مقالات مختارة

السيناريوهات المحتملة للتصعيد بين المؤتمر والحوثيين في اليمن

محمد مصطفى العمراني
1300x600
1300x600
يكاد حديث الساعة هذه الأيام في صنعاء يتمحور حول عواقب ومآلات هذا التصعيد الخطير بين حليفي الضرورة حزب المؤتمر وجماعة الحوثي ونتائجه على واقع اليمن، وهل سيكون هذا الحشد الذي يحشد له المؤتمر منذ شهرين مجرد فعالية عابرة، أم سيؤسس لتحول حقيقي في واقع اليمن، تساؤلات كثيرة وتوقعات أكثر، ولا أحد يستطيع الجزم بما سيحدث حتى الآن.

 بدأ القلق والتوجس لدى الحوثيين من فعالية حزب المؤتمر في صنعاء منذ أسابيع، حيث رأوا في هذه الفعالية طعنة في الظهر وانقلابا على الاتفاقات السابقة مع المؤتمر وتخلي عن قتال ما يصفونه بـ «العدوان» في الجبهات وصلتهم معلومات عن صفقة قد تم ترتيبها بين دولة الإمارات والرئيس السابق صالح وستكون على حساب نفوذهم في العاصمة والمحافظات التي يسيطرون عليها. ما استدعى زعيم الحوثيين عبد الملك بدر الدين الحوثي صحفيا من المحسوبين على جماعته والمقربين من قيادتها وهو الصحفي محمد عائش الذي قام بزيارة زعيم الحوثيين في صعدة، وأجرى معه حديثا كتب عنه أوصل من خلاله رسالة الحوثي للمؤتمر وقلقه من الفعالية التي يحشدون لها، وأن تحت قيادته 140 ألف جندي ومسلح، وأنه لن يتسامح مع المتعاونين مع « العدوان « وغيرها من رسائل التهديد والوعيد. بعدها دعا القيادي البارز في جماعة الحوثي ورئيس ما تسمى بـ «اللجنة الثورية» محمد علي الحوثي أنصار الجماعة إلى الخروج إلى مداخل العاصمة صنعاء، وذلك بالتزامن مع قدوم الحشود المؤتمرية من المحافظات، وهو ما رأى فيه المؤتمر عرقلة للحشود القادمة من أعضاء الحزب وأنصاره من المحافظات.

منذ السبت الماضي بدأت وسائل إعلام كل طرف تصعد ضد الآخر بشكل كبير ولم يكتف الطرفان بالتصعيد الإعلامي عبر وسائل الإعلام، حيث جمع زعيم الحوثيين ما أسماهم «حكماء وعقلاء اليمن» وألقى فيهم ـ عبر شاشات التلفزة ــ خطابا هاجم فيه الرئيس السابق صالح وحزب المؤتمر، وأكد أن جماعته تتعرض لطعنات في الظهر وابتزاز سياسي من شركائها، وانها لن تقبل هذا الابتزاز، وهدد بالقتال حتى آخر رأس، وفي اليوم التالي ألقى الرئيس السابق خطابا أكد فيه أن فعالية المؤتمر هي سلمية، ودعا لإزالة التوتر وهاجم الحوثيين ووصفهم بالمليشيا، وأنهم يعرقلون عمل الحكومة، وأنهم دولة داخل الدولة واتهمهم بنهب موارد المالية، ثم تبعه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا، وقال ما لم يقله صالح في نفس الفعالية التحضيرية للفعالية القادمة، حيث هاجم الحوثيين واتهمهم بنهب 4 مليار دولار من البنك المركزي وكيف عرقلوا مساعي المؤتمر، وحولوا إمكانيات الدولة لمصلحتهم وأقصوا المؤتمر وتحدث الزوكا بحرقة ومصالحة ونشر غسيل الحوثيين. 

ولم يمض سوى ساعات حتى نشر الناطق باسم الحوثيين ردا مطولا على حديث صالح، واتهمه بالفساد الفاحش، وأنه قد اتخذ قرارا وخيارا ضد الشراكة وتلكأ عن مواجهة «العدوان» وغيرها من الاتهامات، ومثلما تتواصل الاتهامات والتصعيد الإعلامي ويتواصل الحشد المؤتمري لفعالية 24 أغسطس يتواصل كذلك الاحتكاك والتوتر على الأرض، حيث وصل الأمر إلى سقوط قتلى وجرحى بعد تمزيق الحوثيين لصور صالح وشعارات المؤتمر ونصبهم نقاط تفتيش جديدة في مداخل بعض المدن، وتجمهرهم في مداخل العاصمة وتعيينهم للقيادي البارز في الجماعة عبد الله الحاكم رئيسا للاستخبارات في وزارة الدفاع بصنعاء، وعقد لقاءات مع مشايخ وقيادات عسكرية والسؤال الذي يطرح إلى أين ستصل الأمور؟ 

