"المؤتمر السوري العام" في إدلب أمس السبت عن تشكيل "حكومة إنقاذ" لإدارة الشمال السوري.

وأعلنت الهيئة التأسيسية للمؤتمر تشكيل الحكومة وانتخاب محمد الشيخ رئيسا لها بعد أن صوت لها 28 عضوا من أصل 36.

ويأتي تشكيل الحكومة كأحد مخرجات المؤتمر الذي اختتم أعماله الشهر الماضي بعد انعقاده على مدار يومين في قاعة مؤتمرات معبر باب الهوى وتقرر فيه تشكيل هيئة تأسيسية تنتخب حكومة خلال أسبوعين من انتهائه. 

ويعد محمد الشيخ شخصية أكاديمية انشقت عن حكومة النظام عام 2012 وهو حاصل على الدكتوراه في الرياضيات من فرنسا عام 1992 وكان يعمل معيدا في جامعة تشرين باللاذقية.

ويرى مراقبون أن "المؤتمر السوري العام" يسعى ليكون بوابة رسمية تتعامل معها القوات التركية في الواقع الجديد المقرر أن يفرض على مدينة إدلب.
 
وأشاروا إلى أن الاجتماعات التي أجراها المؤتمر وما انبثق عنها من حكومة كان بـ"مباركة" ضمنية من هيئة تحرير الشام والتي تمثل جبهة النصرة أكبر مكوناتها لكنها لن تحظى باعتراف دولي.

المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن هذا التشكيل الجديد يعارض الاقتتال بين الفصائل وجميع الحركات الموجودة على الأرض السورية وستكون مكاتبه وجميع أعضائه من الداخل السوري.

المحلل السياسي السوري محمود عثمان قال إن الساحة في المناطق المحررة تشهد فراغات سمحت لجهات سياسية بالتحرك وتشكيل كيانات في ظل غياب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والهيئة العليا للمفاوضات الجسمين المعترف بهما دوليا.

وقال عثمان لـ"عربي21" إن هناك قوى فاعلة على الأرض حاليا مثلا اللجان المحلية وفصائل منضوية تحت راية الجيش السوري الحر إضافة إلى الكتائب الإسلامية التي تتبنى مشروعا خاصا بها وبعضها تبدل مع مرور الوقت مثل النصرة وغيرها حتى وصلت لهيئة تحرير الشام.

وأشار إلى أن الهيئات المعترف بها دوليا لا تستطيع ممارسة عملها بالداخل وتمارسه بالخارج وهناك انقطاع في التنسيق بين القوى الثورية داخل سوريا والمؤسسات المعترف بها دوليا وبسبب ذلك تداعت بعض القوى في إدلب بغطاء ضمني من هيئة تحرير الشام لتشكيل جسم يدير المناطق.

ورأى عثمان أن سماح هيئة تحرير الشام لهذه القوى بتشكيل "حكومة إنقاذ" يأتي سعيا منها لتبدو بـ"مظهر الذي لا يحتكر القرار الوطني وبأنها ليست تنظيمها متطرفا".

وقال إن الاجتماع غير معترف به دوليا ولا يمثل سوى الفصائل التي شاركت فيه وسببه التشظي الحاصل في الساحة السورية والذي أعطى الحق لأي كان بتشكيل مؤسسات.

وحول إيجاد هذا الكيان في ظل ترتيبات دخول تركيا إلى إدلب قال عثمان إن أنقرة ربما تتعامل مع هذا التشكيل كأحد القوى المحلية الفاعلة في إدلب لكن بالتأكيد لن يكون تعاملا مماثلا لتعاملها مع الائتلاف الوطني السوري في ظل وجود اعتراف دولي به.

وأوضح أن تركيا "حساسة جدا تجاه الجهات والكيانات غير المعترف بها دوليا ولا ترغب في التعامل مع أي طرف خارج هذا الإطار".

وأضاف: "التعامل مع أي جهة داخل سوريا قرار دولة بالنسبة لتركيا والجهة الرسمية الآن الائتلاف ممثلا برئيسه جواد أبو حطب" وتابع "لا أظن أن تركيا ستتعامل مع حكومة الإنقاذ بشكل رسمي".

وعلى صعيد التحركات التركية للدخول إلى إدلب قال عثمان إن القوى الدولية تواصل التذرع بوجود تنظيمات إرهابية لمواصلة التدخل عسكريا مشددا على أن هذه التنظيمات أصبحت عبئا على الثورة السورية.

ولفت إلى أن تركيا تهدف لـ"تجنيب إدلب الدمار الذي وقع في حلب حين أصرت بعض التنظيمات على عدم الخروج من المدينة ما أدى لتدميرها من قبل الروس وإيران".

وشدد على أن هنالك تحذيرات منذ أكثر من عام من محرقة تحضر لإدلب من قبل الروس والإيرانيين والنظام.

ولفت إلى أن تركيا "تحاول تجنيب إدلب مخططات ايران والنظام لتدمير إدلب على غرار حلب خاصة أن أنقرة حصلت على شرعية دولية لتدخلها لضبط الامور هناك بعد التفاهم مع الروس".

وعلى صعيد الاشتباكات التي وقعت اليوم بين قوات تركية وعناصر من هيئة تحرير الشام في قرية لوسين الحدودية مع إدلب قال عثمان إن مصادر أبلغته بأنها كانت ناتجة عن "سوء فهم".


يذكر أن وفدا عسكريا تركيا دخل بالفعل اليوم إلى إدلب بمرافقة وحراسة فصائل من هيئة تحرير الشام من أجل التفاهم على تفاصيل الدخول العسكري التركي للمدينة لضبط الأمن فيها بحسب الاتفاق مع الروس.
التعليقات (0)