أجمع حقوقيون مغاربة أن محاكمة ما بات يعرف بـ"شباب الفيسبوك" بتهمة "الإشادة بالإرهاب" على خلفية مقتل السفير الروسي في أنقرة هو "انتقام سياسي" الغرض منه "تصفية حسابات سياسية مع الحزب الذي ينتمي إليه الشباب والحد من حرية التعبير بالبلاد".
واعتبرت منسقة "اللجنة الوطنية لمساندة شباب الفيسبوك المعتقلين"، لطيفة البوحسيني، أن متابعة شباب الفيسبوك بمقتضى قانون الإرهاب "تكشف عن توجه واضح يستهدف الحد من حرية التعبير بالمغرب وتقييد حرية الرأي السياسي باستغلال الصيغ العامة والفضفاضة لبعض مواد هذا القانون بعيدا عن روحه ومسعاه".
ولفتت الناشطة اليسارية في مؤتمر صحفي نظمته اللجنة الوطنية، الخميس بالعاصمة المغربية الرباط، إلى أن متابعة الشباب بتهمة الإشادة بالإرهاب عوض قانون الصحافة والنشر هو "تعسف وتكييف مبالغ فيه في تأويل الآراء التي يعبر عنها المواطنون المغاربة وتحميلها أكثر مما تحتمل".
وكشفت الناشطة الحقوقية عن أن هذه المتابعات دليل على “توجه الدولة لتقييد حرية الرأي والتعبير السياسي بتوظيف القضاء في هذه المهمة"، وحذرت من "خطورة مثل هذه التأويلات والتكييفات على حرية التعبير بالمغرب والتضييق عليها".
وأكدت أن هذه المحاكمة "تصفية حسابات سياسية مع الجهة السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب" (في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية).
من جانبه قال محامي الشباب المعتقلين، محمد أمكراز، إن "الاعتقال استهدف أول الأمر مجموعة من الشباب المحسوبين على تيار سياسي معين، وهم ناشطون فيسبوكيون بارزون".
وأكد أمكراز أن متابعة هؤلاء الشباب بقانون الإرهاب "لا يتناسب مع الوقائع التي تنبي عليها المحكمة المتابعة"، لافتا إلى أن "قصد الإشادة بالإرهاب لم يكن واردا في تدوينات الشباب المعتقلين".
واعتبر محامي المعتقلين أن تكييف الوقائع في متابعة هؤلاء الشباب خلفياته “تحكمية وتعسفية وخارج القانون".
وأوضح أن "الفرق بين حرية التعبير وجريمة الإشادة بالإرهاب هو القصد الجنائي، وهو منتف في هذه الحالة".
وطالب ببراءة الشباب المعتقلين، أو على الأقل متابعتهم وفق قاعدة "القانون الأصلح للمتهم" المتعارف عليها قانونيا، وهي في هذه الحالة متابعة هؤلاء الشباب وفق قانون الصحافة والنشر وليس قانون الإرهاب.
واعتبر أن محاكمتهم بتهمة الإشادة والتحريض على الإرهاب "لا تستند على أساس قانوني سليم".
اقرأ أيضا: أسر "معتقلي فيسبوك" المغاربة ينتقدون الرميد ويستنجدون بالملك
بدوره أكد رئيس فرع المغرب للتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات، محمد الزهاري، أن متابعة "شباب فيسبوك" بقانون الإرهاب "تصفية حسابات وتوظيف القضاء لإسكات الأصوات المعارضة".
وكشف الزهاري عن وجود نية سيئة في اعتقال الشباب ومتابعتهم وتأكد ذلك "من خلال الكثير من الوقائع المثارة في ملف المتابعين"، على حد تعبيره.
وقال إن الأصل في قضية هؤلاء الشباب هي البراءة، لأن ما كتبوه ليس له علاقة بالإشادة والتحريض على الإرهاب "لكن احتياطا نطالب بمتابعتهم بقانون الصحافة والنشر لأنه الأصلح، ولا يقر العقوبات الحبسية".
وأضاف أن هناك عددا لا يستهان به من النشطاء المغاربة عبروا وكتبوا التدوينات والتعابير نفسها التي كتبها الشباب المعتقلون لكن لم يتم اعتقالهم أو محاكمتهم، معتبرا هذا الأمر دليل على "الطابع الانتقائي والانتقامي لهذه المحاكمة".
وخاض "شباب فيسبوك" إضرابا عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقالهم لأزيد من ستة أشهر قبل أن يعلقوه استجابة لمناشدة أمين عام حزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، أثناء استقباله وفدا من عائلات المعتقلين أيار/ مايو الماضي.
يذكر أنه في 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، اعتقلت السلطات المغربية عددا من الشباب المغربي بينهم 8 من أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، بسبب تدوينات على موقع "فيسبوك"، على خلفية مقتل السفير الروسي في أنقرة، اعتبرتها وزارتا العدل والداخلية في بلاغ مشترك"إشادة بالإرهاب"، ويتابع هؤلاء الشباب بتهمة "الإشادة والتحريض على الإرهاب"، وينتظر أن يتم النطق بالحكم في هذا الملف في 13 من يوليو/تموز المقبل.