من وجهة نظري وما أستطيع قراءاته من خلال الأحداث أن هناك عدة سيناريوهات سيفضي إليها هذا التصعيد وهي: 

ــ أن يكون هذا التصعيد متفقا عليه بين المؤتمر وجماعة الحوثي، ولن يخرج عن السيطرة رغم أن الخلاف حقيقي، وأن أي تجاوزات وخلافات وخروقات سيتم احتواؤها بحيث لن يصل الأمر إلى اشتباكات مسلحة وبشكل حقيقي، لأن حدوث أمر كهذا معناه الانتحار لكليهما بغض النظر عن النهاية التي سيفضي إليها هذا الصراع لو حدث ـ لا قدر الله ــ وأن غاية هذا التصعيد كشف مواقف القوى الدولية والإقليمية، مما يحدث ورصد لردود الأفعال وقياس لشعبية الطرفين في الشارع، رغم أن المؤتمر ورئيسه السابق صالح لهم الشعبية الأكبر في كل الظروف والأحوال، وهناك أيضا لهذا التصعيد مآرب أخرى ستتبدى لنا لاحقا وأن الفعالية ستقام الخميس القادم وستمر بسلام، وبعدها سيتغنى الناس بحكمة الطرفين وعقلانية « الزعيم صالح « وحصافة « السيد عبد الملك الحوثي « وهذا ما يذهب إليه الكثير من المحللين.

 ــ أن يكون المؤتمر برئاسة الرئيس السابق صالح قد تفاهم فعلا مع دولة الإمارات سواء كان هذا التفاهم بإيعاز أو برضى من السعودية للقيام بحركة تطهير واسعة للمؤسسات العسكرية والمدنية في العاصمة صنعاء من الحوثيين، بحيث يقود انقلابا شاملا ضد الحوثيين ويحجمهم ويعيدهم إلى حجمهم الحقيقي بعد أن طفح من مخالفاتهم وضاق بممارساتهم ذرعا وأنه الرئيس السابق صالح اقتنع أن هذا العمل لو تم فعلا سيظهره كبطل شعبي انقذ اليمن من خطر الحوثيين، وبعدها يعلن استعداده للتفاوض مع التحالف. ويعزز هذا الطرح تلك الحملة الإعلامية التي يشنها الإعلام الموالي لصالح ضد الحوثيين، خاصة بعد أن انهارت شعبيتهم في الشارع اليمني، رغم أنهم يمتلكون أيضا وسائل قوة ولديهم أسلحة كثيرة وكثير من الألوية والوحدات العسكرية تخضع لهم بحكم الأمر الواقع لكن هل سيستمر هذا الخضوع لو حدثت المواجهة مع المؤتمر؟ هذا ما ستثبته أو تنفيه الأحداث على الأرض فيما لو حدث ما يتوقعه البعض ممن يذهبون إلى هذا السيناريو، رغم فداحته على المدنيين في المقام الأول حيث تضم صنعاء حوالي 3 مليون نسمة.

3ــ السيناريو الثالث هو أن تحدث بعض المشاكل والاشتباكات المحدودة بين الجانبين مع إقامة حزب المؤتمر لفعاليته الخميس القادم في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، خصوصا في مداخل العاصمة، وأن يتدخل العقلاء والحكماء من الطرفين، ويقوموا باحتواء هذه المشاكل وإطفاء الحرائق، ويعملوا على بلورة اتفاقات وشراكة جديدة بين المؤتمر والحوثيين، ولكن على أسس جديدة، ويقدم الطرفان تنازلات لبعضهما، فلا الفعالية المؤتمرية ستكون مرت بسلام، ولا الأمور وصلت لحد المواجهات الشاملة والاشتباكات العنيفة التي تفضي لإقصاء وهزيمة طرف منهم، خصوصا أن كل طرف يعرف جيدا حجم الآخر وإمكاناته، وأن هذا الاحتراب والصراع المسلح لو حدث فعلا ليس في مصلحتهما، بل هو في مصلحة قوات التحالف العربي والجيش الوطني والمقاومة، والذين يتربصون بهم الدوائر، حيث ترقب قوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة والتحالف الموقف في صنعاء عن كثب، وتتحفز في كثير من الجبهات، ولا نستبعد لو حدث هذا الصراع فعلا، واستمر وتواصل، وسحب الطرفان أغلب قواتهما من الجبهات أن يصل الجيش الوطني وقوات التحالف للعاصمة صنعاء في فترة وجيزة، وهذا أمر مستبعد عند كثيرين، لكن تظل كل الاحتمالات واردة، وكل كل شيء جائز.

سنتابع الأحداث على الأرض، ونرى إلى أين تصل الأمور..

أليس الخميس القادم بقريب؟!

السبيل الأردنية
0
التعليقات (0)