صحافة دولية

الكشف عن ضوابط "فيسبوك" حول الجنس والإرهاب والعنف

الغارديان: يعاني "فيسبوك" من ضغوط سياسية كبيرة في أوروبا وأمريكا- أ ف ب
الغارديان: يعاني "فيسبوك" من ضغوط سياسية كبيرة في أوروبا وأمريكا- أ ف ب
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لرئيس قسم التحقيقات في الصحيفة نيك هوبكينز، كشف فيه لأول مرة عن الضوابط التي يستخدمها موقع "فيسبوك" في نشر مواد المشتركين، الذين بلغ عددهم ملياري مستخدم، حيث قال إن ما تم كشفه في التحقيق سيشعل حوارا حول دور عملاق الإعلام الاجتماعي وأخلاقياته.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الصحيفة شاهدت أكثر من مئة دليل تدريب وجداول وتعليمات، تعطي فكرة غير مسبوقة عن القواعد التي استخدمها موقع "فيسبوك"؛ لتحديد المواد التي تنشر عليه، خاصة فيما يتعلق بالعنف وبث الكراهية والإرهاب والمواد الجنسية والعنصرية وإيذاء النفس، لافتا إلى أن هناك تعليمات حتى في موضوع ترتيب نتائج المباريات وأكل لحوم البشر.

ويبين هوبكينز أن ملفات "فيسبوك" تعطي فكرة أولية عن القواعد التي طورها الموقع، الذي يعاني من ضغوط سياسية كبيرة في أوروبا وأمريكا، حيث تظهر الصعوبات التي يواجهها المديرون في محاولة معالجة التحديات الجديدة، مثل "الصور العارية الانتقامية"، والتحديات التي يواجهها المشرفون المباشرون، الذين يشتكون من كمية العمل الملقاة على عاتقهم، التي تعني بأن لديهم "10 ثوان فقط" لاتخاذ قرار. 

وتورد الصحيفة نقلا عن مصدر هذه الوثائق، قوله: "(فيسبوك) لا يستطيع السيطرة على محتوياته.. لقد تمدد بشكل كبير جدا، وبسرعة كبيرة"، وقال العديد من المشرفين بأن التضارب وغرابة طبيعة بعض السياسات يقلقانهم، فما يتعلق بالمحتوى الجنسي مثلا هو الأكثر تعقيدا وإرباكا.

ويفيد التقرير بأن إحدى الوثائق تذكر أنه يصل "فيسبوك" 6.5 ملايين تقرير في الأسبوع، حول حسابات يحتمل أنها مزورة، مشيرا إلى أن "فيسبوك" يضع قواعد إرشادية، مستخدما آلاف شرائح العرض والصور التي قد تقلق الناقدين، الذين يقولون إن "فيسبوك" ناشر ويجب أن يفعل المزيد لحذف المواد التي تدعو للكراهية والعنف، مشيرا إلى أنه حتى هذه القواعد ربما أثارت قلق دعاة حرية التعبير حول أداء "فيسبوك" دورا أكبر في الرقابة، وغالبا ما يطلب الطرفان شفافية أكبر.

ويقول الكاتب إن "الغارديان" رأت على مدى العام الماضي الوثائق التي وزعت على مشرفي "فيسبوك"، التي تخبرهم بالآتي: 

• التعليقات مثل "يجب أن يطلق أحد النار على ترامب" يجب إزالتها، لأنه بصفته رئيس دولة فإنه يقع ضمن فئة تشملها الحماية، لكن يمكن القول: "لكسر رقبة عاهرة، تأكد من جعل الضغط كله على وسط حنجرتها"، أو القول: "اذهب إلى الجحيم ومت"؛ لأن ذلك لا يعد تهديدا ذا قيمة. 

• فيديوهات الموت العنيف، ما دامت عليها إشارة بأن محتواها عنيف، فليس بالضرورة حذفها؛ لأنها قد تساعد في إيجاد وعي حول القضايا المتعلقة بالأمراض العقلية. 

• بعض الصور المتعلقة بالاعتداءات غير الجنسية على الأطفال، مثل الضرب الجسدي للأطفال، فليس بالضرورة حذفها أو اتخاذ إجراء ما لم يكن هناك عامل سادي أو احتفائي. 

• يمكن مشاركة صور الاعتداء على الحيوانات، وتجب الإشارة إلى طبيعة الصور المثيرة للاشمئزاز في الحالات الشديدة.

• سمح بنشر اللوحات الفنية المرسومة يدويا كلها، التي تعرض صورا عارية، أو نشاطا جنسيا، أما إن كانت اللوحات مرسومة رقميا فلا يسمح بنشرها.

• فيديوهات الإجهاض مسموح بها ما لم تحتو على عري.

• يسمح "فيسبوك" للأشخاص الذين ينشرون صورا مباشرة وهم يحاولون إيذاء أنفسهم؛ لأنهم "لا يريدون فرض الرقابة أو معاقبة الأشخاص الذين يعانون من الضغط النفسي".

