سياسة عربية

مجلس الأمن يعلن خروج البوليساريو من "الكركرات" والمغرب يرحب

تفجرت أزمة الكركرات عندما أعلنت الرباط حملة أمنية ضد التهريب والعصابات في 2016- أرشيفية
تفجرت أزمة الكركرات عندما أعلنت الرباط حملة أمنية ضد التهريب والعصابات في 2016- أرشيفية
أعلن مجلس الأمن انسحاب مسلحي جبهة البوليساريو (الانفصالية) من منطقة "الكركرات"، ودعا الأطراف المعنية إلى العودة إلى المفاوضات، كما قرر مجلس الأمن تمديد بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية إلى سنة 2018. 

هذه التطورات الأخيرة نظر لها مغربيا على أن الرباط حققت انتصارا دبلوماسيا في اللحظات الأخيرة من قرار مجلس الأمن، حيث إن جبهة البوليساريو انسحبت ساعة واحدة قبل انعقاد الجلسة حول الصحراء.

الانسحاب

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة في جلسة لمجلس الأمن، في وقت متأخر من ليل الجمعة، انسحاب عناصر جبهة البوليساريو من منطقة كركرات بين الجدار الرملي والحدود مع موريتانيا".

وتابع بيان صادر عن هيئة الأمم المتحدة، السبت، بأن مراقبي بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) أكدوا انسحاب عناصر البوليساريو.

وأقر "مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2351 المتعلق بالصحراء الغربية، الذي قدمت مشروعه الولايات المتحدة الأمريكية، يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) حتى الثلاثين من أبريل/ نيسان عام 2018".

وجدد "مجلس الأمن، في قراره، التأكيد على الحاجة للاحترام التام للاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها مع البعثة بشأن وقف إطلاق النار، ودعا الأطراف إلى الامتثال الكامل لتلك الاتفاقات".

وأكد البيان عزم أمين عام الأمم المتحدة "على إعادة إطلاق عملية التفاوض بدينامية جديدة تعكس قرارات مجلس الأمن الدولي وتوجيهاته؛ من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الجانبين يكفل حق تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية".

أزمة الكركرات

واعترف مجلس الأمن بأن الأزمة الأخيرة في القطاع العازل في "الكركرات" تثير قضايا أساسية تتعلق بوقف إطلاق النار والاتفاقات ذات الصلة".

 ودعا الأمين العام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الأطراف المعنية بالخلاف إلى البحث عن سبل لمعالجة تلك الخلافات.

وأشار بيان صادر عن مكتب المتحدث باسم الأمين العام إلى هذه الخطوة، والانسحاب السابق للعناصر المغربية من المنطقة، بناء على دعوة الأمين العام.

ودعا البيان "الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها، وفق اتفاق وقف إطلاق النار، واحترام نصه وروحه، والتعاون الكامل مع بعثة المينورسو".

وشدد البيان الصحفي "على أهمية ضمان عدم اندلاع توترات جديدة في منطقة الكركرات".

وتعتزم بعثة المينورسو المحافظة على وضعها في القطاع العازل منذ أغسطس/ آب عام 2016، كما ستجري مزيدا من المحادثات مع الأطراف بشأن عمل البعثة المستقبلي في المراقبة بالمنطقة والقضايا المختلفة المرتبطة بالقطاع العازل.

ترحيب مغربي

 من جهته، أعلن السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن "المغرب يرحب بالمصادقة بإجماع الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار 2351، الذي يمدد لسنة واحدة مهمة بعثة المينورسو، إلى غاية 30 نيسان/ أبريل 2018".

وحذر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، الجمعة، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، من أنه "لن تكون هناك عملية سياسية لتسوية قضية الصحراء إذا بقي ولو أثر واحد للبوليساريو في الكركرات".

وأكد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، اليوم السبت، على،"مسؤولية الجزائر  إزاء إحصاء ساكنة مخيمات تندوف"، مشيرا أن "مجلس الأمن وللسنة السادسة على التوالي يذكر بأهمية الإحصاء ويشدد - وهو أمر مستجد هذه السنة- على ضرورة بذل جهود في هذا الاتجاه ".

وأشار البلاغ ذاته، أن المملكة المغربية سجلت بارتياح مصادقة مجلس الأمن، يوم 28 نيسان/ أبريل الجاري، بإجماع أعضائه على القرار 2351 (2017) المتعلق بقضية الصحراء المغربية.

وأوضح البلاغ أن هذا القرار يمدد لسنة واحدة مهمة بعثة المينورسو في النطاق المحدد لأنشطتها الحالية، مشيرا إلى أن القرار، الذي يتناول عدة نقاط، تنسجم وتقييمات وتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة التي تضمنها تقريره الأخير أمام مجلس الأمن (اس -2017 -307 ).

