نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ نقلت فيه شهادات لضحايا الحرب في
حلب، أغلبهم من مبتوري الأعضاء.
وتقول الصحيفة إن خطر القنابل الكامنة تحت الأنقاض لا يزال يهدد سلامة باقي السكان وحياتهم؛ في هذه المنطقة التي أزمتها الحرب السورية متعددة الأقطاب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مركز إعادة التأهيل البدني الذي أنشأته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غرب حلب، قبل سنتين، يعتبر الأمل الوحيد لضحايا الحرب الذين أصيبوا بأعضائهم أو بترها. ومنذ سنة 2015، عالج هذا المركز حوالي 1500 ضحية طالتها تبعات الحرب في
سوريا.
ونقلت الصحيفة قصة زينب البالغة من العمر ثماني سنوات، والتي قُطعت ساقها اليمنى منذ سنتين بسبب تفجير استهدف المناطق المحيطة بحلب. وكانت هذه الفتاة الصغيرة من أوائل الأشخاص الذين خضعوا لعملية تركيب أطراف صناعية؛ وأعادت الأمل إلى حياتها وسمحت لها بالمشي مرة ثانية.
وفي هذا الصدد، قالت الفتاة: "أشعر بأنني في صحة جيدة، لقد تمكنت من العودة إلى المدرسة واللعب مع أصدقائي من جديد".
وفي قاعات أخرى داخل مركز التأهيل، يتم تدريب العديد من الضحايا الذين أصيبوا بتشوهات جراء الحرب على المشي بمساعدة الأطراف الصناعية. وقد بدا على هؤلاء المرضى الخوف خلال تعلمهم لخطواتهم الأولى. ومن بين هؤلاء المصابين، طارق، وهو ضحية انفجار أحد الألغام الذي أدى إلى قطع ساقه اليسرى.
وأوردت الصحيفة عن إياد شيحان، وهو معالج شاب يعنى بتدريب الناجين والإشراف على مراقبة عمل الأطراف الصناعية، أنه "يوميا، يأتي للمركز حوالي 15 شخصا. وغالبا ما يكون المرضى الذين يخضعون للعلاج، من الذين بُترت إحدى أطرافهم. وبشكل عام، يتراوح سن المرضى الذين يخضعون للعلاج في المركز بين سنتين و75 سنة".
وأضاف شيحان: "في بداية الأمر، يصعب علينا التعامل مع هؤلاء الضحايا الذين تعرضوا لتشوهات كبيرة، لكننا تعودنا في نهاية المطاف على هذه المشاهد".
وبينت الصحيفة أن تبادل إطلاق النار أحدث حالة من الفوضى في صفوف المدنيين، وأدى إلى تنامي عدد الأشخاص الذين قطعت أطرافهم. وفي هذا السياق، قال الطبيب الكيني إدوارد أفولا، إن "التحدي الذي يواجهه الأطباء في الوقت الراهن، يتمثل أساسا في تصنيع جميع الأطراف الاصطناعية هنا في سوريا".
وتجدر الإشارة إلى أن المركز قد تلقى العديد من الأطراف المصنعة والأجهزة التقويمية من ألمانيا.
وفي الحديث عن آثار المتفجرات المتوارية بين الأنقاض، نقلت الصحيفة عن أفولا، الذي كانت له تجربة في اليمن وباكستان، أن "هناك فريقا داخل المركز يعتزم تنظيم ورشات عمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي وخدمة الجميع دون تمييز، نظرا لأننا نملك التكنولوجيا اللازمة". وقال: "عمليات تركيب الأعضاء وغيرها من عمليات علاج ضحايا الحرب الذين تعرضوا لتشوهات عميقة، من شأنها أن تساعد على إنقاذ حياة الكثيرين وتؤكد لهم أن هناك أملا في البقاء على قيد الحياة".
ولفتت الصحيفة إلى أن سيطرة قوات النظام على الأحياء الشرقية في حلب، وتراجع وتيرة المعارك نوعا ما، لم يوقف معاناة المدنيين، بل يسقط المزيد من الضحايا.
ويقول ممثل منظمة اليونسيف في حلب، رادوسلافرزهاك، إنه "في شهر آذار/ مارس، تسببت عبوة ناسفة كامنة تحت الأنقاض في مقتل حوالي 20 طفلا. ويعزى حدوث مثل هذه الوقائع إلى التطهير السريع للأحياء بعد استعادتها من قبل القوات الحكومية التي خلفت وراءها الكثير من الألغام المخبأة" في الأحياء الشرقية.
وذكرت الصحيفة أنه وإثر هذه الأحداث، تزايد عدد اللافتات التي تحذر من خطر الألغام والعبوات الكامنة بالقرب من الجبال. وفي هذا الإطار، بين الطبيب إدوارد أفولا أنه "وبالإضافة إلى وضع اللافتات، التي كانت مكلفة نوعا ما في ظل هذه الحرب، عمل فريقي على إرسال فرقة خاصة تجوب الأحياء لتشرح للمدنيين كيفية حماية أنفسهم في مواجهة مثل هذه المخاطر. كما عملت هذه المجموعة على توعية الأطفال".
وأشارت الصحيفة إلى جهود مركز التأهيل الرامية إلى زيادة عدد المراكز التي تعنى بخدمة المصابين بتشوهات جراء الحرب في سوريا، وذلك بغية التخفيف من وتيرة الحالات التي أثقلت كاهل هذا المركز الوحيد من نوعه في كامل أنحاء سوريا. من جانبه، أوضح إدوارد أفولا أن الأطباء المحليين يخضعون إلى تدريبات ليتم دمجهم في المستشفيات الحلبية أو حتى يتمكنوا من فتح مراكز خاصة بهم.