أكد مختصون في الشأن الإسرائيلي، أن
نتنياهو يحاول أن يستبق لقاء
ترامب-عباس المرتقب بممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية بهدف إخضاعها للإملاءات الإسرائيلية.
وفي تصريح له قبل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعباس في 3 أيار/ مايو المقبل بواشنطن لبحث عملية التسوية؛ رهن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو "دفع عملية السلام بين السلطة وإسرائيل" بتوقف منظمة التحرير الفلسطينية عن صرف مخصصات مالية للأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء، بحسب موقع "i24" الإسرائيلي.
ووصف نتنياهو هذه المخصصات بأنها "تمويل للإرهاب"، مشددا على أن "وقف دفعها هو الاختبار الأول للفلسطينيين".
وسبق أن أصدر وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قرارا يقضي بإعلان الصندوق القومي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير "تنظيما إرهابيا" بسبب الأموال التي يصرفها لعائلات الأسرى والشهداء.
ونقل الموقع الإسرائيلي تعليق النائبة العربية في "الكنيست" الإسرائيلي، عايدة سليمان، على تصريح نتنياهو، بقولها إن "من يعمل على تغذية العنف والكراهية هو وحده رئيس حكومة إسرائيل، وذلك بدعمه المستمر وغير المحدود للمستوطنات".
وفي رده على حديث نتنياهو؛ أكد وزير العدل الفلسطيني علي أبو دياك في تصريح صحفي له، أن "الشهداء والأسرى الفلسطينيين هم ضحايا الإرهاب المنظم وإرهاب الدولة الذي يمارسه الاحتلال"، مضيفا أن "من حق شعبنا القانوني أن يدافع عن نفسه وأرضه وحريته واستقلاله، وأن يكافح بكافة الوسائل القانونية المشروعة دوليا لإنهاء الاحتلال".
حشر السلطة
بدورها؛ اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم، أن ما تفوه به نتنياهو يمثل "محاولة بائسة لتشويه نضالات شعبنا وعناوين مقاومته".
وأكد برهوم في تصريح صحفي أن "الإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه الكيان الصهيوني من جرائم قتل وانتهاكات يومية بحق الفلسطينيين، وحصار مليوني فلسطيني في غزة"، معتبرا أن "كل أشكال الدعم الأمريكي والدولي للاحتلال هي دعم فعلي للإرهاب، وتشجيع على العنف والقتل ضد الشعب الفلسطيني".
وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي، مأمون أبو عامر، أن نتنياهو يسعى إلى "استغلال لقاء ترامب-عباس المرتقب ليمارس الضغط المادي والمعنوي والسياسي على السلطة، ويحشرها في الزاوية عبر زعمه أنها تدعم الإرهاب لإخضاعها للإملاءات الإسرائيلية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "نتنياهو يعمل بشكل مستمر للضغط على حركة النضال الفلسطيني، فهو يرى أن دفع هذه المخصصات المالية يشجع كثيرا من الفلسطينيين على الانخراط في العمل النضالي ضد الاحتلال، على اعتبار أن هناك من يَعول عائلاتهم بعد أسْرهم أو ارتقائهم شهداء".
خطوة استباقية
وأكد أبو عامر أن السلطة الفلسطينية "لا تستطيع أن تقوم بتنفيذ اشتراطات نتنياهو حتى لو أرادت ذلك؛ لأن إقدامها على تلك الخطوة هو قتل لشرعيتها"، لافتا إلى أن "الاحتلال يدرك أنه ليس من المناسب إسقاط السلطة في هذا الوقت، وهذا يؤكد أن اشتراط نتنياهو هو للضغط وليس للتنفيذ" وفق تقديره.
ورأى أن "نتنياهو لم يكن ليقدم على هذه الطلب لولا جرأة رئيس السلطة
محمود عباس في إقدامه على خصم جزء من رواتب الموظفين لدى السلطة في غزة".
وحول موقف واشنطن من تصريحات نتنياهو؛ قال أبو عامر إن "الإدارة الأمريكية كسياسة عامة معنية بالسلطة الفلسطينية؛ طالما أن وجودها على المسرح السياسي يساهم في الحفاظ على الاستقرار الأمني بالمنطقة، في ظل العلاقات الأمنية بين أجهزة الأمن الأمريكية والفلسطينية"، موضحا أن الإدارة الأمريكية "تدرك أنه حتى تعمل السلطة وأجهزتها الأمنية بكفاءة عالية؛ فإنه يجب أن يكون لديها غطاء شرعي أو أخلاقي".
من جانبه؛ رأى أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، أن ما تحدث به نتنياهو "ما هو إلا عملية إذلال للسلطة إلى أقصى حد، ومحاولة لصرف الأنظار عن القضايا الرئيسة، وإشغالها بأمور الترتيبات الحياتية اليومية".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "توقيت تصريح نتنياهو قبل زيارة عباس لواشنطن؛ يأتي للتأكيد على أن عملية السلام لن تسير إلا من خلال الرؤية الإسرائيلية"، مضيفا أنه "يحاول أن يفرض سياسته وشروطه استباقا لأي خطوة في اتجاه استئناف المفاوضات".