وأضاف المصدر أن مجلس الأمن يؤكد مجددا وبوضوح معايير العملية السياسية كما هي محددة منذ 2007، موضحا أن هذا المسار السياسي يتعين أن تطبعه "الواقعية وروح التوافق"، وأن يأخذ بالاعتبار الجهود التي يبذلها المغرب منذ 2006، وكذا أولوية المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي أشاد المجلس مرة أخرى بالجهود الجادة وذات المصداقية التي تم على أساسها صياغة هذه المبادرة.

وشدد البلاغ على أن هذا القرار يؤكد كذلك على البعد الإقليمي للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء ويبرز مسؤولية دول الجوار وخاصة الجزائر، مشيرا أن مجلس الأمن يضم صوته لنداء الأمين العام للأمم المتحدة من خلال التأكيد على أن "الجزائر وموريتانيا بإمكانهما، بل يتعين عليهما، تقديم دعم مهم لهذا المسار".

تقرير متحيز

 واستبق المنسق الصحراوي مع بعثة المينورسو امحمد خداد، في نيويورك، بأن هناك نزوعا على مستوى الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة لتغيير طبيعة النزاع في الصحراء الغربية، مؤكدا في هذا الصدد رفض الصحراويين كل تفاوض خارج إطار الشرعية الدولية.

وقال خداد في تصريح نقلته وكالة أنباء جبهة البوليساريو، الخميس: "كل هذه المناورات لا تفضي إلى شيء، بل تهدف إلى تغيير طبيعة النزاع. هناك نزوع على مستوى الأمانة العامة نحو تغيير وتمييع طبيعة النزاع والتمهيد لتجسيد نوايا المغرب التوسعية".

ووصف التقرير بـ"المتحيز"، مسجلا أن الصحراويين لن "يقبلوا بأي تفاوض خارج الإطار القانوني للنزاع، وهو تسوية مسألة تصفية استعمار، مهما كانت الضغوطات و المناورات".

دلالات القرار والانسحاب

واعتبر رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، أن انسحاب البوليساريو من منطقة "الكركرات" له أربع دلالات، خاصة أنه جاء ساعة قبل بداية التصويت على القرار بمجلس الأمن الدولي.

وأضاف عبد الرحيم منار السليمي، في تصريح لـ"عربي21"، أن الدلالة الأولى هي أن البوليساريو بهروبها من الكركرات "فشلت في إبعاد الأنظار أثناء مناقشة ملف الصحراء عن قضية تواجدها في الكركرات".

وتابع السليمي بأن "الدلالة الثانية للانسحاب تعني فشل البوليساريو في استراتيجيتها الطائشة، التي بنت عليها التواجد في منطقة عازلة تُشرف عليها القوات الأممية، فالانسحاب تعبير عن إدانة أممية أثناء إعداد القرار لسلوك البوليساريو مهما كانت الصيغة التي أتى بها".

وأفاد بأن "وضع البوليساريو بات مختلفا عن مرحلة ما قبل وصولها إلى الكركرات؛ لكونها تخيلت بتحريض جزائري إمكانية تحدي الأمم المتحدة، وهو الوضع الذي لا يمكن للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أن تسمح به، فلا يمكن للأمم المتحدة أن تسمح بتحدي مليشيات طائشة لقراراتها".

أما الدلالة الثالثة، يضيف السليمي، فإن "مجلس الأمن لا يهتم بالشروط التي روج لها البوليساريو، فالأمر يتعلق بتحول جديد في ملف الصحراء يبدو من خلاله أن مجلس الأمن مقتنع تماما باستنتاجات الأمين العام الجديد غوتيريس، الذي تجاوز كل المفاهيم القديمة التي كانت البوليساريو تروج لها".

وخلص في دلالة رابعة للانسحاب إلى "هزيمة إبراهيم غالي (رئيس البوليساريو) وأبيه الروحي القايد صالح (قائد الجيش الجزائري)؛ لكونهما اشتركا في رسم هذه الخطة العسكرية القائمة على البقاء في منطقة الكركرات".

 وسجل أن "إبراهيم غالي أراد بناء قوته داخل المخيمات بناء على الاستمرار في منطقة الكركرات، واليوم ستكون له صعوبة كبيرة في تبرير هذا الانسحاب، بعد التعبئة التي اشتغل عليها طيلة الشهور الماضية".

وكان المغرب انسحب من الكركرات في شباط/ فبراير 2017 بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بعد أن بلغ التوتر حدا غير مسبوق بين الرباط وجبهة البوليساريو الانفصالية.

وتعد منطقة الكركرات نقطة فاصلة بين المغرب وموريتانيا، مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار بين الرباط والبوليساريو، وتفجرت أزمتها عندما أعلنت الرباط حملة أمنية ضد التهريب والعصابات في آب/ أغسطس 2016.
التعليقات (0)