• أي شخص لديه 100 ألف أو يزيد من المعجبين يعد شخصية عامة، ويحرم من الحماية الممنوحة للأشخاص العاديين.

وتكشف الصحيفة عن أنه يسمح، بحسب تلك الوثائق، بتعبيرات مثل "على البنت الصغيرة ألا تتدخل لئلا يكسر أبوها وجهها"، أو "آمل أن يقوم أحدهم بقتلك"؛ لأن هذه التهديدات تعد عامة وليست واقعية، لافتة إلى أن "فيسبوك" يقر في بعض تلك الوثائق المسربة بأن "الناس يستخدمون لغة العنف للتعبير عن إحباطهم على الإنترنت"، حيث يشعرون أن ذلك آمن على موقع "فيسبوك". 

وتضيف الوثيقة: "يشعرون بأن القضية لن ترجع لهم، ويشعرون بعدم المبالاة تجاه الشخص الذي يهددونه؛ لعدم وجود التفاعل من خلال التواصل عبر أجهزة، كما يحصل لو كان الأمر وجها لوجه"، وتتابع الوثيقة قائلة إن تلك التهديدات تعد عامة حتى تتحول إلى شكل من التخطيط لإيذاء شخص ما.

وينقل التقرير عن مديرة السياسة العامة في "فيسبوك" مونيكا بكيت، قولها بأن هناك حوالي ملياري مستخدم لـ"فيسبوك"، ومن الصعب التوصل إلى إجماع حول ما يسمح به.

ويبين هوبكينز أن الوثائق المسربة حول سياسات "فيسبوك"، بخصوص الموت العنيف، وصور الاعتداء غير الجنسي على الأطفال، والقسوة على الحيوانات، تظهر مدى الصعوبات التي يواجهها الموقع في التعامل مع هذه الأمور الحساسة.

وتقول الوثائق إن "حالات الموت العنيف قد تكون مثيرة للقلق، لكنها تساعد في خلق وعي، وبالنسبة لتلك الفيديوهات، فإننا نعتقد أن الصغار يحتاجون إلى حماية، والكبار يحتاجون إلى الاختيار"، وأشارت الوثائق إلى أن تلك الفيديوهات تحتوي على تحذير حول عنف محتواها. 

وبحسب الصحيفة، فإن "فيسبوك" يرى أن مثل تلك الفيديوهات يجب حجبها عن الصغار، لكن عدم حذفها مباشرة، ويمكن أن تكون "مفيدة في خلق وعي يتعلق بإيذاء النفس والأمراض النفسية، أو جرائم الحرب وغيرها من القضايا المهمة".

ويلفت التقرير إلى أن "فيسبوك" يبرر السماح بنشر صور الاعتداء غير الجنسي على الأطفال بالقول إن تلك الصور قد تساعد في التعرف على ذلك الطفل وإنقاذه من الوضع الذي هو فيه، وأضاف أنه يضع تحذيرا على مادة كتلك حتى لا يفاجأ المشاهد.

وينوه الكاتب إلى أن "فيسبوك" يسمح بنشر الصور التي تعرض القسوة تجاه الحيوانات؛ بغرض نشر الوعي، وقد يضيف تحذيرا في الحالات الشديدة، بالإضافة إلى أن "فيسبوك" أشار إلى أنه يتم حذف أي صور أو فيديوهات تحتفي بالقسوة تجاه الحيوانات.

وتذكر الصحيفة أن "فيسبوك" أصدر تعليمات جديدة  فيما يتعلق بالعري، بعد الضجة التي أثارها حذف صورة من حرب فيتنام؛ بسبب وجود فتاة عارية في الصورة، حيث يسمح بالصور التي تعد "استثناءات إخبارية"، و"بشاعات الحرب"، لذلك يسمح "بعري الأطفال في سياق المحرقة".

وينقل التقرير عن شركة "فيسبوك"، قولها إنه يتم استخدام البرمجيات لاعتراض المحتوى قبل ظهوره على الموقع، مستدركا بأن "فيسبوك" يريد أن يتمكن الناس من مناقشة القضايا العالمية، ولذلك فإن سياق مشاركة الصور العنيفة أمر مهم.

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن منتقدي "فيسبوك" في أوروبا وأمريكا يرون ضرورة إجبار "فيسبوك" على الالتزام بالقوانين التي تلتزم فيها الوسائل الإعلامية الأخرى ذاتها، إلا أن موقع "فيسبوك" يرى أنه نوع جديد من الشركات التكنولوجية الإعلامية، حيث قالت بكيت: "نشعر بالمسؤولية تجاه كيفية استخدام هذه التكنولوجيا، لكننا لا نقوم بكتابة الأخبار التي يقرأها الناس على موقعنا".
التعليقات (0)

خبر عاجل