منطق الاستبداد والكيانات المتحالفة معه لم يعد منطقا مقنعا بل إنه انكشف اليوم خاصة عند أتباعه وعند السواد الأعظم من الجماهير عن منطق مختل لا همّ له إلا الحفاظ على السلطة القائمة بمنطق القوة لا بقوة المنطق..
تعيش الأنظمة الرسمية اليوم أعمق أزماتها على الإطلاق والتي تتجلي في إنكار الواقع الجديد ومحاولة إعادة الزمن إلى الوراء قسرا من أجل منع كل الحلول والبدائل السلمية التي تطرحها الشعوب..
لقد تحولت صورة الدعاة وصورة المؤسسات الدينية مثل الأزهر في مصر وهيئة كبار العلماء في السعودية إلى محلّ تندّر وسخرية من قبل المجتمعات العربية والإسلامية بسبب ارتهانها الكبير للسلطة السياسية وعدائها المعلن لتطلعات الشعوب في التحرر والنهضة..
إن نهاية المرحلة الحالية من التغيير العربي ستجرف معها النخب السياسية والفكرية العربية التي تبدي اليوم شراسة كبيرة في معاداة ثورات الشعوب وشيطنتها لأن انتصار هذه الثورات يعني نهايتها الحتمية..
ليس أمام النظام الرسمي العربي والقوى الدولية التابعة لها إلا مخرجان لا ثالث لهما: فإما الانقلاب على الثورات الجديدة بالعسكر والدم، أو التسليم بالأمر الواقع وتجنيب المنطقة المزيد من الدماء والخسائر..
مهما كانت المخارج التي ستعرفها الثورة الجزائرية إلا أنها ستكون بلا شك ثورة حاسمة لا في مسار الربيع العربي فحسب بل في مسار المنطقة برمتها لأنها ستقود بلا شك الموجة الثورية الثانية..
الثابت الأكيد هو أن المنطقة العربية مقبلة على تحولات كبيرة في السنوات القليلة المقبلة وأن أعظم هذه التحولات إنما تتمثل في تعاقب الموجات الاحتجاجية والحركات الثورية الشعبية بشكل لن تكون الأنظمة معه قادرة على مواجهتها..
إن نجاح المقاربة القطرية للظاهرة الإرهابية يشكل خطرا مزدوجا على العرّاب ووكيله لأنه يكشف زيف التهمة الأخطر عربيا ودوليا فيعري الأطماع الاستعمارية من ناحية كما يكشف من ناحية أخرى كيف استعمل النظام الرسمي هذه التهمة للبقاء جاثما على صدر شعوب وثرواتها..
شكّل انتصار قطر ببطولة كأس آسيا مفاجأة كبيرة على نحو لم يكن يتوقعه أحد في الخليج وفي المنطقة العربية خاصة بسبب الحصار الظالم المفروض على الدولة العربية الصغيرة.
يبدو ملف الإرهاب ملفا معقدا لا يظهر من مكوناته الحقيقية إلا جزء بسيط يعمل الإعلام العربي والدولي المرتبط بأجندات سياسية خاصة على توظيفه حسب الهدف المراد منه..
رغم كل محاولات الثورات المضادة والقوى العالمية إعادة بناء التحالفات العربية كما كان إلا أن الفوضى المتمددة والمنفلتة تؤكد أن عصرا جديدا بصدد التشكل وهو عصر يتجاوز مسرحيات المحاور المزيفة ويؤسس لمرحلة تصفية الإرث الاستعماري..
إن بروز التيارات السياسية المرتبطة بالإسلام السياسي في الواقع الناشئ الذي خلقته الثورات الشعبية مثل نقلة نوعية في تصور هذه الجماعات وفي أدائها وفي فهم طريقة اشتغالها وتبين الخلفيات السياسية التي تغذيها.
إن المشهد العربي الحالي في شكله الجغراسياسي والاقتصادي إنما هو حصيلة لفعل استعماري كان حاضرا بقوة في المنطقة العربية مشرقا ومغربا منذ القرن الماضي وحتى قبله..
إن ثورات الربيع العربي كانت كلها ودون استثناء ثورات سلمية في منطلقها وكانت مطالبها مطالب اجتماعية ذات خلفية سياسية غير حزبية، إذ رفعت شعارات العدالة الاجتماعية وشعارات الحرية أولا والحرية أخيرا.
إن مدينة القصرين التي شكلت مع مدينة سيدي بوزيد مسقط رأس ثورة الحرية والكرامة بقيت مستهدفة إلى اليوم سواء بالعمليات الإرهابية المشبوهة أو بالاغتيالات ونشر الفوضى والاقتتال من أجل أن يتم حرق الثورة في مهدها..
لا يزال مطلب إلغاء التجربة الثورية التونسية قائما بل وملحا من طرف قوى عديدة شكلت الثورة تهديدا لمجموع المصالح والشبكات التي نسجتها طوال الحقبة الاستبدادية.