طالبت منظمة هيومن
رايتس ووتش، اللجنة العليا للإفتاء التابعة للحكومة المؤقتة، شرق
ليبيا، بإلغاء الفتوى الشرعية "التمييزية" التي تتهم أتباع الإباضية من الأمازيغ في ليبيا بالانحراف والالتزام بعقائد "كفرية".
وكانت اللجنة العليا للإفتاء التابعة للهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، السلطة الدينية للحكومة المؤقتة، قد أصدرت في يوليو الحالي فتوى دينية بشأن مدى ملاءمة إمامة الصلاة من قبل شخص إباضي في مسجد بجبل نفوسة غرب ليبيا، وقالت اللجنة في الفتوى إن هذه الطائفة الأقلية في الإسلام "فرقة منحرفة وضالة، وهم من الباطنية الخوارج وعندهم عقائد كفرية... ولا كرامة"، ويصف تعبير "الخوارج" المسلمين الذين تمردوا على الخلافة في العصور الأولى للإسلام.
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في رايتس ووتش، إريك غولدستين: إنه على السلطات الدينية في ليبيا أن تتوقف عن استرضاء المتطرفين من خلال انتقادهم الشديد للأقليات بلغة عدائية، وعلى الحكومة المؤقتة رفض هذه الفتوى الخطيرة والتأكيد أن جميع الأديان والطوائف تستحق التسامح والحماية المتساوية.
اقرأ ايضا: استنكار واسع بليبيا لتكفير "أوقاف" حفتر للطائفة الإباضية
وذكر بيان المنظمة، أن عدد المسلمين الإباضيين في ليبيا يتراوح بين 300 إلى 400 ألف تقريبا، وفقا لـ"المؤتمر الليبي للأمازيغية"، وهي منظمة مناصرة لحقوق المجتمع الأمازيغي، ويعتنق الأمازيغ الإباضية في جبل نفوسة وطرابلس وزوارة الساحلية الغربية، ويشكل الأمازيغ نحو 5 إلى 10 بالمئة من السكان الليبيين، يوجد في تونس والجزائر المجاورتين أيضا مسلمون إباضيون.
وقد أدان "المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا"، وهو هيئة تمثل بعض الطوائف الأمازيغية في ليبيا، هذه الفتوى في 10 تموز/ يوليو الجاري، كما فعل "المؤتمر الليبي للأمازيغية"، ووقع أكثر من 200 كاتب وأكاديمي وناشط وسياسي وصحفيين في ليبيا بيانا ردا على الفتوى في يوم 18 من هذا الشهر، عبروا فيه عن "رفضهم المطلق لسلوك الخطاب الديني التصنيفي، الذي يشق صفّ الليبيين ويجتهد في بث خطاب الكراهية"، على حد قولهم.
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش"، أن الهجمات ضد الأقليات الدينية في ليبيا تمرّ دون عقاب منذ نهاية ثورة 17 شباط/ فبراير عام 2011 ضد معمر القذافي، وقد هاجمت جماعات مسلحة ذات أيديولوجيات متطرفة عام 2012 مواقع دينية في جميع أنحاء البلاد، بما فيها في طرابلس وزليتن ومصراتة، ما أدى إلى تدمير عديد من المساجد ومقابر زعماء وعلماء دين صوفيين.
وفشلت السلطات حينها في وقف الهجمات ولم تقم باعتقالات، وقد قتلت جماعة مسلحة أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة 21 شخصا معظمهم مسيحيون أقباط من مصر بسبب دينهم عام 2015، بالقرب من بلدة سرت الساحلية الوسطى، بحسب ما ذكرت المنظمة في بيانها.
ونوهت المنظمة إلى أن ليبيا عمّت فيها النزاعات المسلحة وانعدم الأمن منذ مايو 2014، ما تسببت في انهيار السلطة المركزية وظهور ثلاث حكومات متنافسة، بما فيها الحكومة المؤقتة التي يرأسها عبد الله الثني، ومقرها شرق البلاد، إضافة إلى انقسام المؤسسات الرئيسية، ولا سيما مؤسسة الشرطة والجهاز القضائي، التي هي إما معطلة أو غير قادرة على ممارسة سلطاتها.
وذكرت منظمة رايتس ووتش، إنه نظرا لانعدام الأمن على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد وانعدام السلطة المركزية، هناك خطر حقيقي في اضطهاد ومهاجمة الإباضيين، الذين يمكن بسهولة تحديدهم ومهاجمتهم، بغض النظر عن مكان وجودهم، مضيفة أن هذه الفتوى العدائية الصادرة عن السلطة الدينية شرق ليبيا، جاءت ردا على طلب من شخص في جبل نفوسة غرب البلاد، سأل عن مدى ملاءمة الصلاة وراء إمام إباضي.
واستنكرت شخصيات وأحزاب سياسية الفتوى من بينها دار الإفتاء العاصمة طرابلس، التي أكدت أن هذا النوع من الخطاب يتسبب بإشعال فتنة مذهبية في البلاد، مما يهدد أمن ليبيا.