سياسة عربية

قانون لحكومة السيسي يجعل المواطنين "فئران تجارب" للأدوية

هل يعزز القانون الجديد الرقابة أ على التجارب م يخدم الشركات فقط؟ - تعبيرية
هل يعزز القانون الجديد الرقابة أ على التجارب م يخدم الشركات فقط؟ - تعبيرية
وافق مجلس الوزراء المصري يوم الأربعاء الماضي على مشروع قانون جديد مثير للجدل؛ يسمح بإجراء التجارب السريرية للأدوية الجديدة على المواطنين المصريين.

وأثار هذا القرار موجة من الرفض من جانب الأطباء والمتخصصين الذين حذروا من تحول المصريين إلى "فئران تجارب" لشركات الدواء العالمية، التي تسعى لتحقيق الأرباح دون الاهتمام بحياة المرضى؛ التي قد تكون مهددة بسبب الأدوية الجديدة.

نقلة في تاريخ البحوث الطبية

وقال وزير الصحة المصري أحمد عماد الدين؛ إن مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون "تنظيم البحوث الطبية السريرية" وأحاله لمجلس الدولة لمراجعته، موضحا أنه يعد بمنزلة نقلة في تاريخ البحوث الطبية بمصر.

وأضاف عماد الدين، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، أن تلك التجارب كانت تتم في مصر عبر قرارات وزارية دون أي قانون ينظمها ودون موافقة صريحة على هذا البحث، موضحا أن تلك القرارات الوزارية كانت لا تسمح بمعاقبة من يُعد بحثا بشكل غير صحيح، وفق قوله.

وذكر أن القانون الجديد يقضي بأن تكون هناك دراسة طبية قبل البحث وأن يتم البحث على أريع مراحل، مشددا على أن البحث سيجرى أولا على مرضى في بلد المنشأ التي ظهر فيه هذا الدواء، على أن تتم المرحلة الثالثة والرابعة خارج بلد المنشأ.

نقابة الأطباء غاضبة

في المقابل، أكدت نقابة الأطباء أن وزارة الصحة تجاهلتها، ولم تعرض عليها مشروع هذا القانون الخطير قبل إقراره.

وحذر رشوان شعبان، الأمين العام المساعد للنقابة، في تصريحات صحفية، من إجراء هذه التجارب بعيدا عن رقابة أجهزة الدولة، ودون اتباع الإجراءات الطبية التي تضمن الحفاظ على حياة المرضى والمتطوعين، لافتا إلى وجود العديد من الجهات التي يمكنها استغلال الفقر والجهل والمرض لتحقيق مكاسب مادية عبر تحويل المرضى المصريين لفئران تجارب، بحسب وصفه.

وأشار إلى تقرير نشرته صحيفة جيوبوليس الفرنسية مؤخرا، أكد أن مصر هي ثاني دولة إفريقية يتم استخدام المرضى فيها في تجارب العلاج لشركات الأدوية العالمية، التي تستغل عدم القدرة المالية لبعض المصريين في الحصول على العلاج.

كارثة

وتعليقا على هذه الخطوة، قالت أستاذة أمراض الكبد والجهاز الهضمي، منال السيد، إن هذا القانون يعد كارثة جديدة تضرب المنظومة الصحية في مصر التي تشهد العديد من "الكوارث المتلاحقة"، مشيرة إلى أن الشركات الدولية تستغل جهل وفقر المرضى واحتياجهم للعلاج، لتخضعهم لتجارب سريرية عبر إقناعهم بهذه الأدوية باعتبارها علاجا مجانيا، وفق قولها.

واعتبرت السيد، في حديث لـ"عربي21"، أن هذه الخطوة من جانب الحكومة المصرية "ما هي إلا تقنين لتجارة قائمة، حتى تتمكن من تحصيل ضرائب من شركات الأدوية العالمية"، وقالت إن "اللوبي المتحكم في صناعة الدواء في مصر ضغط على الحكومة حتى تمرر هذا القانون ليحقق مكاسب كبيرة".

وأكدت أن كثيرا من المرضى دفعوا حياتهم ثمنا لهذه التجارب، بعد فشل الأدوية التي يتعاطونها في علاج أمراضهم، مشيرة إلى أن هذا الأمر حدث كثيرا مع حالات مصابة بالسرطان، كما أن كثيرا من مرضى "فيروس سي" عانوا من خضوعهم لتجارب سريرية لعدة أعوام من شركات الدواء، مقابل توفير العلاج لهم.

تقنين لأوضاع قائمة

لكن الناشط الحقوقي بمركز الحق في الصحة، علي الغنام، لفت إلى وجود قانون سابق لتنظيم التجارب السريرية؛ كانت وزارة الصحة قد أعدته وعرضته على مجلس الوزراء عام 2013، لكن تم رفضه بسبب وجود مخالفات كثيرة في مواده، التي كانت تتيح لشركات الأدوية تحويل المصريين لـ"فئران تجارب"، وكان يسمح بتجريب الدواء على المريض المصري في المراحل الأولى والثانية، ما يجعل المريض أكثر عرضة للموت إذا فشلت التجربة، كما قال.

وأكد الغنام لـ"عربي21" أن القانون القديم كان يقف وراءه عدد كبير من رجال الأعمال العاملين في صناعة الدواء، الذين كانوا يسعون لتحقيق أرباح طائلة على حساب المرضى.

وحول القانون الجديد الذي وافقت عليه الحكومة، أوضح الغنام أنه "يشترط أن تتم التجارب في المرحلة الأولى والثانية في بلد المنشأ أولا، وهذا يعتبر حماية جيدة للمريض المصري، حتى لا يكون عرضة لتجربة سريرية، إلا إذا تمت مراحلها الأولى بنجاح".

وأشار إلى أن كل دول العالم تشهد تجارب دوائية على المرضى، "لكنها تتم وفق قوانين وإجراءات معينة"، مؤكدا أنه "من الجيد أن يصبح في مصر قانون ينظم هذه الأمور بدلا من تركها للفوضى والفساد"، على حد قوله.
التعليقات (0)