حقوق وحريات

مهاجرو غزة.. فصول من المعاناة في "بلاد الأحلام"

أحد المهاجرين: أشعر بالندم الشديد لتركي بيتي وأسرتي في غزة- ا ف ب
أحد المهاجرين: أشعر بالندم الشديد لتركي بيتي وأسرتي في غزة- ا ف ب
يعيش مئات المهاجرين الفلسطينيين في اليونان، ظروفا إنسانية صعبة للغاية، بعد خوضهم مغامرة الهجرة "الخطرة" التي تبدأ فصولها بعد مغادرتهم قطاع غزة الذي يرزح تحت الحصار الإسرائيلي للعام الحادي عشر على التوالي.

أبو محمد، مهاجر غزي، من سكان مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وصل إلى اليونان قبل نحو سبعة أشهر، بعد خوضه رحلة الهجرة التي وصفها بـ"طريق الحياة أو الموت"، واستغرقت معه نحو 60 يوما؛ قضاها ما بين مصر وتركيا، حتى حطت به الرحال في أثينا.

غادر أبو محمد (38 عاما) غزة عبر معبر رفح البري، وترك خلفه ستة أطفال وزوجة، بعدما ضاق به الحال وتراكمت عليه الديون، وهو الذي يتقاضى "راتب جريح" قيمته الشهرية نحو 1600 شيكل (450 دولارا)؛ يسدد منها 1450 شيكلا شهريا بدل قروض بنكية وديون، ولا يتبقى له ولأسرته سوى 150 شيكلا.

وقال أبو محمد الذي اكتفى بذكر كنيته لـ"عربي21" إن مئات اللاجئين الفلسطينيين في اليونان "لا يحصلون على أدنى حقوقهم الإنسانية، ويعيشون ظروفا نفسية ومادية صعبة للغاية"، لافتا إلى أن "الشبان الفلسطينيين اللاجئين نفدت أموالهم، وأصبحوا يعتمدون على المساعدات التي تقدمها بعض الجمعيات الخيرية العربية، ويذهبون في شهر رمضان لتناول طعام الإفطار في المسجد".

ويصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في اليونان إلى 700 لاجئ، بحسب شاهين الذي أكد أن "السفارة الفلسطينية لم تقدم لهم أي خدمة أو مساعدة، بل إنها تتعامل معهم بطريقة غير لائقة" على حد قوله.

وأعرب أبو محمد عن ندمه على الهجرة من القطاع، قائلا: "أشعر بالندم الشديد لتركي بيتي وأسرتي في غزة"، موضحا أنه يعيش "حالة من الرعب" خشية أن يتم احتجازه من قبل السلطات اليونانية.

حصار غزة

من جانبها؛ قالت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مها الحسيني، إن 11 عاما من حصار قطاع غزة؛ تسببت بإغلاق معظم سبل الحياة، ما يدفع كثيرين إلى الهجرة.

وأضافت لـ"عربي21" أن "المهنتين الأساسيتين اللتين يعتمد عليهما سكان القطاع بشكل كبير، وهما الصيد والزراعة، باتتا الآن غير مجديتين بسبب ملاحقة الاحتلال"، مؤكدة أن "هذا الوضع الإنساني الصعب؛ تسبب بوجود مشكلة حقيقية، تمثلت في ارتفاع كبير في نسبة الراغبين بالسفر والهجرة من القطاع طلبا لحياة كريمة".

وأوضحت أنه "مع غياب الأفق السياسي والإنساني لنحو مليوني إنسان في القطاع، وفي ظل إغلاق شبه تام للمعابر؛ فإن تقديراتنا تشير إلى أن هناك ثلاثة آلاف مواطن غزي يحاولون الخروج سنويا بشكل غير معلن -هجرة شرعية وغير شرعية- إلى البلدان المجاورة وأوروبا، عبر السفر من خلال المعابر، أو بطرق أخرى (عبر الأنفاق بين مصر والقطاع)، إضافة إلى أربعة آلاف مواطن فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة".

وأكدت الحسيني "وجود جماعات منظمة لتهريب الشباب في مصر، تحاول استغلال الأزمة الإنسانية، وتقوم بالاتصال بشباب القطاع من أجل حثهم على اللجوء، وتهريبهم عبر البحر بطريقة غير شرعية، مقابل دفع مبالغ مالية تصل أحيانا إلى ثلاثة آلاف دولار للفرد الواحد".

ظروف كارثية

وأشارت الحسيني إلى أن هذه الأزمة الكبيرة، "تحتاج إلى قيام الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بتنظيم حملات توعوية للذين يعتقدون أن الحياة في أوروبا وردية، ويجهلون الصعوبات الكبيرة التي تنتظر المهاجرين في مخيمات اللجوء بأوروبا".

وقالت إن السلطات الأوروبية "تتعامل مع اللاجئين كملف أمني، وهو ما يتطلب اعتقالهم والتحقيق معهم، واحتجازهم لأسابيع، ويجبرونهم على العيش في ظروف إنسانية صعبة للغاية"، مؤكدة أنه تم "رصد ظروف كارثية للاجئين الفلسطينيين الذين تمكنوا من الوصول إلى بعض الدول الأوروبية".

ولفتت إلى أن "كثيرا من الشبان المهاجرين من القطاع، حينما يواجهون هذا الواقع الكارثي، ويرون المعاملة غير الإنسانية؛ يبدون رغبتهم في العودة إلى بيوتهم في القطاع والأراضي الفلسطينية بشكل عام".
التعليقات (0)