هل تريد السيدة وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، أن تفوز بلقب أكثر امرأة مثيرة للجدل في الجزائر؛ لذلك تراها تفتعل الأزمات هنا وهناك؛ لتكون دائما حاضرة في الصحف والقنوات ووسائط التواصل الاجتماعي؟ وهل يمكن إدراج قضية البسملة في هذا المسعى؛ لأن حذفها من الكتب لا تفسير له إلا إثارة الرأي العام، وتقديم مادة حيوية للجدل الإعلامي والسياسي؟
لم يكن أغلب الجزائريين يعلمون أن كل الكتب المدرسية تبدأ بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"، إلى جاءت بن غبريط وأمرت بحذفها من كتب الجيل الثاني من "الإصلاحات" المزعومة، لتتحول في ظرف بسيط إلى قضية الجميع، بشكل أعاد لهذه العبارة أهميتها لدى المواطن الجزائري وبات الجميع يطالب بإعادتها إلى الكتب المدرسية!
فهل كان هدف الوزيرة هو إعادة الاعتبار للبسملة التي نسيها الناس؟ أم الهدف هو توجيه الرأي العام والتشويش عليه؛ كي لا يعطي اهتماما كبيرا لقضايا أخرى أهم بكثير تتعلق بمضمون الكتب وشروط التمدرس ونوعية المدرِّسين وغيرها من القضايا الأهم من عبارة تكتب في بداية الكتاب لم تكن تثِر اهتمام أحد حتى، ولو كانت البسملة.
ولماذا هذا التسرع أصلا في إعادة تأليف الكتب المدرسية والتّسرع في توزيعها على التّلاميذ دون إعطاء الوقت الكافي لمراجعتها وتصحيح الأخطاء الواردة فيها وتوفيرها بالشكل الكافي حتى لا يؤثر نقصها على الدخول المدرسي؟ وإلى متى تستمر سياسة الترقيع والارتجالية لدرجة أن التلميذ يدرس مواد بكتب الجيل الأول ومواد أخرى بكتب الجيل الثاني؟
كوارث كثيرة ومتعددة تُضاف إلى فضائح سابقة في قطاع التربية بدأت بمحاولة اعتماد اللهجات العامية في التّدريس، إلى فضيحة استقدام الخبراء الفرنسيين، إلى فضائح محاولات تخفيض معامل التربية الإسلامية وساعات تدريسها وإلغائها من بكالوريا الشعب العلمية وكذا العتبة وتاريخ إجراء البكالوريا وتنظيم الدورة الاستثنائية وتسرّب أسئلة البكالوريا وغيرها من الكوارث التي لا تعد ولا تحصى، كلها جعلت من الوزيرة نورية بن غبريط رمعون المرأة الأكثر جدلا في الجزائر، لدرجة أن الجميع يتساءل: ما الحصانة التي تتمتع بها هذا المرأة حتى تصمد أمام كل هذه الهزّات في قطاعها؟ وهل لذلك علاقة بأفكارها الإيديولوجية المنشورة في دراسات سابقة لها؟ ومن يقف وراء إلغاء المحتوى الديني في الكتب المدرسية؟
وقبل كل ذلك: ما المقاربة التي ينطلق منها هؤلاء الذين يغمزون هنا وهناك بأن المدرسة تصنع الإرهابيين؟ وكيف يجيب هؤلاء على الحقيقة القائلة بأن الدول التي تعدّ مهد العلمانية هي من أنتجت أكبر عدد من الإرهابيين، وعلى هؤلاء أن يدرسوا التّركيبة البشرية لتنظيم داعش، ويجيبوننا عن السؤال: كم عدد الدواعش القادمين من الجزائر؟ وكم يقابلهم من الدواعش القادمين من بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وتونس؟