كتاب عربي 21

إيران ملّت من الفوز في العالم العربي!

علي باكير
1300x600
1300x600
بالرغم من العوائق والتعقيدات التي تواجهها، لا تزال إيران تزيد من رقعة نفوذها وتأثيرها في العالم العربي بثبات بشكل يبدو لكثيرين أنه غير قابل للعودة إلى الوراء. لا يعود ذلك إلى الأساطير التي يتم الترويج لها بين الفينة والأخرى عن فطنة الفارسي وذكائه أو عن برنامجه ومشروعه، فبالرغم من أنّ هذه العوامل مهمّة، إلا أنّها لا تكفل الوصول إلى الهدف دوماً. 

السبب الرئيسي في التقدم المتواصل للنظام الإيراني في العالم العربي كان ولا يزال يتمثّل في عدم كفاءة الدول العربية. هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ليشكك في حقيقة وجود دول عربية ليس كحدود على الجغرافيا وإنما كمؤسسات وبيروقراطية ونخب سياسية واقتصادية وعسكرية وكفاءات وشعوب مؤمنة بهذه الدولة. كل ما هو موجود يتوزّع بين القبلية والطائفية والمحسوبية وعصابات العسكر التي لم تربح حربا واحدة في تاريخها.

أمّا والحال هذه، فكيف من الممكن لهذه الدول أن تنتصر في معركة ضد إيران؟! لو كنت مكان الساسة الإيرانيين لشعرت ربما بشيء من الملل إزاء التقدم المستمر والدائم لي في العالم العربي دون أن أجد من يوقفني عند حدّي لاسيما في العقدين الأخيرين. في كثير من الأحيان لا تضطر إيران حتى إلى فعل أي شيء، تأتيها المكاسب على طبق من ذهب دون بذل أدنى جهد على الإطلاق.

الأزمة الخليجية المفتعلة مؤخراً خير دليل على هذا الكلام، ولعل إيران استطاعت أن تحصد من المكاسب خلال شهر واحد من الأزمة ما يلزمها حوالي عقد من الزمان لتحقيقه. قد يشير البعض في المقابلإلى أنّ مثل هذه المكاسب ربما تكون مؤقّتة، لكن مثل هذا الافتراض لا يحمل معه أدلّة منطقيّة. الأوضاع العربية إلى الأسوأ، لا بل إنّ هناك من يعتقد بأنّ إيران ستصبح لاعبا قويا أساسيا في العالم العربي وليس فقط مؤثّراً.

بعض الدول عوّلت وتعوّل على إدارة ترامب لكبح جماح التمدد الإيراني في المنطقة. حتى الأن قدّمت إدارة ترامب الكثير من الكلام والقليل من الأفعال في مجال الحد من النفوذ الايراني. فضلا عن ذلك، وبالرغم من كل ما يقال عن وجود استراتيجية أمريكية لمواجهة إيران إلا أنّ هذا الأمر غير موجود.

الإدارة نفسها منقسمة في الآراء والتوجهات والسياسيات، وما يوافق عليه تيليرسون يخالفه به ترامب، وما يوافق عليه ترامب يخالفه به البنتاغون وهكذا. حتى لو افترضنا أنّ هذه الإدارة استطاعت خلال فترة وجيزة تجاوز خلافاتها ووضعت استراتيجية للتعامل مع إيران، كيف من الممكن لها مواجهة إيران في ظل تشرذم الحلفاء المفترضين فضلا عن مقاتلة بعضهم البعض الآخر؟

مواجهة إيران والحد من نفوذها لا يزال الموضوع الرئيسي في المنطقة منذ عقود، لكننا لا نرى في المقابل إلا مزيدا من التقدم الإيراني ومزيدا من النفوذ لنظام الولي الفقيه. باستطاعة واشنطن أن تغيّر فريقها إذا ما شعرت أنّ مصالحها المستقبلية هي في واقع الحال مع إيران وليست مع مجموعة من الطوائف أو القبائل أو العصابات العسكرية، وقد سبق لأوباما أن فعل ذلك ليزيد فقط من خسائر الحلفاء العرب. 

كم من الممكن لهذا الوضع المزري أن يدوم؟ لا أحد يعلم بالضبط لكن الآمال بتغيّره تتضاءل لدى شريحة واسعة من الناس في العالم العربي.
0
التعليقات (0)